سقط بشار
سقط بشار
- أحمد سليم الوزير
هكذا بعد معارك سريعة سقط نظام البعث في سوريا، قبل أن يدخل ترامب البيت البيض سقط بشار، لكن الحقيقة أن الأسد لم يكن أسدا إلا على أبناء شعبة، لقد كان الأسد عبئ على محور المقاومة، فالرجل لم يكن همه إسلامي بل قومي جاف.
في ٢٠١١ قامت ثورة في سوريا ، ثورة حقيقية شعب يريد إسقاط نظام ظالم لكن هذا الشعب كان عبارة عن جموع غاضبه، لا تمتلك مشروع واضح الكل كان يترقب.
استغلت أمريكا الوضع كما تفعل دائما، كان الهدف إسقاط نظام بشار الممانع للتطبيع مع إسرائيل واستبداله بنظام موالي لها،
لكن لن يكون الموضوع سهل، ذكر حمد الجاسم رئيس وزراء قطر سابقا بأنه تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة و تم تحديد ميزانية ضخمه ٢ تريليون دولار.
بدأ التسليح للمجاميع المختلفة، الجيش الحر ، جبهة النصرة ، أحرار الشام ، داعش وغيرها.
لم تكون سوريا الأسد مقاومة بل كانت ممانعة، وهناك فرق كبير
فالمقاومة تقتضي القيام بعمليات تتضرر منها إسرائيل ،ولكن الممانعة تعني عدم الاستعداد للتطبيع مع إسرائيل، رغم ذلك فسوريا الأسد كانت مهمة جدا لمحور المقاومة، فموقعها الاستراتيجي يشكل الشريان الرئيسي الذي يربط إيران بلبنان وتسليح حزب الله يمر عبرها .
إذا فهناك طرفين السلطة الظالمة الذي تدعم المقاومة و المعارضة الظالمة الذي تدعم إسرائيل، هناك في سوريا بدأت الحرب المقاومة من موقع المضطر قررت أن تدافع عن النظام خصوصا بعد انتشار جرائم داعش و وضح ارتباطها بإسرائيل .
الأسد استعان بروسيا الحليف الاستراتيجي ، روسيا كانت تخشى من نجاح المشروع القطري الأوربي بانشأ أنبوب غاز يمتد من قطر إلى القارة العجوز ، والذي سيؤثر على إنتاجية روسيا من الغاز الذي يذهب معظمة لدول الاتحاد الأوربي ، لهذا شاركت روسيا إلى جانب الأسد .
أصبحت سوريا ساحة صراع دولي و بشار الأسد من رئيس دولة قوية ذات سيادة إلى دنبوع بيد حلفائه و كذلك بالنسبة للمعارضة السورية ليست سوى أداة بيد الأمريكي والإسرائيلي.
استمرت الحرب حتى استطاع النظام السوري حصر المعارضة في أطراف سوريا بينما ظل مسيطر على الوسط ومعظم مساحة سوريا، من ٢٠٢٠ كان النظام السوري يحاول تحسين علاقاته مع دول الخليج وكسر العزلة حتى وصل به الحال إلى إخراج السفير اليمني من سوريا ، رغم ذلك مازال محور المقاومة يوصل دعمه لبشار .
بعد طوفان الأقصى وبينما كان أهل غزة يقتلون كان بشار يكتفي ببعض التصريحات الفارغة رغم أن إسرائيل تحتل الجولان السوري ، ورغم أن إسرائيل دعمت المعارضة بشكل مباشر و بالغارات جوية ، تجرأت إسرائيل أكثر فقصفت القنصلية الإيرانية في دمشق واغتالت الكثير من القيادات ، بالنسبة لسوريا كتفت بتصريح فارغ أنها تكتفي بحق الرد.
لابد أن محور المقاومة الذي قدم الكثير من الدماء في سوريا بدأ وكان الأسد تخلى عنه، كذلك كان الرئيس يهمش المستشارين الإيرانيين ولم يعد يهتم بنصائحهم، و حتى بعد أن تم اغتيال السيد حسن نصرالله لم يعزي النظام السوري إلا بعد يومين.
هكذا أصبح النظام السوري ينظر بان بقائه أهم من أي عمل مقاوم وأصبح مطمئن بان تفاق استانه بين روسيا وتركيا و إيران قد ضمن بقائه واستمراره، لقد حاول النظام التقرب من دول الخليج من جانب وتهميش المحور من جانب آخر، حتى أتت ساعة الصفر و أدرك الأمريكي والإسرائيلي بان حزب الله في اضعف حالته وان الروسي مشغول بأوكرانيا فأعطوا التعليمات لمليشياتهم بالتقدم نحو دمشق.
لم يكن النظام السوري قادر على القتال منفردا فحتى الحاضنة الشعبية لم تكن تمتلك قضية حقيقية تقاتل لأجلها فالعقيدة غائبة والاقتصاد منهار و الفساد مستشري، بالنسبة للمقاومة أصبح بقاء بشار له تكلفه كبيره جدا ، صحيح انه وفر ممر استراتيجي هام تتغذى منه المقاومة ، لكنه لم يهدد إسرائيل بطلقة واحده، وأصبح من الواضح أن النظام يبحث عن كسر العزلة حتى وان كان الثمن التصالح مع من دمروا سوريا من حكام الخليج .
سقوط النظام لا يعني بان السوريين قد حققوا تطلعاتهم ، مازال معظم السوريين من وجهة نظري يعيشون نشوة الانتصار على بشار، لكنهم لا يدركون بان مستقبل سوريا ما يزال غامض فالمليشيات كثيرة وتتبع أطراف دوليه لها مصالح مختلفة، و سقوط بشار قد يعني تمزق سوريا إلى أكثر من دولة متناحرة، او قد تستمر سوريا دولة موحده لكن تابعة رغم أن هذا السيناريو مستبعد.
الطموح الإسرائيلي كبير جدا ويشمل التوسع نحو نهر الفرات ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال حروب تنهك الداخل السوري، و تؤدي إلى سخط شعبي يجعل من إسرائيل بديل ممكن.
في الختام .. سقط النظام السوري فلا داعي للحزن المبالغ عليه ، سقط الأسد ولم يكن أسدا إلا على شعبة لم يطلق طلقة نحو إسرائيل ، صحيح خسرنا ممر استراتيجي هام لكن ستبقى المقاومة مستمرة فهي فكرة و الفكرة لا تموت.
اقرأ أيضا للكاتب:ما بين ثورة الحسين وثورة الـ21سبتمبر