كتابات فكرية

تأييد أحمد الشرع: بين الخوف والأمل

 تأييد أحمد الشرع: بين الخوف والأمل

الاثنين 13يناير2025_

  • حسن الدولة

في سياق الأزمة السورية، برزت شخصيات متعددة تحمل في طياتها أفكارًا ورؤى متباينة. من بين هؤلاء، يتميز أحمد الشرع بشخصيته المثيرة للجدل، التي تجمع بين النفور والخوف. ولعل ما يلفت الانتباه في تأييد البعض له هو أنه لا ينبع من انفتاح أفكاره أو مدنيتها، بل يعود إلى توقعات سابقة كانت تتعلق بمذابح جماعية يُنظر إليها من قبله كإرهابي موثّق.

تاريخيًا، عُرف أحمد الشرع كأحد الشخصيات المحورية في الصراع السوري، حيث كان يُنظر إليه كرمز للقوة والهيمنة. ومع تصاعد الأعمال الوحشية في البلاد، بدأ الكثيرون في الشارع السوري يشعرون بالخوف من أن يؤدي تصعيد العنف إلى مذابح جماعية قد تقضي على ما تبقى من الأمل في الحياة الكريمة. وفي ظل هذا المشهد المظلم، ظهر الشرع كبديل يبعث على الأمل، رغم أنه لم يقدم على أي بادرة حقيقية نحو التسامح أو التغيير.

ما يجذب التأييد للشرع هو قدرته على تقليل حدة العنف، حيث انتقل من العلنية إلى الخفاء. بدلاً من أن يكون القتل موثقًا وعلنيًا، أصبح يمارس في الظلال، مما أعطى انطباعًا بأنه يسعى إلى تحقيق الاستقرار. هذا التحول يُظهر كيف يمكن للعنف أن يتخذ أشكالًا جديدة، تترك أثرًا نفسيًا عميقًا على المجتمع.

 وما يجرى اليوم في سوريا يعكس بوضوح الحالة النفسية التي يعيشها الشعب السوري. فقد أصبح الخوف هو الدافع الرئيسي للتأييد، حيث يُفضّل الكثيرون أن يتقبلوا الشرع كقائد لهم، على أن يواجهوا مصيرًا أسوأ. هذا الوضع يُظهر كيف يمكن للخوف أن يتحكم في الخيارات السياسية، ويجعل الناس يرضخون للواقع القاسي.

رغم أن الشرع يقدم تطمينات لفظية، إلا أن غياب أي بادرة حقيقية نحو التسامح مع السوريين يُظهر أن التأييد له لا يمكن أن يُعتبر دعمًا حقيقيًا. إن الحاجة إلى وجود قادة يروجون لقيم مدنية وتسامحية هي حاجة ملحة في هذا الوقت، ولكن الافتقار إلى تلك المبادرات يجعل التأييد للشرع يُعتبر تأييدًا للواقع المرير أكثر من كونه دعمًا لرؤية مستقبلية.

بالإضافة إلى ذلك، يلعب الإعلام الغربي والعربي دورًا محوريًا في تشكيل صورة أحمد الشرع وتأطيرها. بينما يُظهر الإعلام الغربي الشرع كشخصية يمكن أن تكون بديلاً محتملاً، يصور الإعلام العربي التأييد له كنوع من الأمل في استقرار المنطقة، مما يساهم في تزيين صورته. لكن هذا التأييد يتجاهل العديد من الحقائق، مثل عدم مصافحته أو قبوله للرؤية الشعرية للمرأة، مما يشير إلى أنه يتبع فقه الضرورة عند أهل السنة، وهو مفهوم يتطابق مع مبدأ التقية عند الإثني عشرية.

إن هذه الديناميكيات تُظهر كيف يمكن للإعلام أن يُستخدم كأداة لتشكيل الرأي العام، مما يزيد من تعقيد المشهد السوري. في النهاية، يشير تأييد أحمد الشرع إلى تناقضات معقدة داخل المجتمع السوري. إن استمرار هذا التأييد في ظل غياب التغيير الحقيقي والتسامح قد يكون له عواقب وخيمة على مستقبل البلاد. يجب أن يُفهم هذا التأييد ليس كعلامة على القبول، بل كصرخة من الخوف والأمل في آن واحد.

اقرأ أيضا للكاتب:الدولة المدنية سفينة نجاة اليمنيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى