المفكر الكبير القاسم بن على الوزير ….مسيرة جهاد .. وعنوان تضحية
المفكر الكبير القاسم بن على الوزير ….مسيرة جهاد .. وعنوان تضحية
عبدالغني العزي ..
رحل المفكر الإسلامي الكبير والسياسي البارع القاسم بن علي الوزير عن دنيانا في الوقت الذي ما نكون أحوج لبقاه واستمرارية عطاءه ليكتمل مشواره الجهادي ونضاله السياسي ومشروعه التنويري الفكري الملهم لفئات الشعب المختلفة والمعزز لتوجهاتها لوطنية والملبي لتطلعات المجتمع التي طالما ناضل الشعب لتحقيقها.
رحل الشاعر الأديب الإنسان ولكنها لم ترحل أفكاره وغاب شخصه عن شعبه ومحبيه ولكنها لم تنعدم بصماته وآثاره لقد رحل فقيد الأدب والسياسة وترك لكل محبيه ولجميع معاريفه في الداخل والخارج فكرا تنويريا و مشروعا وطنيا متكاملا ناضجا طالما نادى به وسعى لتوضيح معالمه و نشر مفاهيمه وغاياته وحلم كواحد من شعب عظيم بتحقيق أهدافه ليعم الخير وتزدهر البلاد ويسود العدل بين الجميع ويتشارك الكل في البناء والتشييد والعيش الكريم والتسامح الإنساني وفق السنن الكونية والشريعة الإسلامية الغراء التي جاءت لتحرير الإنسان من ظلم أخيه الإنسان.
إن العظماء والمفكرين التنويريين هم الثروة الحقيقية للأوطان وهم الشموع المضيئة لمسارات التقدم وهم عناوين التضحية ورموز المحبة والتسامح وبغيابهم تغيب المثل العليا ويتضاءل الوهج الفكري وتنعدم الرؤى الصحيحة الصائبة ويحل بدلا عنها التخبط والأنانية والنعرات العرقية والجهوية والمناطقية كبديل حتمي لملئ الفراغ وبالتالي تعم الفوضاء ويعلو الجور وينحسر العدل ويتسيد الظلم ويقدس الانحراف والجهل تعيش الأمم في صراعات لا تنتهي وتشتت لا نهاية له وتؤدي بالشعوب لتكون فرائس سهلة لإطماع الطامعين وجور الأنظمة والمستبدين ..
لقد كان لفقيد الوطن الكبير القاسم بن علي الوزير محطات نضالية و وملاحم جهادية وطنية متسلسلة منزو نعومة أظفاره وقد استمر في تعزيزها بكل ما أوتي من قوة عبر كل الوسائل المتاحة حتى تبلور مشروعه وظهرت ملامحه وعلى شأن أفكاره التي ما برح ينادى بها ويدافع عنها في ظل الأنظمة القمعية والاستبدادية التي عايشها في مسيرته الحياتية في مختلف المحافل المحلية والدولية والتي بسببها وجهت إليه سهام الحقد ونبال التخلف والجهل ولكنه في كل مراحل المواجهة مع معاول الهدام ما يلبث أن ينتصر. بحكمته المعهودة وبصيرته الثاقبة المستلهمة من الهدى الرباني الذي يستمد منه جهاد الأبطال وعزيمة المؤمنين فيزداد الحاقدين عليه حقدا وبالمقابل يتضاعف عطاءه اتساعا وقبولا.
لقد أتت إلى الفقيد المناصب العليا ساعية فأغلق بابه دونها وحاولت المغريات المتنوعة ثنيه عن قناعاته و مشروعه فلم يلتفت إليها ورأى في البعد عن الأضواء وعن الوطن وسيلة ناجحة للحفاظ علي سلامة الفكر ونقاوة الأهداف ولكنه كان حاضرا بفكره ومعالم ثقافته معززا ملامح مشروعه في مختلف المحطات الوطنية حتى خافه المستبد وارتجف من صلابته الطغاة والظلمة فكون مع شقيقه إبراهيم بن علي الوزير ثنائي صلبا يتقاسما هموم الأمة ويحملان أعباءها وحملا من اجل الانتصار لها مشاعل النوير وجواهر الإنقاذ عقودا من الزمن بل لقد رسما ثنائي النضال الوطني للأجيال مسارا واضحا وغرسا في ثنايا التاريخ شجيرات العطاء المثمر و الفكر المستنير وببصيرة المؤمن ورؤية الحريص استطاعا تحديد بؤر العلل وعوائق النهوض التي حالت دون الارتقاء بالوطن إلى مصافي الأوطان الراقية وأعاقت تقدمه وازدهاره وزعزع آمنه واستقراره لا بل لم يكتفي هذا الثنائي الجهادي بذلك بل حددا بدقة الخبير وبرؤية الطبيب العلاج الناجع لتلك العلل والمعضلات والتي ستعالج ذلك و تحقق نهض شعب طالما حلم وتطلع إلى تحقيق أهدافه الوطنية والممثلة في الشورى في الأمر والعدل في المال والخير في الأرض والتي كانت وما زالت مثلث الخلاص من معاناة التخلف والظلم والاستبداد .
وها هي وكما قال الله تعالي (أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ستطل أهداف متجددة يقتبس منها الأجيال ما يحمي أفكارهم ويحقق طموحاتهم ويخدم شعوبهم كونها محور أي خطوات جادة لإنقاذ الوطن وانتشاله ..
لقد كان رحيل مؤلم. حقا ان تغادرنا شخصيات عظيمة كالقاسم وشقيقه الكبر إبراهيم والذين مثل غيابهما خسارة وطنية للمشروع وللوطن إلا أن ذلك الغياب لن يثني الأجيال من استلهام المجد والسير في مسار الجهاد والعمل و الاستمرارية في حمل الفكر والمشروع والسعي الحثيث لتحقيقه علي الواقع ..
وهذا ما يمكن التنبؤ به بل والتأكيد على حدوثه وفاء للفقيدي الوطن الكبيرين القاسم وشقيقه الأكبر إبراهيم والذي نسال الله لهم الرحمة والمغفرة وان يجزل لهم الثواب نظير خدمتهما لوطننا وشعبنا بدون منا ولا أذا.
اقرأ أيضا:إبراهيم بن علي الوزير.. العظماء لا يغيبون