كتابات فكرية

سماحة أبو هادي .. فزت ورب الكعبة

سماحة أبو هادي .. فزت ورب الكعبة

كتب : حسين السراجي

        ما زلت أتذكر العبارة الخالدة والمدوية التي قالها السيد حسن رضوان الله عليه يوم استشهاد نجله الأكبر هادي :

( الحمد لله الذي اختار ولدي شهيداً فجعلني من عوائل الشهداء ) .

وأضاف : ( كنت أستحي عندما أزور عوائل الشهداء وليس لي شهيد والآن صرت منهم ) .

الله ما أروع هذا الكلام وما أعظم المشاعر النبيلة للقائد الذي يستشعر واجبه .

إنه يشعر بالحرج والخجل من ذوي الشهداء !! إنه ليس القائد الذي يحافظ على أهله دون الآخرين فأبناء السيد الشهيد رضوان الله عليه يقاتلون مثلهم مثل غيرهم .

كان السيد حسsن سلام الله عليه يدرك أن الشهادة في محطته التي سيترجل فيها في أي لحظة .

فاجعة استشهاده ميلاد جديد لآلاف المقاومين والمجاهدين الذين سينبتون من دمه ويسيرون على خطاه بإذن الله ، هكذا هو حزب@الله وهكذا هي أمتنا إن قُتل قائد لا يعني قتل شعب أو نهاية قضية بل هو ميلاد جديد للشعب وللقضية .

ساعة عصيبة وصعبة التي يرحل فيها القائد البطل الشهيد أبو هادي وهو مصاب كبير وبلاء عظيم نزل بساحة المجjاهدين والأحرار .

عندما ينزل البلاء ونودع كل يوم قائداً وشهيداً في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وغيرها فليس أمامنا سوى الصبر والثبات على الحق بإيمان راسخ مع التسليم والرضا بقضاء الله وقدره والثقة المطلقة بعدالته سبحانه وأن ما نعانيه من بلاء هو امتحان لنا في ديننا وامتحان في إيماننا وفي شرفنا وفي كرامتنا لكن سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير هي انتصار الحق وهزيمة الباطل .

إن الجهاد من أجل الحق يجب ألا يساوم الباطل ولا يستسلم له فالحق لا يمكنه التعايش مع الباطل ، الحق الذي لا يتجذر ولا يكافح الباطل ولا يقاومه ولا ينطوي على قدر المقاومة ومشروعية المقاومة ليس بحق فهو في الحقيقة باطل يرتدي ثوب الحق .

        سيدي القائد الشهيد أبو هادي : نبكيك ونذرف عبرات اللوعة والأسى حزناً وألماً ، نبكيك لأنك مثال الوفاء لأمانة الشهداء وتقدير المسؤولية ، ولأنك الذي فرض التميز في كل مراحل حياته .

تاريخك يحكي تسلحك بالوعي والإيمان والبصيرة وحسن الإدارة والقيادة والنضج السياسي والقناعة بأنه لا خلاص للأمة من سيطرة الاستكبار وتحرير الأرض المحتلة إلا بانتهاج الكفاح المسلح لاسترجاع الحرية المسلوبة والسيادة المفقودة .

نبكيك سيدي ، لأنك المثال والنموذج في حب الوطن واعتناق قضاياه والإخلاص في الدفاع عنه، لأن الحياة بالنسبة لك موقف وقضية ورسالة .

نبكيك سيدي ، لأنك شخصية تتسم بالرزانة والهدوء والقوة التي صقلتها تجربتك الطويلة في المقاومة والقيادة والنضال .

رجل حوار واستماع ، لم يُعرف عنك أنك تفردت برأي أو تعصبت لموقف ، ماعدا المبادئ التي لا تقبل التنازل وهذا هو معدن الرجال ، مهما كانت العواصف والأعاصير ، لا يحولون ولا يتحولون ، فكم أمسكت الجمر حتى لا تُفرط في مبادئك !!

نبكيك سيدي ، لأنك قائد جسور وفارس مغوار ، مارست السياسة بأسلوب مميز لم ترضخ للابتزاز أو المساومة عندما يتعلق الأمر بخطوط حمراء ، تتصل بالدين والقيم والمبادئ ومقومات الهوية الوطنية وقضية فلسطين وتحرير مزارع شبعا وكل قضايا الأمة المصيرية .

أيها الراحل الذي أوجع رحيله ملايين الأحرار في هذا العالم : لئن كانت الشهادة وسام اصطفائك الرباني ، فإن سخاء تضحيتك وحرصك على خدمة وطنك وقضيتك وأمتك سيبقى نبراساً ومبعث فخر واعتزاز .

أيها القائد العملاق : لا تنس أن تحمل إلى مثواك في جنة الخلد سلام أمة مظلومة وشعب منكوب مظلوم في فلسsطين إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

بلِّغ رسول الله منا السلام ، بلّغه سلام الأمهات الثكالى ، بلّغه سلام الأطفال والأيتام ، بلغه سلام المجاهدين والمطاردين والأسرى خلف القضبان ، وقل له يا رسول الله : من يدافعون عن دينك وشريعتك في الأرض قليل يخافون أن يتخطفهم الناس .

إن بحراً من الدمع يفيض في عيوننا لغيابك سيدي العظيم ، لكننا لن نقف مختنقين بالدم والوجع ، سنتابع المسير بإذن الله ، وفينا دمك الثائر ، ووسامك السامي وسنضرب عميقاً لنصل إلى قرار النبع بإذن الله فتتحرر فلسsطين ونصلي في القدdس كما كنت تحلم .

من غيرك سيدي ، يستحق أن يوارى جثمانه في مربع الشهداء ، رفقة إخوانك ؟ إنك لا تبحث عن شهرة ولا عن مجد ، كان هذا إيمانك ومسيرة حياتك الجهادية ، ولذا نودعك بحسرة وأسى ، لأنك تركت أثراً طيباً في حياتنا ، نستلهم من سيرتك عبق البذل والتجرد والإخلاص والصدق والوفاء والتضحية .

ختاماً للشهادة جلال ، كما أن للفقد مرارة وألماً ، فوداعاً أيها السيد الكبير ، وداعاً فالتاريخ يفخر بك اليوم وغداً .

لقد رحلت يا سيدي ، إلى دار الحق والبقاء ، وعزاؤنا فيك أنك تركت وراءك من يذكرونك بكل الحب والمودة والاعتزاز ، وعوّضك عن جjهادك جنة الخلد وليتغمدك الله برحمته الواسعة ، وينزلك بجوار النبي وعلي وسائر أهل النعيم .

عزاء الجمعة

‏سافرتَ من عصرِ النبيِّ لعصرنا

بمُهِمَّةٍ أتممتها بوفاءِ

والآن عُدتَ إلى (الوصيِّ) و(أحمدٌ)

فتحَ الكِساءَ وقال : عُد لكِسائي

يا (حمزةَ) الثاني لدينِ (محمدٍ)

يا ثالثَ (الحسنين) لـ (الزهراءِ)

دمُكَ الزكيُّ وُضوءُ فرضِ صلاتنا

في المسجدِ الأقصى مع الشُرَفاءِ

عزاؤنا أنك سيد الشهداء

اقرأ أيضا للكاتب:أبو هادي .. هامةٌ وقامة !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى