كتابات فكرية

جريمة انحياز القاضي وعقوبتها وفقا للقانون

  جريمة انحياز القاضي وعقوبتها وفقا للقانون

بقلم/ عبدالرحمن علي الزبيب

 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات كل قاضي تعمد الحكم بغير الحق نتيجة رجاء أو توصية أو وساطة أو ميل لأحد الخصوم .))

ما ورد أعلاه هو نص المادة (188) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 لسنة 1994م … ولكن؟

منذ تاريخ صدور القانون المذكور أعلاه عام 1994م لم يتم حبس أي قاضي بسبب انحيازه وميوله لأحد أطراف الخصومة القضائية.

بالرغم من أن بعض المواطنين في اليمن يشكون من انحياز بعض القضاة وميولهم لأحد أطراف الخصومة القضائية ويتحولون إلى غرماء لا قضاة وواضح انحيازهم وميولهم في القرارات والأحكام القضائية الذي تنحرف بشكل واضح وصريح عن الحق والعدالة والذي تعتبر تلك قرائن واضحة تثبت انحياز وميول القاضي وانطباق نص المادة (188) عقوبات عليه واكبر مؤشر لذلك ملف القضية وأيضا جلسات المحاكمة الذي يحولها القضاة المائلين المنحازين إلى حلبة مصارعة في مواجهة الطرف الآخر في الخصومة القضائية فيتم رفع الصوت فوقهم وتهديدهم وسبهم واستحقارهم ورفض إثبات العرائض والدفوع المقدمة منهم وكل ذلك للتمهيد لقرارات وأحكام متلاعب في إجراءاتها وظالمة .

هناك نماذج إيجابية لقضاة محترمين نزهاء وغير منحازين يديرون جلساتهم باحترام كامل لطرفي الخصومة القضائية دون تمييز ولا انحياز ولا ميول يديرونها باحترام ولا يرفضون إثبات أي دفع أو عرائض من أي طرف كان ولا يرفضون الاستماع لشهادة شهود أي طرف لتتحرك القضايا لديهم في مسار نزيهة وعادل يشجع أطراف الخصومة القضائية لمتابعة إجراءات المحاكمة وتقديم أدلته وعرائضه دون خوف ولا تهديد من قاضي منحاز أو مائل ليصدر الحكم والقرار القضائي من واقع ملف القضية ومحاضر جلسات المحاكمة وأدلة وعرائض أطراف القضايا دون محاباة ودون قناعة مسبقة ودون اجتزاء ودون انحياز لطرف ضد آخر .

نحن في اليمن نحلم في اليوم الذي تدخل فيه إلى المحاكم والنيابات كمدعي أو مدعى عليه لاتهدر كرامتك عند قاضي متلاعب ولا مائل تطرح كل مالديك تقدم دعواك وأدلتك وشهودك ودفاعك دون تلكوء ولا مضض ولا تهرب من القاضي تدخل المحكمة أو النيابة إنسان وتخرج منها إنسان محفوظ كرامتك تحضر الجلسات وأنت فرح ومؤمل بالحق والعدل غير خائف من تهديد وتعسف وتنمر القاضي تحضر أمام القاضي باطمئنان قاضي يحقق العدالة والإنصاف بحياد دون ميول.

هل يتحقق حلمنا بالإمكان تحقيقه إذا قام التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى والنائب العام بدورهم في التحقق والرقابة وضبط جميع القضاة المنحازين المائلين المتمالئين واجتثاثهم من جذورهم ليصبح القضاء حصرا لقضاة نزهاء محايدين لا مائلين ولا متمالئين .

للأسف الشديد واقع الحال يوضح بأنه تم تعطيل نص المادة 188 عقوبات  منذ تاريخ صدوره عام 1994م  من قبل مؤسسات القضاء المختصة بتنفيذه وهي مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي والنائب العام والذي يستلزم عليهم التحري والتحقيق والرقابة على جميع القضاة وتجميع خيوط الأدلة وإحالة جميع القضاة المتورطين في هذه الجريمة إلى السجون وعزلهم وإلزامهم بدفع التعويضات القانونية للمتضررين من تلك الجريمة وفقا لقانون السلطة القضائية النافذ وعدم إلزام المواطنين إثبات شكاويهم في انحياز وميول القضاة فملفات القضايا تكشف بوضوح ميول وانحياز بعض القضاة والسكوت عن اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتهم هو تشجيع وتحفيز لبقية القضاة للميل والانحياز وإذا مال وانحاز القاضي ضاعت العدالة واختل ميزانها.

نحن هنا نطالب مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي والنائب العام باحترام القانون وتطبيقه على القضاة دون تمييز وتنظيف القضاء من الفساد والذي لن يتحقق ذلك إلا بإجراءات صارمة تعزز ثقة المواطنين في القضاء وتمنع تفاقم الاختلالات وعودة القضاء كصرح شامخ محايد وعدالة عمياء الجميع أمامها متساوون ويطبق عليهم القانون .

القضاء ملزم بتطبيق نصوص القانون على منتسبيه وعدم الاكتفاء بتطبيق نصوص القانون على المواطنين فهم أيضا مواطنين ويلزم تطبيق القانون عليهم .

لن يكون هناك قضاء نزيه وعادل ما لم يتم تطبيق نص المادة 188 عقوبات وعزل وحبس جميع القضاة المنحازين المائلين في قضائهم وفقا للقانون لتعود شرايين العدالة للسريان في جسد القضاء الذي أصبح مثخن بالاختلالات .

يجب أن يتحقق تغيير ملموس في مؤسسات القضاء يلامسه المواطنين في ميدان المحاكم والنيابات الذي يجب أن تخلو من القضاة المنحازين والمائلين لتعود مؤسسات القضاء إلى مسارها الصحيح الخالي من الفساد والمجاملات والانحياز.

نصوص القانون لم تصدر لتدخل في بطون أدراج مجلس القضاء الأعلى بل جاءت لتنفيذها في ميدان القضاء يجب ان تفتح جميع شكاوى المواطنين المحفوظة في التفتيش القضائي وتحقيقها وتطبيق نص المادة 188 على كل قاضي مائل ومنحاز من المعيب اكتفاء التفتيش القضائي بإجراءات دنيا لا ترقى إلى تطبيق القانون في مواجهة القضاة المائلين والمنحازين لأحد أطراف الخصومة القضائية لا يكتف فقط بتنبيههم أو نقلهم من مكان إلى آخر يستلزم عزلهم وحبسهم وتعويض المتضررين من انحياز وميول القضاة وتطبيق القانون نصاً وروحاً.

من أهم أسباب عدم تطبيق نص المادة 188 عقوبات :

 1- ضعف الوعي المجتمعي بنص المادة 188 من قانون العقوبات

ولمعالجة ذلك :

يستلزم نشر نص المادة 188 عقوبات وتوعية المواطنين بها ليتقدموا بشكاويهم إلى التفتيش القضائي ضد جميع القضاة المنحازين المائلين عن الحق .

2- ضعف وتعقيد إجراءات التفتيش القضائي في التعامل مع شكاوى المواطنين ضد القضاة المائلين والمنحازين

 بسبب خلل في إدارة الشكاوى بالتفتيش القضائي والذي يقوموا بالدفاع عن القضاة والاتصال بالقضاة المشكو بهم لإبلاغهم وتحذيرهم من الشكاوى ضدهم وعدم قيام التفتيش القضائي بدورهم في التحقق والتحري والرقابة ضد القضاة المنحازين المائلين و تحميل المواطن عبء إثبات شكواه و عدم اهتمام التفتيش القضائي بها .

ولمعالجة ذلك :

يستلزم تسهيل إجراءات تقديم شكاوى المواطنين إلى التفتيش القضائي ضد القضاة المنحازين المائلين وتغيير إدارة الشكاوى بالتفتيش القضائي ومنعهم من إبلاغ وتحذير القضاة من الشكاوى ضدهم ومنعهم من الدفاع على القضاة المشكو بهم وتبرير جرائمهم لتخذيل المواطنين من تقديم شكاويهم ضد القضاة وكذلك وجوبية تفعيل دور التفتيش القضائي في التحقق والتحري والرقابة على القضاة المنحازين المائلين  وتجميع الأدلة تمهيدا لعزلهم وعدم تحميل المواطنين عبء إثبات شكواهم الذي يصعب رقابة المواطنين على القضاة  ،ويستلزم تفعيل دور التفتيش القضائي في تحقيق ذلك بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لإثباتهم بالجريمة .

3- الضعف التقني والالكتروني للرقابة على القضاة في مبنى المحكمة أو النيابة

بسبب عدم تركيب كاميرا تسجيل صوت وصورة لقاعات المحاكم والنيابات ومكانتها وأحواشها ومحيطها وعدم حفظ التسجيلات صوت وصورة لكل ما يدور في مباني المحاكم والنيابات وقاعات جلساتها .

ولمعالجة ذلك :

يستلزم تركيب كاميرات في جميع مباني المحاكم والنيابات وقاعاتها ومكاتبها واحواشها وربطها الكترونيا بمقر التفتيش القضائي للرقابة وحفظ التسجيلات صوت وصورة والذي قد تحتوي أدلة تثبت ميول وانحياز القضاة .

4- ضعف التأهيل النفسي والعصبي للقضاة

قد لا يكون في جميع الأحوال القاضي المنحاز المائل فاسداً وإنما قد يكون نزيهاً ولكن لم يتم تأهيله وتدريبه نفسيا وعصبيا لإدارة الجلسات بحكمة وحياد دون انحياز ولا ميول قد يكون قاضي مائل ومنحاز بسبب العاطفة ومحاولة بعض أطراف الخصومة القضائية الإيقاع به في مستنقع المسكنة والترحم والاستعطاف ليجره نحوه ويميل ضد الطرف الآخر وبسبب غياب التأهيل النفسي والعصبي ينجر القاضي ليرتكب جريمة الميول والانحياز .

ولمعالجة ذلك :

يستلزم أعداد منهج تدريبي نفسي وعصبي وإدخال جميع القضاة في تلك الدورات لتأهيلهم نفسيا وعصبيا في عدم الانجرار والانحياز والميول مع طرف ضد طرف وضمان حياديته وعدم انحيازه وعدم الاستماع لطرف في خصومة في المكاتب أو قاعات الجلسات إلا بحضور الطرف الآخر حتى لا يؤثر فيه ويطلب من أي طرف تقديم عريضة مكتوبة وممهورة بتوقيعه بما يريد ليتم ضمها لملف القضية وتسليم نسخها منها للطرف الآخر ومواجهته بها ليرد عليها وبهذا يضمن حياد القاضي ويحد من ميوله.

 وفي الأخير :

نؤكد على أهمية إصلاح القضاء ولن يتحقق ذلك إلا بضمان حيادية القضاة وعدم انحيازهم وعدم ميولهم ليستعيد الشعب ثقته في قضاء نزيه ومحايد ،ونؤكد أن الانحياز والميول للقاضي أثناء نظره القضايا والفصل فيها تعتبر جريمة وفقا لنص المادة 188 عقوبات يستوجب عزل وحبس القاضي سبع سنوات وتعويض المتضرر من تلك الجريمة تعويض عادل وفقا للقانون ونأمل من مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي الاهتمام بذلك وتصحيح أي انحرافات او اختلالات في عمل القضاة وتطبيق نص المادة 188 عقوبات ضد جميع القضاة المنحازين والمائلين في إجراءاتهم وقراراتهم وأحكامهم دون تمييز ولا استثناء لان استمرارهم في العمل القضائي يشوه القضاء ويفقد المواطنين ثقتهم فيه.

 عبدالرحمن علي علي الزبيب

إعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا:ملاحظات على تعديلات قانون السلطة القضائية في اليمن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى