مونديال قطر2022 ينتصر لفلسطين
مونديال قطر2022 ينتصر لفلسطين
الاثنين19ديسمبر2022 مشاهد عديدة رسخها مونديال كأس العالم في قطر على الصعيدين السياسي والاجتماعي، بدءاً من قضية فلسطين المحتلة إلى القيم الاجتماعية العربية.
حيث كانت “فلسطين حاضرة في مونديال قطر، دون مبالغة، يمكن اعتبار فلسطين الفريق رقم 33 في المونديال”.
فلم تغب فلسطين وقضيتها عن الجماهير المشاركة في مونديال قطر، بل كانت محوراً رئيسياً في كل مباراة. حيث شكلت حالة التعاطف العربية والأجنبية الشعبية التي أظهرتها الجماهير بمختلف جنسياتها بالالتفاف حول القضية الفلسطينية، ومقاطعتهم لوسائل الإعلام الإسرائيلية في قطر وإطلاقهم شعارات داعمة لفلسطين، فرصة ذهبية للشعوب العربية من أجل مناهضة التطبيع.
شكل انطلاق المونديال في قطر، وكما ظهر عبر منصات التواصل الاجتماعي وعبر وسائل إعلام عالمية، حالة من الرفض العربي للوجود الإسرائيلي، إذ انتشرت ظاهرة مقاطعة الإعلام الإسرائيلي الذي حاول جاهداً إثبات وجوده بأكثر من طريقة إلا أنه فشل في ذلك، وظهر ذلك جلياً من خلال المشاهد التي انتشرت للشباب العربي الذي قطع الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية الظهور بصورة “الكيان الطبيعي” في المنطقة.
ومن أهم المشاهد الذي رُسخت في هذه المناسبة، العلم الفلسطيني الذي رفع بين زحمة أعلام الدول المختلفة طيلة فترة المونديال.
وعلق مراسل صحيفة “الغارديان” البريطانية، مايكل صافي على انتشار العلم الفلسطيني في كل مكان في قطر، قائلاً في تسجيل مصور “رجعت للتو من قطر، وأينما ذهبت سواء ملاعب كأس العالم إلى الأسواق العامة، أجد الناس يحملون الأعلام الفلسطينية، لقد شاهدت الرفض الإسرائيلي الواضح من قبل الشعوب العربية”.
الاستياء الإسرائيلي الواضح ظهر جلياً من خلال التحليلات التي كانت نشرت عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية. صحيفة “معاريف”، نشرت تحليلًا أوضحت فيه أن “الاحتفالات المغربية في كأس العالم أثبتت أن العالم العربي بعيد كل البعد عن التطبيع مع إسرائيل”.
ولم يقتصر الانزعاج الإسرائيلي على ذلك، فقط بل تعداه ليشمل الاعتداء الإسرائيلي الواضح على الفلسطينيين في القدس المحتلة الذين رفعوا أعلام الدول العربية الداعمة لفلسطين ومن بينها المغرب تحديداً.
مع الارتباك الإسرائيلي أمام الالتفاف الجماهيري العربي حول القضية الفلسطينية في مونديال قطر، عنونت الإعلامية الإسرائيلية ميخال أهروني مقالها في صحيفة “إسرائيل هيوم”، بجملة “الفلسطينيون كلهم في قطر، الواقع محرِج”. وتحدثت فيه عن حالة من التفوق الفلسطيني خلال كأس العالم.
الرسائل السياسية في قطر لم تقتصر على القضية الفلسطينية فقط، بل كانت الحرب في أوكرانيا حاضرة خلال فعاليات كأس العالم، بدءاً من منع روسيا وإقصائها من تصفيات القارة الأوروبية المؤهلة إلى النهائيات في محاولة لتسييس الموضوع، لكن ذلك تبعه أيضاً، منع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من إلقاء”رسالة السلام العالمي” قبل انطلاق نهائي مونديال قطر.
كذلك حصلت محاولات من قبل بعض الجهات الدولية من أجل فرض دعم أوكرانيا على الجماهير الموجودة في المونديال، إلا أن الدعاية الغربية لم تستطع فرض أهدافها وبقيت الحرب الأوكرانية بعيدة عن أصداء الجماهير إلا في محاولات ضئيلة جداً لم تبصر النور، وفق ما ذكرت وسائل إعلام عالمية.
وفي الآونة الأخيرة، شنت بعض الدول الأوروبية هجوماً لاذعاً على قطر، ليردّ رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو، “ردّاً صارماً” على قيام الدول الأوروبية بهذا الهجوم فيما يخصّ إستضافتها للمونديال، وذلك في محاولة منهم لتسييس وشحن الأجواء في الدوحة من خلفية عنصرية تجاه العرب ككل.
وفي ضوء ذلك، توجهت الفيفا برسالة إلى اتحادات كرة القدم لجميع الفرق الـ 32 المشاركة في هذه المسابقة، طلب منهم التعليق فقط في قضايا كرة القدم، وعدم الضغط على الدوحة أو توجيه انتقادات لها بأي شكل من الأشكال.
في المقابل، لم تأل وسائل الإعلام الغربية، ولأسباب سياسية، جهداً إلاّ وبذلته من أجل منع إقامة هذه البطولة الدولية بسلاسة ودون أي مشاكل، حيث يختلقون الأعذار وينتهزون أي ثغرة لتشويه صورة بعض الدول المشاركة وتسييس المونديال، كما جاء في الإعلام المحلي القطري.
وتبنّت الدول الأوروبية الإجراءات الدعائية عبر استغلال قرار حظر المشروبات الكحولية في الملاعب، وهذا لا يتعدى كونه أداة للضغط من أجل اختلاق مشاكل من دون أي قاعدة جوهرية لها.
المثير للاستغراب، وفقاً لوسائل الإعلام، أن الدول التي لطالما رددت شعار “كرة القدم ليست سياسية” ولا يجب استغلالها بذرائع مختلفة، هي نفسها اليوم، في سلوك متناقض، من أكبر المساهمين في التحريض السياسي فيما يخصّ مونديال 2022.
مونديال قطر.. الدفاع عن القيم
الكثير من النقاط الإيجابية التي ظهرت جلياً خلال “مونديال قطر”، من أبرزها فرض البُعد الثقافي العربي إيقاعه على التغطيات الإعلامية على هامش مباريات كرة القدم في قطر. نقلة نوعية في الصور، إذا ما قورنت بالبطولات السابقة على مقاعد الجماهير، حيث يصدّر المونديال صور العائلة أولاً، والتراث العربي في التغطيات البصرية على مقاعد الجماهير.
وحاولت عدسات المصورين البحث عما هو جديد، مشوق، وغير مألوف. وحظيَ الزي التقليدي العربي باهتمام وترصّد الكاميرات.
وكان قد أثير جدل واسع في أوروبا ودول العالم قبل أشهر حول قوانين قطر في بعض الحريات الشخصية، ولكن زالت كثير من هذه المخاوف بعد التصريحات الرسمية من قبل المختصين بتنظيم بطولة كأس العالم، التي حثت على “احترام عادات وتقاليد الشعوب بمختلف هوياتها دون تأثير على العادات والقوانين المحلية”، قائلين: “مثل ما ستحترم قطر عادات وتقاليد الضيوف من الدول المختلفة أيضاً نحن نعتقد أن من واجب الضيوف والزوار أثناء كأس العالم احترام عاداتنا وتقاليدنا في المنطقة”.
ومن ضمن النقاط التي ظهرت إلى العلن، الرفض العربي الواسع للمحاولات الغربية فرض القيم التي يرفضها المجتمع العربي (الأمر لا يتعلق بهذه العاددات بحد ذاتها بل بما يرفضه المجتمع وما يتقبله وهذا حق له). كريستوف إيرهارت، مراسل صحيفة “فرانكفورتر العامة” الألمانية في الشرق الأوسط، تحدث في مقال قبل أيام، عن مدى الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه بلاده بعدم استثمار مونديال 2022 لتعزيز علاقتها وثقتها مع الدول العربية.
وأكد المراسل الألماني أن الدوحة نجحت في تحقيق هدف مهم من أهدافها في تنظيم كأس العالم، وهو تحويل مونديالها إلى “مونديال كل العرب”، موضحاً أن هذه النسخة “العربية” للمونديال جمعت العرب اليوم في خط واحد رافض لـ”التعالي الألماني خاصة والغربي عامة” في التعاطي بشكل انتقائي مع ملف حقوق الإنسان.
اجتماعياً.. المونديال يجمع العائلة
أعاد المونديال معه قيم وثقافات كانت قد بدأت بالتلاشي مع انتشار منصات التواصل الإجتماعي الذي سبب عزلة اجتماعية داخل العائلات، وأعاد ملامح العائلة المتكاملة التي تنتظر المباراة يومياً، وتجتمع وتتنافس في التشجيع. بدت البيوت وكأنها في حالة من التأهب، صغار وكبار، وأزواج ينسجون خططاً جديدة في كيفية ترتيب الجلسات وسط حضور أفراد العائلات الممتدة، مع توقيف أي نشاطات اجتماعية خارج أجواء المونديال.
ليست “الدوحة” وحدها من استعدت لاستقبال مباريات كأس العالم بحفاوة، بل هو حال الكثير من الأسر التي حضرت في منازلها ورتبت أولوياتها استعداداً لحضور المباريات.
من جهة أخرى، تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من المنشورات الطريفة التي تطال حال بعض الأسر والعائلات التي يتابع أفرادها كأس العالم والتي ستعيش حالة كبيرة من التوتر خلال أيام المونديال.
وتختلف فعاليات كأس العالم لهذا العام عن غيرها، بحسب التقارير التي نشرت، بتزامنها مع فصل الشتاء الذي يتميز بترابط العلاقات الاجتماعية الأسرية وتكون العائلة أقرب إلى بعضها وتقضي وقتاً أطول، ومن جهة أخرى تقل المناسبات الاجتماعية التي عادة ما تكثر في فصل الصيف.
لكن البارز في مونديال هذا العام، كان الدعم العائلي للاعبين، على وجه الخصوص، داخل أرض الملعب كما حصل مع المغرب، عندما انتشرت مشاهد لأحد اللاعبين وهو يحتضن والدته بعد انتهاء المباريات. هذا الدعم بمثابة دعم للقيم العربية، ورد واضح على كل من يحاول فرض قيم غربية على المجتمع العربي.