عمران خان يصعّد معركته مع الحكومة الباكستانية
بعد أن نجا حزب “الإنصاف” برئاسة زعيمة عمران خان من خطر الحظر بإسقاط التهم عنه، يدرس الحزب حاليا الخيارات القانونية، بما في ذلك التوجه للمحكمة العليا، لعرقلة تعيين قائد الجيش الجديد من قبل رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف. قبل إجراء انتخابات مبكرة
إسلام آباد – بدأت بعض التهم الموجهة لرئيس الوزراء الباكستاني السابق وزعيم حزب الإنصاف عمران خان في الآونة الأخيرة بالتساقط واحدة تلو الأخرى، مما يمنح خان وحزبه مساحة من الحركة في صراعه مع الحكومة.
فقد أسقطت المحكمة العليا في باكستان الاثنين الماضي تهما بالإرهاب، كانت قد وجهتها الشرطة لخان، بناء على مزاعم بتهديد قاضية ومسؤولين رفيعي المستوى بالشرطة.
ومن جديد أصدرت محكمة إسلام آباد العليا أول أمس الخميس، قرارا بعدم توجيه الاتهام إلى خان في قضية ازدراء المحكمة فيما يتعلق بالتهم الموجهة له بتهديد القاضية زيبا تشودري وإهانة القضاء من خلال تصريحاته السابقة التي تتعلق بالقضية نفسها.
وأعربت محكمة إسلام آباد العليا عن ارتياحها لاعتذار عمران خان، حيث صرح باستعداده للاعتذار للقاضية تشودري عن تصريحاته.
من جانبها أصدرت محكمة لاهور العليا قرارا بتعليق إخطارات ازدراء المحكمة الصادرة عن “لجنة الانتخابات الباكستانية” إلى خان، ووزير الإعلام السابق والقيادي في الحزب، فؤاد تشودري، وقالت المحكمة إنها ستنظر في القضية مرة أخرى في 29 سبتمبر الجاري.
يقول الكاتب والمحلل السياسي زيغام خان، إن تهمة الإرهاب لم يكن لها أساس متين، وبناء عليه، أمرت المحكمة بإسقاط تهم الإرهاب، بينما يمكن التحقيق في التهم الأخرى.
ويضيف الكاتب في حديث للجزيرة نت، أن “المحاكم اعتمدت تفسيرا أكثر صرامة للقوانين في أثناء تعاملها مع الأحزاب المعارضة لعمران خان حينما كان في الحكومة، والتي تشكل الحكومة الآن”.
ومن جهته يقول الصحفي والمحلل السياسي جاويد رانا للجزيرة نت، إن عمران خان كان مترددا في مسألة الاعتذار حتى قبل الجلسة بقليل، لكن القضاة كانوا مستائين من ازدراء القضاء بشكل كبير، وفي الواقع كانت هناك مخاوف من أن يتم الحكم بعدم أهلية عمران خان، وهذا ما دفعه للاعتذار، فلم يكن أمامه خيار آخر.
ويتابع خان قائلا، إن عمران خان لم يتوقف حتى عندما ضربت الفيضانات أجزاء من باكستان. إنه لا يريد أن يفقد الزخم الذي يفضّله، ففي غياب مثل هذا الزخم، قد يصبح من السهل على الحكومة مواجهته.
ويؤكد على ذلك جاويد رانا، الذي قال إن اعتذار خان وقرار المحكمة بتعليق الحكم عليه يعطيه “إغاثة” في إطار صراعه السياسي مع الحكومة.
ويضيف رانا، أن ذلك “سوف يجعل عمران خان يركز أكثر على معارضة خصومه في الحكومة، وكذلك خصومه السياسيين في المؤسسة العسكرية”.
الصراع على تعيين قائد الجيش
ولا يزال خان مستمرا في تحركاته المناهضة للحكومة، حيث دعا إلى مسيرة طويلة اليوم السبت؛ للوصول إلى العاصمة إسلام آباد. وقد اتخذت الشرطة وقوات الأمن إجراءات أمنية مشددة في محيط المنطقة الحمراء التي تضم المقرات الحكومية.
وكان خان قبل ذلك قد زاد من حدة تصريحاته بعدما أجرت الحكومة بعض التعديلات على قانون مكتب المحاسبة الوطني، وهي ما وصفها خان بأنها تُجرِد المكتب من قوته في محاسبة الفاسدين من أصحاب المناصب العامة، ووجه خان بعض خطاباته للمحكمة لإلغاء هذه التعديلات.
وفي هذا السياق، يقول زيغام خان، إن عمران خان يدين بنجاحه بدرجة كبيرة إلى دعم المؤسسة العسكرية، ويريد استمرار هذا الدعم في المستقبل. ويضيف أن “خان في فترة ولايته الأولى، سعى إلى ترسيخ هيمنة الحزب الواحد، وقد يسير على نفس المسار في المستقبل، ولذلك سيحتاج إلى دعم المؤسسة العسكرية”.
في حين يقول جاويد رانا، إن “تعيين قائد جديد للجيش يمثل أهمية كبيرة ليس لعمران خان فقط، وإنما لجميع السياسيين في باكستان، لأن الجيش هو المسيّر للحياة السياسية، ويمكن القول إن قائد الجيش هو من يختار رئيس الوزراء من وراء الكواليس”.
ضغوط جديدة على الحكومة
ويعتقد رانا، أن عمران خان لديه اعتقاد أن هذا هو الوقت المناسب لإجراء انتخابات؛ نظرا لزيادة شعبيته خلال الفترة الماضية، وتراجع شعبية الأحزاب المشاركة في الحكومة، ويرتبط ذلك بتعيين قائد جديد للجيش، حيث يريد خان إجراء انتخابات قبل ذلك.
ويقول رانا، إن الهدف الرئيسي لعمران خان خلال الوقت الحالي، هو الإعلان عن انتخابات مبكرة، قبل تعيين قائد الجيش، أو التمديد له لحين إجراء انتخابات، ويتوقع رانا أن خان خلال هذه المسيرة سوف يفرض بعض الشروط التي تزيد الضغط على الحكومة.
ويضيف، “إذا تحدثنا عن المسيرة الطويلة، فإن الوضع السياسي الحالي في مصلحة عمران خان، حيث إن أقرب إقليمين -“خيبر بختونخوا” و”البنجاب”- إلى العاصمة تحت سيطرة حزبه”. ويتابع رانا بقوله إن “المشكلة الرئيسية الآن هي مسألة تعيين قائد الجيش”.
وكان خان قد رضخ لقرار البرلمان الباكستاني في شهر ابريل الماضي القاضي بحجب الثقة عن حكومة خان ،وذلك بسبب تصريحاته المتكررة المنتقدة لسياسة واشنطن في المنطقة، لذلك اوعزت لحلفائها من معارض خان والذي كان من ابرزهم، الخصم الرئيسي لخان، وزعيم المعارضة في البرلمان، شهباز شريف، وهو أيضاً رئيس “حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية”، لحجب الثقة عن خان وحكومته وهذا ما تم فعلا وقال حينها شريف “أن هذا القرار أنقذ باكستان ودستورها”.
وكان خان قد تحدث لوسائل إعلام مختلفة قائلا :أنَّ “الولايات المتحدة غاضبة من انتقاداته المتكررة لسياستها خاصة في العراق وأفغانستان، وأيضا من زيارته لموسكو يوم انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا”.
خان حالة استثنائية من بين رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على باكستان
ويمكن اعتبار عمران خان حالة استثنائية من بين رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على باكستان على مدار العقود الماضية. فهو أتى من خارج إطار الأحزاب التقليدية التي تناوبت على الحكم، بالتحديد حزب الشعب التابع تاريخياً لآل بوتو، وحزب الرابطة الإسلامية الذي أسسه وتزعمه آل شريف. كما إنه من خارج المؤسسة العسكرية. صوت الشورى:الجزيرة+الميادين