كتابات فكرية

الأستاذ البغدادي يكتب عن خطورة الانقسام على مستقبل اليمن

الأستاذ البغدادي يكتب عن خطورة الانقسام على مستقبل اليمن

الاثنين 10 نوفمبر 2025-

يوميات البحث عن الحرية .. حول حياة الدولة وخطورة الانقسام على مستقبل اليمن!

  • عبد العزيز البغدادي

سيقتصر حديثنا في هذه اليوميات حول حياة شخص الدولة اليمنية (الاعتباري) (المعنوي) بالذات مع الاشارة إلى أهم جانب من جوانب دورة حياته مقارنة بحياة الشخص الطبيعي والفارق الجوهري بينهما.

واول علامات هذا الفارق، ان دورة حياة الدولة مستمدة من حياة الشعب.

ومن اوجه الشبه بين دورتي حياتهما ان الدولة الشخص الاعتباري كالشخص الطبيعي تولد وتكبر وتقوى وتضعف وتمرض وتموت أحيانا.

وأما اهم اوجه الاختلاف فان حياة الشخص المعنوي او الاعتباري مكتسبة تنبع من فعالية بنائه كمؤسسة سواء كان على مستوى الدولة عموما او هيئة من هيئاتها أو سلطاتها والشخص الاعتباري يمكن أن تتجدد حياته إلى مالا نهاية تبعا لفعالية السلطات وما تبذله من جهود تؤدي الى المحافظة على بقاء الدولة بل وتتنامى قوتها وتكبر بتنامي قوة السلطة.

ومن المعلوم ان الدولة تتكون من ثلاثة اركان هي: الاقليم-  والشعب-  والسلطة.

والشعب هو صاحب الحق في الركنين الاخرين، ومن خلال تفاعل الشعوب تولد السلطة التي أطلق عليها دائما الركن المتحرك من اركان الدولة المشار اليها.

والشعب الحي ينتج سلطة حية تؤدي وظيفتها بمسؤولية، وعنصر الاحساس بالمسؤولية هو اعلى درجات الحيوية والتطور التي وصلت اليها مؤسسات السلطة في البلدان الحرة الديمقراطية المتطورة بكل تفرعاتها.

واهم اشكال الانظمة السياسية اليوم هي التي وصلت الى حالة تمثل عنصر المسؤولية في طريق الوصول بالمجتمع الى مرحلة التمسك بمبدأ المواطنة المتساوية واحترام مبدأ سيادة القانون، والفصل بين السلطات واختيار الحكام وتغييرهم من خلال الانتخابات الديمقراطية النزيهة (التداول السلمي للسلطة) التي تكتسب من خلالها الشرعية.

وتجري هذه المجتمعات مراجعة دورية للتأكد من حسن التطبيق لهذه الاسس والمبادئ.

لقد وصلت البلدان المتطورة الى مرحلة الوعي التام بكون السلطة بكل تفرعاتها والمسؤولون بكل درجاتهم ليسوا سوى موظفين لدى الشعب وخدام له، يستوي في ذلك جميع السلطات القضائية- التشريعية – التنفيذية.

ومن حق الشعب ان يتأكد من كونها تؤدي وظائفها على الوجه الاكمل، ولضمان ذلك استوجب ايجاد رقابة برلمانية وشعبية سابقة ومصاحبة ولاحقة.

وغاية الرقابة والمحاسبة بكل انواعها التأكد من حسن اداء سلطات الدولة لواجباتها تحقيق المصلحة العامة للشعب والمجتمع صاحب الحق في السلطة والثروة كما تنص على ذلك الدساتير والقوانين المختلفة.

ومن أبرز مهام السلطة حسب اوجه الاختصاص حماية اراضي الدولة وثرواتها ومقدراتها ومياهها الاقليمية والقيام بواجباتها الدولية في حماية ما يجب عليها حمايته من حرية الملاحة وفقا لقواعد القانون الدولي والدفاع عن سيادتها على كامل اقليمها، واحترام المعاهدات والاتفاقات والمواثيق الدولية.

ولها في سبيل ذلك تسخير القدرات اللازمة والممكنة وضرورة تطويرها بما يحقق الدفاع الكامل وضمان عدم تعريضها لأي اعتداء والقيام بكل ما تقتضيه هذه الواجبات.

وفي حالة الانقسام يجب على كل سلطات الامر الواقع المنقسمة المتصارعة وجميع السلطات التي طال أمد انقسامها في أرجاء اليمن ان تحترم وحدة المبادئ الدستورية والقانونية وأن تمتنع عن المساس بهما بإصدار قوانين جديدة لا تمتلك أي مسوغ دستوري في إصدارها لان ذلك عمل من أعمال الانفصال العملي وهو عمل مجرم.

 وأن تحافظ كذلك على وحدة اراضي الدولة اليمنية المسجلة في الأمم المتحدة والا تمس هذه الوحدة باي وجه وأن تقف بجد ضد أي اختراقات وأن لا تفرط في أي شبر من اراضيها وثرواتها لأنها مؤتمنة على الجزء الذي وضعت يدها عليه بصورة غير مشروعة ما ساعد المتربصين باليمن على زيادة تدخلهم اللامشروع في شئونه، وبسط نفوذهم على أجزاء منه .

 ويجب ان تعمل عملا حثيثا على استعادة وحدة اراضي الدولة اليمنية لكي تستعاد شرعيتها المعترف بها دوليا وتقاوم كل اشكال التدخل.

بهذا يمكن إثبات الشرعية الحقيقية وليست الشرعية اشخاص فرطوا في سيادة اليمن وساعدت المتدخلين في شئونه على استمرار تدخلهم باسم دعم الشرعية وهم في حقيقة الامر الد أعداء الشرعية التي أهدرتها الاطراف المتسابقة على السلطة بأغلى الاثمان وهي التفريط في السيادة.

إن كل حق يتبعه حق الدفاع عن الوطن أولا وقبل شيء، ودون قبول لأي اعذار او مبررات او اجتهادات نابعة من مصالح شخصية او جهوية او مناطقية او مذهبية لان هذه المصالح ضد المصلحة العامة ولاشرعية لها مطلقا.

ومن المعلوم أن اي سلطة تعجز عن تحقيق المصلحة العامة من حق الشعب ان يستبدلها بسلطة جديدة سواء كانت مدعية للشرعية الدستورية او الشرعية الثورية، وكل من فرط او سبب في معاناة الشعب اليمني ينبغي ان يحاسب من قبل السلطة التي يجب الاسراع في انتخابها لتستعاد الشرعية الحقيقية الموحدة.

إن شرعية اي سلطة تظهر بالممارسة والفعل وليس بالشعارات والادعاءات والاكاذيب والتضليل الإعلامي ودعم ما يسمى المجتمع الدولي الذي تسيره دول مارقة تتلاعب بالشرعية كلعبة الشطرنج وبما يخدم مصالحها هي.

ومن خلال تتبع عوامل حسن إدارة وسياسة الدول (الشخص الاعتباري) او المعنوي يبرز وجه من وجوه الاختلاف بين حياة الفرد الطبيعي وحياه الدولة كشخص اعتباري من اشخاص القانون الدولي.

والشخصية الاعتبارية كما أسلفنا تجدد نفسها عبر حيوية شعبها ونخبها التي تتولى عملية تغيير السلطة كأداة فاعلة لأداء المهام المنوطة بها شعبيا.

وأبرز علامات حيوية الدول وقوتها وضعفها مدى قدرتها على دراسة اسباب الضعف او القوة-  النصر او الهزيمة!

انها بذلك يمكن تجنب اسباب انهيار الدولة او سقوطها او تمزقها وانقسامها وتمدها بأسباب جديدة متجددة للحياة.

والدولة التي لا تعترف بالهزيمة او الضعف لا ترى اسبابهما ما يجعلها بكل بساطة تسير في طريق الهلاك والاضمحلال.

اما التي تعتمد على المكاشفة والشفافية ولغة الشراكة الوطنية والوضوح فأنها تعترف بالهزيمة والضعف وتعد العدة لمقاومة اسبابهما، وتقوم بكل ما يتوجب عليها لتجنب السقوط والموت من خلال ضخ اسباب الحياة في عروق كيانها المعنوي الاعتباري الذي يتغذى بالطاقات الخلاقة من ابنائها وتجند كل الامكانيات لتكون رهن ارادة هذه الطاقات روح الدولة ومصدر قوتها!

ومن اهم هذه الطاقات واكثرها حيوية الطاقة البشرية المؤهلة والتي لديها الاحساس بالمسؤولية الوطنية، والتي لا تشغل افرادها الطموحات المريضة في الاستيلاء على السلطة واستباحة المال العام والوظيفة العامة والاستحواذ عليها من خلال تولية الاقارب والمحسوبين، واعتماد مناهج الانظمة العنصرية التي لا يترتب عليها سوى هلاك الدول والشعوب معا!

هذا عن حياة الشخص الاعتباري او المعنوي أما عن الشخص الطبيعي فإنه يمتلك حياة ذاتية بيلوجية واحدة، وهي حياة عضوية لها عمر محدود نسبيا تتفاوت بتفاوت الافراد في عوامل كثيرة مثل الصحة والبيئة والاقتصاد.

 ومهما طالت حياة الإنسان (الشخص الطبيعي) فإن من المحتم أن مصيره الموت كنهاية حتمية، رغم ان هناك مساعي حثيثة لتحسين الصحة ورفع مستوى متوسط عمر الانسان ومع ذلك فنهايته البيلوجية تبقى حتمية مهما طال عمره.

وأفضل عمل يقوم به هو الإخلاص في أداء دوره الوطني ليتجدد عمر دولته ويتحسن أداء سلطاتها بما يعود على كل ابنائها بالخير والمحبة والسلام.

هل لعينيك يا صاحبي ان ترى ما ارى؟!

وهل تسمع اذنيك ما يستحق السماع؟

أيحلو لك مُرً الحياة وحلو الخطاب؟!

حروب الكلام صناعتهم

يغذي الدمار.

والدعاوى هداهم

واكل الربا نهجهم

وشرب الدماء

 في وضح الشمس

رغم كل الدعاوى

وكل الكلام 

فماذا ترى وماذا تروم؟

اقرأ أيضا للكاتب: الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب عن التداول السلمي للسلطة

اقرأ أيضا: الإعلام وتشكيل الوعي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى