حديث عن المأزق العاطفي وانحراف الأمة
حديث عن المأزق العاطفي وانحراف الأمة
* لطف قشاشة
يقول الدكتور علي شريعتي ( لقد وقعنا في المأزق العاطفي إذ تكلمنا بسخاء عن الحسين ونسينا بسخاء مماثل القضية التي ضحى من أجلها ) ..
كلام بسيط ومختصر لكنه يحوي معان عظيمة تغافل عنها اغلب محبي الحسين ( عليه السلام ) والسبب كما حدده الدكتور علي شريعتي ( المأزق العاطفي ) ..
الحسين شخصية محورية في ذاكرة التاريخ الإسلامي والإنساني شخص يحمل الصفات الكاملة كيف لا وهو من هو من القرب من ببت النبوة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا شملته العناية الإلهية والرعاية النبوية والتربية العلوية والحنان المتدفق من البتول الزهراء عليهم السلام مضافا إلى كل ذلك الكمال الخلقي البدني التام ..
قضية ( المأزق العاطفي ) ليست محصورة في شخصية الحسين بن علي ( عليه السلام ) الذي خصص له المسلمون وخاصة إخوتنا في الطائفة الاثنى عشرية مساحة واسعة جدا جدا من الثناء والتقديس والمديح بلغت مبلغا لا يكاد يخفى آلا أن ذلك الشيء ظل يتمحور عن ذات الشخصية في غالب الأطروحات وصفها شريعتي بالسخاء ولكنها لم تقابل بنفس السخاء الذي يدور حول قضيته التي قدم حياته من اجلها ..
المأزق العاطفي تكرر قبلها مع شخص النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقد أفرط كتاب التاريخ والسيرة في وصف الكمال الخلقي والخلقي للنبي ( ذات النبي ) وهو محمود بالتأكيد لكنه من هول المأزق العاطفي نسي هؤلاء في زحمة الشمايل المحمدية أن يتوسعوا في الرسالة الخاتمة التي حملها الرسول لإخراج الناس من الظلمات إلى النور فوقعت الأمة في مأزق آخر أشد فتكا من المأزق العاطفي حين لم يحيطوا بماهية ( رحمة للعالمين ) وحقيقة ( خاتم المرسلين الذي جاء بالرسالة الخاتمة التي تصلح لكل زمان ومكان ) ..
تقديس الأشخاص مأزق متوارث يأتي من عاطفة جياشة بدأت محمودة وانتهت إلى تعظيم أشخاص منحرفون تمكنوا بأساليب منحرفة غير سوية من تربع عروش التقديس لأشخاصهم رغم خطورة مشاريعهم وسلوكياتهم الهدامة ..
الإسلام جعل للتقديس معايير منضبطة سوية تجمع بين العاطفة والعقلانية لذلك لن تجد طغيان العاطفة الذي قد يقود الى طغيان التعصب مكانا عند الواعين بالقضية والمنهج الذي حمله ويحمله هؤلاء الأشخاص المقدسون ..
المأزق العاطفي انحرف بالأمة تدريجيا إلى متاهات ما انزل الله بها من سبيل فتفرقت بالآمة وذهب ريحها ..
الأشخاص مهما كانت مكانتهم ووظيفتهم في هذه الدنيا إن لم يكن للعقل المصاحب للمنهج الحق الذي أراده الخالق ( الاستخلاف والعبادة ) فهم معرضون للانحراف وقد يتساقط الكثير منهم في الطريق وما احمل الوصف القرآني ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ) ..
من هنا كان للوعي ضرورة في معرفة من نقدس ولماذا نقدسه حتى لا نقع في مأزق موالاة الظالمين والطغاة ..
يقول الإمام علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) اعرف الحق تعرف أهله فالحق منهج وقضية راسخة في وجدان الناس تحركهم عمليا للعمل وفق ما يحدده هذا المنهج وتلك القضية عندها فقط نعرف آن هؤلاء هم المحقون وتدفعنا معرفتهم الى ان نسلك المسلك السوي عندما نمضي في تقديرهم وتقديمهم والاقتداء بهم عندما يستوجب الحال ذلك الاقتداء ولن نسقط في مستنقع المنحرفين ..
أعظم شخصية عرفتها البشرية هي شخصية النبي الخاتم بالإجماع عند العقلاء بالطبع فكيف انحرفت الآمة عن رسالته ؟
لكي نجيب على هذا التساؤل سنعيد قراءة ما أشار إليه الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين الحوثي وهي قراءة مهمة عندما المح إلى طريقة تعاطي الأمة في نقل السيرة النبوية حينما كانوا يذهبون إلى تفاصيل هامشية ولا يشيرون إلى فعل وتأثير وحضور شخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تلك الأحداث حتى غيب النبي وغيبت شريعته وانساقت الأمة لتبحث عن رموز وأشخاص آخرون ما لبث الزمان مع طول فترة الانحراف أن غيب شخص النبي وغيبت شريعته وبرزت أسماء شيطانية قدست وهي ابعد ما تكون عن الانتماء للإسلام ..
وباختصار وحتى لا نخوض في تفاصيل فما نشهده اليوم من صراع بين الحق والباطل وبروز جانب الباطل بكثرة ( مشركين ومنافقين ) ما هو الإنتاج الانحراف عن منهجية التعرف على الحق ( منهج وقضية ) واللهث وراء سراب المأزق العاطفي حتى صار ترامب ( الكافر ) وسلمان ( المارق ) قادة الخير في العالم وهو الذي أظهره سابقا المنحرفون بأن الدعي بن الدعي ( معاوية ) أميرا للمؤمنين وأمثاله كثيرون لا يتسع المجال لحصرهم …
ختاما يجب علينا ( أن نعرف الحق لنعرف أهله ) إن أردنا خيري الدنيا والآخرة ونخرج من المأزق العاطفي ..
والله من وراء القصد ..