العرف القبلي

العرف القبلي
- أمين الجبر
الثلاثاء 11 نوفمبر 2025-
برغم عدم إيماني الجذري بعرقية القبيلة كإطار كنتوني أو منظومة أيديولوجية ضيقة الأفق تكرس الإقصاء والتحزب، خاصة بعد تهذيبي الذهني ونشأتي على قيم إنسانية كونية تتجاوز الفئوية والمذهبية والجغرافيا، وما تبقى لي من ارتكاز أخلاقي مستمد من القرآن الكريم، إلا أنني لا أنكر تأثيرات هذا الواقع الثقافي العميق والقديم، وأُقر بأنه يشكل جزءاً لا يتجزأ من تكوين شخصيتي ووجداني.
هذا الفضاء المفتوح الذي صنعته رحلتي الفكرية بين جدليات الأيديولوجيا ومفاهيم الفلسفة، ومدعوم بيقينيات دينية سامية، لم يمنعني من الاعتراف بضرورة إعادة قراءة العرف القبلي ومراجعة قيمه، فلا بد من انتقاء الإيجابي فيه، الذي يقدّم حلولا فاعلة وقيمية لقضايا مشتعلة ومعقدة، قضايا عجزت عنها المؤسسات الرسمية والقضائية لعقود.
إن العرف القبلي لا يكتسب قيمته فقط لكفاءته العالية في معالجة النزاعات المعقدة، بل أيضاً لشرفه الإنساني في تصنيفه للرجولة والشهامة، ولمجده الخالد في ثقافة الشرف والأخلاق، حيث تتجلى فيه كرامة الإنسان ونخوته، وتسمو القيم لتشكل منظومة أخلاقية راقية، قادرة على تذويب الخصومات وإذابة الأحقاد، وهو ما شهدته عن قرب في مواقف عدة.
بناءً على ذلك، أطرح سؤالاً جوهرياً: هل يمكن لأنظمة وقوانيننا السياسية المعمول بها أن تحل مستعصيات اليمن السياسية، وأن تفكك محركات الأزمات المزمنة، كما تفعل القبيلة بعرفها وحكمتها؟ أم أننا بحاجة إلى عرف سياسي جديد؛ لعالم جديد؛ قبيلة السياسة القادرة على تحقيق الاستقرار المرجو وتجاوز عقدتنا الوطنية؟
أقرأ أيضا: الأستاذ البغدادي يكتب عن خطورة الانقسام على مستقبل اليمن



