حين يصبح الاستشهاد وقودًا للانتصار

حين يصبح الاستشهاد وقودًا للانتصار
المقاومة كضرورة وجودية: حين يصبح الاستشهاد وقودًا للانتصار
المطبعون والمتصهينون مصيرهم مزبلة التاريخ لا تغتفر الخيانة ولا ينسى العار
- أمين الجبر
الأربعاء23يوليو2025_
في المعارك المصيرية، حيث يتجاوز الصراع حدود الجغرافيا ليصبح صدامًا بين مشروعين حضاريين، تتحول التضحيات إلى شعلة تضيء درب النصر. فالسقوط الجسدي للقادة والمحاربين ليس نهاية المطاف، بل هو بداية تحول جذري في ديناميكية الصراع؛ فالمبادئ لا تقاس بعدد الأرواح، بل بقدرتها على إشعال روح المقاومة في الأجيال المتعاقبة. وهنا يطرح السؤال الجوهري: كيف تتحول التضحيات إلى رأس مال رمزي يعيد تشكيل وعي الأمم ويعجل سقوط مشاريع الهيمنة؟.
في الصراعات الوجودية – كتلك التي تخوضها غزة اليوم – تختزل المعادلة في صراع بين إرادتين: إرادة الاحتلال المدعومة بقوة النار، وإرادة المقاومة المدعومة بقوة الإيمان. فحين يستشهد القادة، لا تضعف الروح القتالية، بل تتحول دماؤهم إلى وقود ثوري يذكي لهيب المواجهة. هذه الظاهرة تفسرها نظرية التضحية المقدسة (كما رصدها فرانز فانون)، حيث يتحول الموت إلى فعل تحريضي يعيد تشكيل الوعي الجمعي، ويحول الهزيمة العسكرية المؤقتة إلى انتصار استراتيجي طويل الأمد.
الاحتلال يعتمد على معادلة القوة المادية، لكنه يفشل في فهم أن المقاومة تعمل وفق معادلة مختلفة: منطق التاريخ. فالأفكار لا تموت بموت حامليها، بل تنتقل كالفيروس الثوري بين المضطهدين (بحسب تشي جيفارا). وهذا ما يفسر استمرار المقاومة في غزة رغم اختلال الموازين العسكرية: فـ”الهزيمة التكتيكية” قد تكون بوابة لـ”انتصار استراتيجي” حين تتحول التضحيات إلى سردية جماعية تحركها عدة عوامل لعل من أهمها: العامل الاعتقادي حيث الإيمان بقدسية القضية يخلق مناعة دائمة ضد اليأس، كذلك العامل الأيديولوجي، حيث تصادم المشروعين (الاحتلال والمقاومة) يحول الصراع إلى حرب حضارات، ناهيك عن العامل الجيوسياسي إذ احتلال الأرض ينتج بالضرورة رد فعل تاريخيًا (نموذج الجزائر وفيتنام).
على أية حال فإن التاريخ يسجل دائمًا أن المنتصر الحقيقي ليس من يملك القوة و الصواريخ والأسلحة الحديثة، بل من يملك الإرادة التي لا تنكسر. وغزة – برغم الحصار والدمار والتجويع – تكرس هذه الحقيقة؛ فالمقاومة ليست خيارًا عسكريًا فحسب، بل هي قدر أخلاقي ضد كل أشكال الاستبداد. أما المطبعون والمتصهينون، فمصيرهم مزبلة التاريخ، حيث لا تغتفر الخيانة ولا ينسى العار.
لتبقى في نهاية المطاف العبارة: “لن يموت الشعب الذي يُقدم أبناءه قربانًا للحرية.. وسيبقى درب المقاومة – مهما طال – هو الطريق الوحيد إلى العزة والكرامة” خالدة الفكر في الوعي العام للشعوب، محفورة الذكر في الوجدان الجمعي للأمة.
اقرأ أيضا:ناجي العلي، الوطن والفن في الممارسة السياسية (3-3)
اقرأ أيضا:حماس تستنكر الصمت العربي والإسلامي حيال الإبادة والتجويع في غزة
