إبراهيم بن على الوزير

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (15)

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (15)

سلبيات هذا القرن ..!

بقلم:عزيز بن طارش سعدان

الأحد9فبراير2025_

لقد أصبح العالم الإسلامي وخاصة العربي منه في مرحلة تمزق وعودة إلى استعباد الآخرين له عشية كانت إمبراطوريتا فارس والروم تتقاسمان النفوذ فيه والحكم والسيطرة عليه وتثيران نيران الأحقاد والحروب بين أبنائه، والإسلام وحده الذي أخرج المجتمعات المسلمة من ظلمات ذلك كله إلى دروب القيادة وعطاء الخير،واليوم وبعد التخلي عن تعاليم الإسلام وضوابطه ليس أمامهم إلا الردّة إلى الجاهلية وحصادها مما بدأ يجنيه المرتدون وما سيجنونه مذلة وهوانا وضياعا شاملا. كما أن «خط الكسروية» و «القيصرية» معاً أفرزتا في عصور الانحطاط أشكالاً للحكم تهدر حقوق الإنسان كما وأنهما خلقتا «القابلية للاستعمار» وإن «عصور الاستقلال الخالي من أي مضمون» أفرزت مسؤولين غرباء عنا!! إلا أنهم و رغم ثقافتهم المعاصرة للسنن التي يُبنى على أساسها مجتمع مناهض تلك الثقافة في منحاها الفكري خاصة و التي تخدم في مجملها مصالح القوى الاستعمارية ولم يكن لهم من «العلم» أو «الإخلاص الواعي» ما يدركون به أن لكل مجتمع قوانينه الخاصة به التي تتظافر على وسائل تحويله وتبديله والتي يكون بها وحدها إمكانية البناء وكذلك فإن الانقلابات الثورية المصنوعة في دوائر الاستخبارات» لم تكن إلا للحيلولة بين الأمة وبين السير في وجهة صحيحة.. وقد وجد الاستعمار الذي حمل عصاه ورحل أنه لم يترك في الأمم المستعمرة إلا الفراغ، ولما رأى تعذر ذلك علناً ملأ بعملائه المصنوعين أو المسيرين وهذا الفراغ ليس إلا لملء الفراغ في العقيدة، وبينما هذا الفراغ العقيدي يحير الواعين ويشبع في ذات الوقت متشردي الفكر» والباحثين عن الزعامات كذلك فإنه قدم أيضاً التربة الصالحة للقوى الخارجية لتشكل من العجينة مثالها المشوّه!! وهكذا كان …. (انتهى) إننا اليوم نجني ثمار ما صنعه أعداء الإسلام في الأمة العربية والإسلامية. إننا نعيش في جاهلية عمياء لا حدود لها.

لقد وضح مفكرونا الكرام ما نحن فيه، وتحقق اليوم أن الجاهلية المعاصرة لابد أن تعود إلى جاهلية الإسلام الحقيقي، لأننا وصلنا إلى الانحطاط الإنساني لأسباب وضعها الغرب. وهم الآن يدفعون ضريبة أمسِ عندما كان الاحتلال واقفاً على رؤوس الشعوب الإسلامية.

لابد لنا من التحرر الفكري، ولكن يجب أن يكون التحرر الغذائي قبل الفكري، لأن حرية البطون أفضل تحررا من العقول، وبعدها نتحرر من الفكر المغشوش فكرياً وأخلاقياً. لأننا نسير الآن بلا وعي لما نحن فيه اليوم، فإن الوعي مقود. ومن هنا، لا بد من غربلة المفاهيم التي تجرنا من الوعي إلى عدم الوعي، ولا بد من تجميع الوثائق كي نزيح الفكر والتحليلات السياسية لكي نجمع بين الفكر والواقع، بين الأيديولوجية والنظرة بأعين خارقة من أجل أن نركب جواد النجاة والعمل.

إننا اليوم نجني ثمار ما صنعه أعداء الإسلام في الأمة العربية والإسلامية. إننا نعيش في جاهلية عمياء لا حدود لها.

إن من أهداف الغرب التي يثرونها ويطنطنون حولها، فبينما تراهم محيطين بالأقوال الشاذة من أجل إثارتها، والبحث عن أقوال أهل العلم في ذلك بما يخدمهم، تجدهم في المقابل لا يعرفون غيرها. وعندما يتحدثون عن الخلاف الفقهي، لا يبحثون عن الراجح والأقرب للأدلة والإجماع، بل يبحثون عن الأقرب لهواهم ولإفسادهم، حتى وإن كان دليله ضعيفًا أو لا دليل عليه، أو شاذًا وغريبً

إن احتواء الأقلام والمواهب الشبابية والنسائية، الذين يحبون الشهرة والظهور الإعلامي، يتم من خلال استدراجهم بألوان الإغراء بالمال والشهرة والمظاهر الإعلامية، وتلميع من يرغبون في تلميعه، ومنحهم الجوائز من المنظمات الدولية وغيرها، وفي المقابل، يعملون على إقصاء ومحاربة الأقلام الشبابية والنسائية الشريفة التي لا يستطيعون احتواءها.

إن ادعاءهم بنصرة المرأة هو أكذوبة القرن الواحد والعشرين، وفي الحقيقة هم أعداء للمرأة، ويسمون المعارضين لهم بأنهم نصبوا أنفسهم أوصياء على المرأة، ولكن أطروحاتهم تبتعد عن الحقوق الحقيقية المهضومة للمرأة، فهم لا يطرحون ذلك إلا لتوظيفها فيمًا يخدم أهدافهم، ومن أسلوبهم في هذا الدعوى استغلال المشاكل الاجتماعية للمرأة وجعلها شماعة لمشاريعهم التخريبية. ومع أن هناك تعاملا ظالما من بعض الأزواج أو الآباء، وهذا لا يقره الإسلام ولا العقل، إلا أن العلمانيين يسارعون لنشر هذه الأمور وكأنها هي الغالبة، ليتوصلوا بها إلى إلغاء القوامة للرجال، ويهاجمون تعدد الزوجات مستغلين سوء تعامل بعض الأزواج وظلمهم الواضح والبين، وإقحام الحديث عن الأم والأخت، فعند الحديث مع القوم والنقاش حول الاختلاط، يقفز هؤلاء إلى نقطة أخرى لا عِلاقة لها بالموضوع، حيث يقولون: نحن نتحدث عن أمهاتنا وأخواتنا، ثم يتضاعف التلبيس في الحُوَار حتى يقع المحاور معهم في تيه وتفكك في الأفكار المغلوطة، وهذه حقيقة لا جدال فيها إذن، فالشيخ المصلح جمال الدين الأفغاني يرى أن للدين دورًا شديد الْخَطَر في إرساء أسس المجتمعات البشرية وحفظ هيكل الحضارة، معرفًا المجتمع المدني بأنه ذلك المجتمع الذي تنغرز ركائزه في تربة الدين، مؤكدًا في الوقت ذاته على نقطة جوهرية وهي أن المجتمع الذي ينزع عنه لباس الدين لن تستر عورته الأيديولوجيات، ولن يتمكن من وضع أقدامه على طريق النجاح والسؤدد؛ لأن «الدين بصورة مطلقة هو السلسلة التي تجمع حلَقات البناء الاجتماعي إلى بعضها، ومن دونه لن تقوم للحضارة قائمة.

 ولقد احتل موضوع الصحوة الإسلامية وتوعية أبناء الإسلام حيزًا كبيرًا من اهتمامات هذه الداعية الإسلامي المجدد، فضلًا عن رحلاته العديدة التي طاف فيها أرجاء عديدة من العالم.

 كل تلك الاهتمامات والمشاغل لم تترك له فرصة تدوين أفكاره وتسجيل آرائه بشكل منظم ودقيق، لإعطاء صورة واضحة عن رؤيته الإسلامية. وقد كان الشيخ جمال الدين يرى أنه في ضوء ثبات أصول الدين وقواعده العامة التي تحيط بحاجات البشرية ومتطلباتها كافة، أثبتت تعاليمه قدرتها على رفع همم الناس وعزائمهم، وتزكية نفوسهم، وجمع قلوبهم على الألفة والمحبة، والأخذ بيدهم إلى مدارج الحضارة والتمدن.

ونحن الآن نمتلك وسائل أكبر من تلك التي كانت في عصر شيخنا، وهي وسائل ذات حدين: إما الدين أو الشرك. ونحن نتبع ما ينفعنا وينفع الأمة العربية والإسلامية، والباقي نتركه، وسوف نوصل رسالتنا إلى العالم.

اقرأ أيضا:أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (14)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى