الامارات.. ناطق الصهاينة الرسمي في المنطقة

الامارات.. ناطق الصهاينة الرسمي في المنطقة
بقلم / إبراهيم الحبيشي
الاثنين 22 ديسمبر 2025-
لم تكن القضية الفلسطينية يومًا مجرد ملف سياسي عابر، بل كانت – ولا تزال – ميزان الشرف العربي، ومعيار الانتماء الحقيقي للأمة وقضاياها المركزية. غير أن ما أقدمت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الأخيرة شكّل انقلابًا أخلاقيًا وسياسيًا على هذا المبدأ، وانتقالًا صريحًا من مربع الادعاء بالدعم إلى التحالف العملي مع المشروع الصهيوني.
لم يكن اتفاق “أبراهام” سوى الإعلان الرسمي عما كان يجري في الخفاء منذ سنوات. فقد اختارت القيادة الإماراتية الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني، ليس بدافع السلام، بل ضمن صفقة سياسية – أمنية – اقتصادية، قُدّمت فيها فلسطين قربانًا لمصالح ضيقة، وحسابات تتقاطع مع الرؤية الأمريكية – الإسرائيلية للمنطقة.
هذا التطبيع لم يوقف الاستيطان، ولم ينهِ الحصار عن غزة، ولم يحمِ المسجد الأقصى من الاقتحامات، بل على العكس: جاء كجائزة مجانية للاحتلال في ذروة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
تدّعي الإمارات أنها تلعب دور “الوسيط” أو “صانع السلام”، لكن الوقائع تقول غير ذلك. فالعلاقات الإماراتية – الصهيونية تجاوزت التمثيل الدبلوماسي إلى شراكات أمنية وعسكرية وتكنولوجية، في وقت كان فيه الاحتلال يشنّ الحروب على غزة، ويغتال الأطفال، ويهدم البيوت، ويهوّد القدس.
كيف يمكن لمن يسلّح الجلاد، ويتبادل معه المعلومات، ويستثمر في اقتصاده، أن يدّعي الحياد؟
إنه انحياز كامل للمحتل، وخيانة صريحة لدماء الشهداء.
الأخطر من التطبيع السياسي هو التطبيع الثقافي والإعلامي. فقد تحوّلت بعض المنصات الإماراتية إلى أدوات لتشويه المقاومة الفلسطينية، وتجريم كل من يرفع صوته ضد الاحتلال، في مقابل تلميع صورة “إسرائيل” وتقديمها كدولة طبيعية في المنطقة.
هذا السلوك لا يخدم السلام، بل يخدم الرواية الصهيونية، ويستهدف وعي الأجيال العربية، في محاولة لقطعها عن تاريخها وقضيتها المركزية.
قد تنجح الأنظمة في توقيع الاتفاقيات، لكنها تفشل دائمًا في شراء ضمير الشعوب. فالقضية الفلسطينية أكبر من الحكّام، وأعمق من المصالح المؤقتة. وكل من اختار الاصطفاف مع الاحتلال، سيبقى في الجانب الخطأ من التاريخ، مهما حاول تزيين خيانته بشعارات السلام والاستقرار.
إن ما قامت به دولة الإمارات ليس “خيارًا سياديًا” كما تزعم، بل خيانة سياسية وأخلاقية لقضية عادلة، واصطفاف فاضح مع مشروع استعماري إحلالي. وستظل فلسطين تفضح كل من خانها، لأن الدم لا يُنسى، والحق لا يسقط، والتاريخ لا يرحم.
اقرأ أيضا للكاتب:الأطماع الصهيونية وتصدّي جبهات المقاومة.. معركة الوجود والمصير




