من وحي ميلاد منقذ البشرية محمد الرسول البشير
من وحي ميلاد منقذ البشرية محمد الرسول البشير
بقلم الأستاذ المفكر الكبير : إبراهيم بن علي الوزير
أي عالم ذلك الذي غرف فيه الإنسان في ليل الجاهلية الخانق لأنفاس الحياة، فالبشر يعبدون بعضهم بعضا ، ومناهج الحياة تصيغها شهوات المتالهين على الأرض من الأكاسرة والقياصرة … ومن جماجم البشر التي تحصدها مناجل الحرب الدائمة تصنع سعادة المترفين الفاسقين، وتضيع حقوق المستضعفين في الأرض!
حقا لقد كان ذلك العالم مشرفا على نهاية فاجعة كتلك التي أدت ذات يوم في تاريخ الإنسان إلى ابتلاع مياه الفناء له بعد أن لفظته إشراقة الحياة يوم نادى نوح ربه :
( وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا _ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ) سورة نوح- آية (26_27)
وينظر إلى القلة المؤمنة في حنان :
( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِـمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْـمُؤْمِنِينَ وَالْـمُؤْمِنَاتِ) سورة نوح- آية (28)
يذكره حنانه ويؤكد في دعائه بالذين سمموا الحياة بظلمهم فيكمل دعائه في يقين مستبصر : (وَلَا تَزِدِ الظَّالِـمِينَ إِلَّا تَبَارًا ) سورة نوح- آية (28)
تلك هي الصورة التي انتهى إليها العالم الذي غرق في بحر من ظلمات الشر تعصف بوجوده وتهدده بالمحو والزوال، فإذا بالعالم المتداعي المتآكل تشرق عليه شمس الخلاص بمولد المنقذ للعالم الذي أخرجه من الظلمات إلى النور .
فياله من عالم فقد العقيدة التي أغرقتها ظلمات الوثنية . فإذا بشمس التوحيد تضيء وجه الحياة؛
“قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ (2) لَـمْ يَلِدْ وَلَـمْ يُولَدْ (3) وَلَـمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)” سورة الإخلاص.
«ليس كمثله شيء » “خالق كل شيء”.
يا له من عالم مزقته العنصريات والقوميات والتآله في الأرض، فإذا بصوت الله يضع مكانها العبودية لله وحده والإخوة العالمية والكونية …《 تَعَالَوْا إِلَى كَلِـمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِـمُونَ 》 سورة آل عمران- آية (64)
《يا أيها الناس إنا خلقناكم من نفس واحدة》 . « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ 》سورة الحجرات- آية (13)
《وما أرسلناك الا رحمة للعالمين.》
عالم : يتآله البشر بعضهم على بعض فيحرمون ويحلون ما شاءت أهواء بعضهم البعض حين حرر الله الناس بأن الحاكمية له وحده :
《ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون». 《ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون》سورة المائدة الآية .
وانتصر محمد الرسول البشير .. وفي بضع سنوات من الجهد البشري السائر وفق سنن الله شهدت الأرض خير أمة أخرجت للناس تدعوا إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وتضع موضع التنفيذ أعدل وأرحم وأروع وأخلد نظام عرفه الإنسان منذ وجد على الأرض!
انتصر محمد بإصراره الأمين المستيقن يوم أطلق كلمته في ضمير الكون : (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه) .
وانتصر محمد الرسول البشر يوم شهدت الأرض أول حكم في العالم يتحرر الناس فيه من عبودية بعضهم لبعض على المدى اللامتناهي لكلمة التحرر المطلق والإيمان المتكامل والمنهج الخالد الإشراق :
(لا اله إلا الله … محمد رسول الله ).
وانتصر محمد الرسول البشر يوم رأت البشرية تلاميذ محمد بشرا سويا يمضون على صراط الله المستقيم فكانوا صيحة الحياة التي دفعت الإنسان من طفولته البدائية الى نور العلم وهدى العقل ورحاب الله الواسعة .. وبالنظام الكوني .. بتوافقه وانسجامه .. بميزان الله وسننه التي لا تتبدل ويسير كل شيء وفق مشيئته وضعت شريعته للإنسان على الأرض بعد تكامل الإنسان وتكامل استعداده … تكامل الأرض وصلاحيتها للحياة في تطورها الدائب الذي اراده لها من هي وكل شيء قبضته..
هذه الشريعة التي لا تزيدها الأيام إلا نورا يبيد الظلمات ويهدى للتي هي أحسن ويوم قال محمد الرسول البشر : (لقد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ) . كان يسجل كلمات النصر لدعوته الخالدة التي لا تهزم .
وإذا كانت إطلالة النور تصارع اليوم ظلمات الجاهلية الأولى في تصوراتها وقيمها المادية القلقة المنتحرة . فما ذلك إلا صحوة الموت للجاهلية الأولى ومخلفاتها في ضمير الإنسان، وبضعة قرون في حساب الحياة ليست شينا وليدخلن هذا الدين على ما دخل عليه الليل، وليكونن له الوصاية على البشرية وليعم العالم بأسره، ولن تقف في وجهه أي قوة على الأرض مهما تكالبت قوى الشر من شياطين الإنس والجن ،إن الدرس الذي يوجبه ميلاد المنقذ الأعظم ومخلص العالم محمد الرسول البشر هو بكل ثقة واطمئنان إلى مستقبل الإنسان على الأرض . إن النصر لقوى الإسلام .
وأن البعث الإسلامي هو الذي سيتسلم قيادة البشر من الردة الجاهلية التي تلفظ أنفاسها .. وفي الطريق إلى النصر سيكون هتاف القوى المسلمة العلوى : 《قل هل تتربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا».
وستكون دعوتنا للبشرية القلقة الخائفة تحت صواعق الفناء الذرى : (ادخلوا في السلم كافة) .
وللقوى الخيرة تهتف بهم كلمات الله :
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
نقلا عن قناة المفكر إبراهيم بن علي الوزير في التلجرام
اقرأ أيضا:فلسطين في فكر ومبادئ الأستاذ والمفكر الإسلامي الكبير إبراهيم بن علي الوزير