كتابات فكرية

وقفة تأمل في تأملات حسن الدولة

 وقفة تأمل في تأملات حسن الدولة

بقلم / لطف لطف قشاشة

الاثنين28يوليو2025_

لم يكن الأخ حسن الدولة موفقا حين كتب مقالا عنوانه ( بين الصفعة والخديعة الكبرى تحتاج وقفة تأمل ) ونشر يوم الجمعة الماضية في موقع “صوت الشورى”رغم أننا سنحمله على محمل السلامة والشعور الإنساني وحالة الألم الذي يعتصر قلوب ملايين غيره من شعوب العالم للمشاهد المخيفة والمجازر المروعة التي ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ..

العاطفة الجياشة لا تصنع المعجزات بل النوايا المخلصة واستشعار المسؤولية هي التي تزيح عن الشعوب المضطهده الغبن والمعاناة  ..

ما حمله مقال الدولة يعبر عن ثقافة مستوطنه داخل العقلية العربية ( نظرية المؤامرة ) واحدة من هذه الثقافات بل انه أنساق وراء ما يروجه الكيان وداعميه وانسجمت معهم الناظمة المطبعة مع الكيان الغاصب ولم ينظر إلى واقع المتغيرات على الأرض فيما يعرف مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي التي يحملها الكثير من المجاميع والأنظمة والكيانات التي تخوض معارك ومواجهات مصيرية في خطوات متصاعدة بعيدا عن اللهث وراء سرديات تعشعش في عقول من ذهب بعيدا عن تحمل مسؤوليته الدينية أو القومية أو حتى الإنسانية وترك ميدان القضية الفلسطينية التي ابتدأت قضية للأمة وانتهت قضية لسلطة يمثلها شخص كمحمود عباس ( ابو مازن ) فهل الأخ حسن يستسيغ أن يكون أبو مازن هو حامل القضية الفلسطينية الأولى للأمتين العربية والإسلامية،اعتقد انه لا يستسيغ ذلك  ..

زاوية ما نشره الدولة زاوية ممجوجة ومشروخة وإن كانت هناك مجاميع ممن يستمتع بسردها لأنها تخفف عنهم الحرج وتدفعهم لمزيد من التخلي عن هذه القضية المحورية، بل أن هذا الكلام يخلق انطباعا إيجابي لدى العدو الصهيوني خاصة وهو يقرأ عن شخص له حضوره بحجم حسن الدولة الذي اجزم انه لا يرضى لنفسه ان يكون بوقا يردد من حيث يدري أو لا يدري للسردية الصهيونية الخبيثة وهي تغير من مفاهيم أولويات الصراع معهم وتحرف البوصلة عن حتمية وضرورة المضي في أقدس قضية صراع بين الحق المطلق والباطل المطلق ،ولا اعتقد أيضا أن أستاذنا حسن الدولة لا يجعلها قضية حق وباطل بجميع الاعتبارات الدينية والأخلاقية والإنسانية  ..

سأحمل كاتب المقال كما قلت على سلامة المقصد وانه ربما تغلبت عليه عاطفته الجياشة وذهب إلى طرح ما طرحه معتقدا أن صوته هذا سيصل إلى قادة حماس ويستوعبون فكرته فيسارعون إلى تنفيذها تحت عنوان ( رحم الله عبدا أهدى إلي عيوبي ) رغم أن ابسط متابع وقارئ لما بين سطور حسن الدولة يستغرب طرحها لان الواقع يكذبها فلا الكيان الغاصب ينتظر ذريعة للبطش ولا حماس وقيامها بحادثة طوفان الأقصى غبية إلى هذا الحد.

 فالجميع حتى قادة حماس لم يكونوا على علم بالطوفان إلا ساعة وقوعها وهذا يدلل على حقيقة تجاوز الاختراق كون التنفيذ لم يكن يعلم به إلا القلة خشية إجهاضه، ولو سلمنا أن هناك خديعة كبرى حسب عنوان المقال فالواقع أيضا يدل أن ما حدث كانت صفعة وخديعة للكيان وان حاول أن يستثمر فيما بعدها إلا أنها قد أربكته بالفعل، وعلى الأخ حسن الدولة مراجعة تقارير العدو منذ البداية حتى اليوم  ..

موضوع الأسرى يعتبر جزء من الاستثمار السياسي لحكومة المجرم النتن وأن المماطلة في إتمام صفقة التبادل جزء من الهروب إلى الأمام اعتمدها المجرم لخلط أوراق داخل الكيان والمنطقة وعلى المتأمل ان يلاحظ أن أحداث لبنان وسوريا وإيران هي جزء من خلط الأوراق وجر المنطقة والعالم الى جحيم الحروب وهذا مبحث آخر يبحث في تناولات أخرى  ..

اعتقد انه كان الأحرى بالدولة أن يدقق جيدا في تطورات ومتغيرات إدارة الصراع لكن من زاوية ما ينقله محور الجهاد والمقاومة فربما يجد ضالته وتتغير عنده مفاهيم وأولويات إدارة الصراع أو على الأقل ان يخرج من ( نظرية المؤامرة ) وان الكيان يستحيل أن تهزمه أي قوة طالما وأمريكا والغرب تدعمه دعما بلا حدود، وهي مفاهيم عشعشت في قلوب من لا يحمل ذرة إيمان أو كرامة أو حرية ودفعت إلى اتخاذ أمريكا والغرب إلها واجب الطاعة والانقياد  ..

الأخ حسن إن كان لديك تردد في اعتبار الجهاد والمقاومة أمرا مقدسا جاء به رب العباد فهذا ليس مبررا أن تقلل من شأن من جاهد وقاوم وقدم التضحيات في سبيل الله وامتثالا لأمر الله فعلى الأقل أحترم توجه هؤلاء وإن كنت لا ترى أي جدوى من مناهضة المشروع الصهيوني ( خاصة وأنت تعلم قبحه وإجرامه ) تحت مزاعم الفوارق المادية فهذا يدفعني أن أقول لك فلماذا تشيد بجيفارا ومانديلا وثورات التحرر من الاحتلال رغم ما قدمت فيها من تضحيات جسيمة وما ثورة الجزائر عنك ببعيد  ..

أستاذنا الدولة ليس هناك صفعة ولا خديعة هكذا يعتبرها الأحرار والعنفوان الجماهيري الواسع داخل الشعوب العربية والعالمية التي ترفض الغطرسة والإجرام والتي أيضا كشفت سوءة إسرائيل التي كانت تغطيها الماكينة الإعلامية الغربية وللأسف الأقلام العربية التي لطالما جملت القبح الإسرائيلي ومن عناوين هذا التجميل للأسف ما ذكرته ( بالذريعة ) فهل من بلغ إجرامه هذا الحد يبحث عن ذريعة لذلك فان عليك أن تراجع مثل هذه الهفوة التي صدرت منك كونها تحسن القبيح وتقبح الحسن  ..

أستاذي حسن ان سقوط الآلاف من الضحايا يجب ألا نحمله لحركة المقاومة الإسلامية حماس فهذا إجرام الى جانب جريمة الإبادة المريعة الذي ترتكبه الغدة السرطانية وان الأولى ان نحمل المجرم المسؤولية في ذلك بل يجب ما هو أكثر من ذلك،وهو أن نساند المقاومة بجميع وسائل المساندة لا أن نكون جزءا من بيادق الإجرام أما بالسكوت المخزي أو عبر المقالات التي تحبط الضحية.

 ( بالطبع نحن كشعب يمني وجميع الشعوب المجاهدة ضحايا وليس أبناء قطاع غزة ) بل تدفع بالضحية أن تضع المحبطين الذين يتناولون سردية العدو في خندق واحد مع الكيان الغاصب يجب مواجهتهم أيضا . 

أخيرا ما يقدمه الشعب الفلسطيني اليوم هي ضريبة تخاذل الأمة عن تحمل مسؤولياتها وان محاولة التباكي على حجم الخسائر ما هو إلا جزء من مشروع ينفذه المتباكون عن قصد وترصد خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة ومدفوع الأجر لا شك أو انه محاولة للتهرب من المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية في مسعى لإسكات الضمير المتوقد بمسكنات لن تجدي وان تنفع وستظل لعنة السكوت عن أحداث غزة لعنة تطال الجميع  ..

لذا انصح الأخ حسن الدولة بأن يستشعر حديث النبي محمد  صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )  ..

والله من وراء القصد  ..

اقرأ أيضا:بين الصفعة والخديعة الكبرى نحتاج وقفة تأمل !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى