كتابات فكرية

سوء إدارة مياه الأمطار..المشكلة والحلول

سوء إدارة مياه الأمطار  ..المشكلة والحلول

كتب:عبدالرحمن علي الزبيب

غرقت معظم المحافظات والمدن اليمنية بـ مياه الأمطار وجرفت المزارع والمنازل والمنشآت بسبب سوء إدارة مياه الأمطار ،وتجاهل الجهات الرسمية المختصة لدورها في الاستفادة منها وعدم إهدارها وتحويلها إلى كارثة، حيث شهدت جميع المحافظات اليمنية هطول أمطار غزيرة لعدة أيام وأسابيع في ظل تحذيرات ودراسات دولية من نضوب المياه الجوفية في اليمن وضرورة توقيف المشاريع الزراعية والتنموية كون المخزون الجوفي من المياه شحيح ويتناقص بشكل كبير. وهذا تناقض كبير وكان يفترض أن مياه الأمطار تغذي المخزون الجوفي للمياه في جميع المحافظات بدلا من إهدارها في المدن الإسمنتية والصحارى والبحار الذي تصب تلك المياه فيها دون الاستفادة منها.

مشكلة إهدار مياه الأمطار ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة تراكم عقود من الفساد والاختلالات في هذا الملف لمنع اليمن من تنفيذ نهضة زراعية وتنموية كبيرة والذي ترتكز بشكل أساسي على المياه،  فإذا فقدت المياه لن يتحقق النجاح لأي مشاريع زراعية وتنموية وبهذا أصبح العبث والتجاهل بمياه الأمطار وإهدارها معيق كبير لأي نهضة زراعية تنموية في الوطن سواء لاستخدام تلك المياه للشرب أو للزراعة والصناعة .

ولتوضيح أهم مشكلات ومسببات إهدار المياه وإهدارها ومقترح المعالجة لها نوجزها في النقاط التالية :

1-سوء التخطيط العام للمدن والمناطق الريفية وعدم تصحيحها وفقا للواقع :

حيث أن مخططات المدن والمناطق الريفية هي نفسها دون أي تعديل وأي مستجدات في تلك المخططات لا تراعي مسارات المياه والتحكم فيها للاستفادة منها حيث كانت المخططات من سابق تهدف إلى انسياب مياه الأمطار نحو المدن وعواصم المحافظات كونها من سابق كانت بساتين ومزارع وتحتاج إلى المياه فكان يتم التخطيط لدخول مياه الأمطار إلى المدن وعواصم المحافظات للاستفادة منها في سقي المزروعات وبعد تشكل المدن الأسمنتية سواء في المدن أو عواصم المحافظات تناقصت بشكل كبير المزارع فيها وخرجت المزارع خارج المدن وعواصم المحافظات ولم يتم بالتوازي مع ذلك إعادة النظر في المخططات لمسارات مياه الأمطار لكي لاتدخل المدن كون الفائدة منها تكون في خارج المدن الذي أصبحت مزارع .

ولمعالجة ذلك نقترح :

إعادة النظر في المخططات العامة للمدن والأرياف بحيث تستوعب مسارات مياه الأمطار وتضمن عدم دخولها إلى المدن وتخزينها خارج المدن وحتى مياه الأمطار داخل المدن يستلزم أن يكون هناك مسارات تضمن خروجها السريع من المدن الأسمنتية  إلى محيطها الزراعي وردم أي منخفضات داخل المدن تتسبب في تجمع واحتقان مياه الأمطار فيها ورفعها ليكون التدفق إلى خارج المدن وعدم تجمعها في الداخل.

2-ضياع مياه الأمطار وإهدارها في البحار والصحارى وتبخرها بحرارة الشمس

بسبب غياب دور الجهات الرسمية المختصة في الاستفادة من مياه الأمطار أصبحت الأمطار عبء كبير على المواطنين وسبب في انجراف المزارع والمنازل لذلك يتم السماح لمياه الأمطار للخروج نحو الصحاري والبحار أو تتجمع في مستنقعات حتى تتبخر بمرور الوقت وحرارة الشمس .

ولمعالجة ذلك نقترح :

الاستفادة القصوى من مياه الأمطار لاستخدامها في الزراعة وفي رفعه مستوى المخزون المائي الجوفي ويكون ذلك عن طريق بناء السدود والحواجز المائية  المتعددة خارج المدن لحجزها ومنعها من الدخول إلى المدن وتخزينها لفترة مؤقتة في السدود والحواجز المائية ويستلزم أن يعقب ذلك إنشاء خزانات مياه مغطاة و عملاقة في كل منطقة لتخزين مياه السدود فيها والحفاظ عليها من التبخر والضياع مع اتخاذ الإجراءات الفنية اللازمة لمنع تعفن المياه بسبب حفظها في خزانات مغلقة .

كما يستلزم إلى جوار إنشاء السدود وخزانات المياه أن يتم إنشاء حفر ترابية عملاقة وكبيرة وتسيير مجاري المياه لتتدفق إلى تلك الحفر لتمتلئ ويتم منها نزول مياه الأمطار إلى خزانات المياه الجوفية الطبيعية ومنع وقطع جميع مسارات المياه  المتوجهة نحو البحار او الصحاري والقفار وتحويل مساراتها للحاجز ومخازن المياه العملاقة .

3-تداخل مياه الصرف الصحي مع مياه الأمطار

بسبب سوء إدارة المياه بشكل عام وخصوصا مياه الأمطار يلاحظ تداخل مياه الأمطار مع مياه الصرف الصحي في كل المحافظات بسبب توقف وعدم استكمال مشاريع الصرف الصحي في اليمن وهذا التداخل بينهما يتسبب في انتشار الأمراض والأوبئة وتلوث المياه الجوفية .

ولمعالجة ذلك نقترح :

استعجال استكمال تنفيذ مشاريع الصرف الصحي وأماكن تخزينها ومعالجتها ومنع تداخل مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي بالتحكم بمسارات حركة مياه الأمطار لتكون بعيدا عن مشاريع الصرف الصحي وبعيدا عن المواقع المخصصة لتجمع مياه الصرف الصحي وتخزينها .

4-انتشار مستنقعات وتجمعات مياه الأمطار وجرف المزارع والمنازل

بسبب سوء إدارة مياه الأمطار يلاحظ وجود مناطق داخل المدن منخفضة ولم يتم رفعها مما يتسبب في تجمع المياه وتحولها إلى مستنقعات وهذا نتيجة غياب إعداد الخطط الواضحة للمدن والمحافظات.

ولمعالجة ذلك نقترح :

إعادة النظر في الأراضي المنخفضة داخل المدن والمحافظات وردمها لرفعها عن مستوى مسارات المياه للحيلولة من تجمعها وتكوين مستنقعات مائية بالإضافة إلى منع البناء في مجاري سيول الأمطار وتظليلها ومنع البناء فيها دون استثناء واتخاذ إجراءات عاجلة لنقل المنازل من مجاري السيول الى مناطق مرتفعة عل منسوب مياه الأمطار.

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية الاستفادة القصوى من مياه الأمطار والحد من تحولها إلى مشكلة بسبب سوء إدارتها وترحيل معالجتها والانشغال بملفات أخرى رغم أهمية الاستفادة من مياه الأمطار كون اليمن من ضمن الدول الذي تفتقد إلى موارد مائية متعددة فلا يوجد انهار ولا غيول عملاقة  ولا مشاريع تحلية مياه البحار بل يتم الاعتماد بشكل كامل على مياه الأمطار كمصدر وحيد للمياه سواء للشرب او الزراعة وإهدار ذلك المصدر وعدم الاهتمام به يتسبب في نضوب المياه وتوقف كافة المشاريع الزراعية والتنموية وستكون اليمن بلاد غير مشجع للسكن والإقامة فيها وغير مشجع لتنفيذ مشاريع زراعية وصناعية وتنموية لعدم توفر المياه وأن توفر فتكلفته مرتفعة.

يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة لتحويل مياه الأمطار من مشكلة إلى فرصة لمعالجة نقص منسوب المياه وتغذية مخزون المياه الجوفية بمياه الأمطار ومنع إهدارها في الصحارى والبحار أو تبخرها بحرارة الشمس.

يستلزم منح مياه الأمطار أولوية في الملفات المطروحة على طاولة الحكومة الجديدة والبدء بإجراءات عاجلة ومستعجلة لإعداد خطط تهدف للاستفادة من مياه الأمطار ومنع إهدارها وضياعها وتنفيذ تلك الخطط في اقرب وقت ممكن بتعاون جميع الجهات ذات العلاقة وفي جميع المحافظات دون استثناء وإلى جوار ذلك يستلزم أن يتم البدء بالتحكم  في مسارات مجاري سيول الأمطار ، منعها من دخول المدن أو التجمعات السكنية، وبناء الخزانات العملاقة المغطاة لحفظ مياه الأمطار فيها وإنشاء حفر ترابية عملاقة في هذه المسارات لامتصاصها وتشبيع خزانات المياه الجوفية الطبيعية، كما يستلزم سرعة استكمال مشاريع الصرف الصحي ومنع تداخلها مع مياه الأمطار، كما يستوجب دراسة مستوى انخفاض الأراضي في المدن والتجمعات السكنية واتخاذ إجراءات عاجلة ، لقطع طريق تدفق مياه الأمطار إليها وردم ورفع المناطق المنخفضة،لتحد من تكوين المستنقعات المائية ، ونؤكد أن سوء إدارة مياه الأمطار يحولها من نعمة إلى نقمة..   

عبدالرحمن علي علي الزبيب

اعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا:حلول مقترحة لتجنب العاصمة صنعاء فيضانات السيول

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى