أخبار عربي ودولياخبار محليةكتابات فكرية

قادري يكتب عن سقوط النظام السياسي العربي وتصفية المقاومة ونزع سلاح حزب الله ووصف مبعوث ترامب للصحفيين اللبنانيين بالحيوانات

قادري يكتب عن سقوط النظام السياسي العربي وتصفية المقاومة ونزع سلاح حزب الله ووصف مبعوث ترامب للصحفيين اللبنانيين بالحيوانات

تصفية المقاومة في فلسطين ولبنان .. مطلب بعض الدول العربية المتصهينة

  • قادري أحمد حيدر

الجمعة 3 أكتوبر 2025-

“الأعراب سحبوا سفراءهم من لبنان لأني قلت “حرب اليمن عبثية”، وكل هذا الدم المسفوح بغزة لم يُحرّك غيرتكم لسحب سفرائكم من تل أبيب، أو تطردوا سفراء إسرائيل من بلادكم”

جورج قرداحي.

وزير الإعلام اللبناني المستقيل، بسبب ذلك التصريح

منذ أكثر من عقدين ونصف، تتحالف الأنظمة العربية – عفواً العبرية – مع العدو الصهيو-أمريكي لضرب المقاومة الفلسطينية. وقد بلغ هذا التحالف حدَّ شن حرب إبادة شاملة وعلنية متواصلة منذ قرابة سنتين، بينما يشارك النظام الرسمي العربي بالصمت أحياناً، وبالموقف والفعل أحياناً أخرى.

اليوم يمارس هذا النظام، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ضغوطاً كبيرة على النظام اللبناني الطائفي الهش، لدفعه إلى تجريد المقاومة اللبنانية من سلاحها، استكمالاً لإحكام الطوق الصهيوني أمريكي على المنطقة العربية، تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً. وليس مشروع/ خطة، ترامب بنقاطه العشرين سوى الفصل الأخير في تراجيديا الإبادة الجماعية في فلسطين / غزة باسم حل القضية الفلسطينية، وبموافقة النظام السياسي العربي المتصهين.

خطة ترامب، من عنوانها كفر وكراهية للقيم القومية التحررية العربية، بل واستهتار وأنكار للقوانين الدولية التي تجيز وتقر بوضوح حق الشعوب في مقاومة المحتل، وفي تقرير مصيرها؛ هي خطة تتحرك في اتجاه تصفية المقاومة الفلسطينية، بل وكل مقاومة، وهي الخطة / الجريمة التي وافق عليها العديد من الدول العربية والإسلامية التابعة المتصهينة.

 الخطة من أول بند فيها رقم (1) إدانة للشعب الفلسطيني المقاوم في غزة، المتهم كله حسب البند بالتطرف والإرهاب، المطلوب تخليص غزة وفلسطين كلها منه، حتى لا تشكل غزة تهديداً لجيرانها، أي للكيان الصهيوني!! فماذا نتوقع من خطة هذا هو البند الأول فيها، والباقي تفاصيل في ذات الاتجاه.

علماً أن البند رقم (١٧)، من خطة ترامب، يعطي شرعية ليس لفرض استمرار الحصار، بل ولتجويع سكان غزة!! خطة ليس فيها أي ضمانات من الجانب الصهيوني للفلسطينيين، فقط اعلان استسلام كامل للمقاومة، بنزع سلاحها.. خطة خلاصتها تنفيذ لرغبة وحلم نتنياهو، وبعض الدول العربية شهود زور على عقد نكاح سفاح سياسي غير شرعي.

فما لم يتمكن الكيان الصهيوني من تحقيقه بالحرب، يحققه اليوم بمجرد لقاء ترامب، مع بعض “زعماء” الدول العربية.

هذا يحدث بعد أن أصبحت سوريا في قبضتهم، عبر واجهة “أبو محمد الجولاني” (أحمد الشرع)، الذي تم تبييض صورته وتاريخه الدموي وتحويله من رمز “الجهاد الإرهابي التكفيري” إلى شريك سياسي مدعوم من الإدارة العثمانية الجديدة ومن الكيان الصهيوني.

جهادي إرهابي، تحوّل إلى رئيس للدولة التي ارتبط اسم الحضارة العربية الإسلامية بها. وكأن ما يحصل في سوريا اليوم إنما هو محاولة لتدمير الصورة الراسخة في المخيال الثقافي العربي والإسلامي عن الدولة الأموية(سوريا)، التي كانت فاتحة لمجد الحضارة العربية الإسلامية.

وكأنهم بذلك يريدون القول إن الإرهابي أبا محمد الجولاني/الشرع، هو الامتداد المعرفي/الثقافي لما كان في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، والنظام السياسي العربي مشارك ضمنياً بل وفعلاً في نشر وترويج هذه الصورة البائسة، بعد أن صار أبو محمد الجولاني يُستقبل من الحكام في أمريكا وأوروبا كرئيس دولة، وبمباركة من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، تحديداً في السعودية، بلد الحرمين، ومهبط الرسالة الإسلامية، وأرض ميلاد الرسول العظيم (ص)، ومسجده وقبره.

السعودية اليوم تحولت بعد انتقالها “للتحديث الثقافي الاستعماري “الترفية الاجتماعي” – والصحيح التزييف للوعي الاجتماعي –  ومعها أولاد زايد في الإمارات إلى بؤرة سياسية اقتصادية أمنية ومخابراتية ليس لضرب فكرة ومعنى المقاومة حيثما وجدت، بل وللتأمر على جيرانها ومنها بلادنا اليمن.

 وستجد اصابعهما الدامية، أقصد السعودية والإمارات، حاضرة في التحريض على تدمير حركة “حماس” في غزة، وعلى ضرب “حزب الله” في لبنان، والسعودية اليوم علناً وبوضوح سياسيي تربط إعادة البناء في لبنان بسحب آخر قطعة سلاح مقاوم، وهو شرط سياسي معلن يتقاطع مع مطالب أمريكا والكيان الصهيوني وهي التي طرحها وأعلنها، مبعوث ترامب، توم باراك.

في الوقت الذي يقف العالم الحر والمستقل، ومنه بعض الدول الأوروبية ضد الكيان الصهيوني مطالبين بمحاسبة قادة الكيان الصهيوني وبقطع العلاقات مع دولة الكيان الصهيوني: أسبانيا، وبلجيكا، وإيرلندا، وسلوفينيا، والعديد من دول أمريكا اللاتينية، يكفي الإشارة إلى كولومبيا والبرازيل، وفنزويلا، ودول كبرى في أفريقيا.. معظمها قطعت علاقاتها الدبلوماسية واوقفت العلاقات الاقتصادية، وتصدير الأسلحة إليها، وتطالب بإنزال العقوبات بقادة الكيان الصهيوني، حيث أعلنت ذلك من جميع المنابر الدولية.

لقد تحولت القضية الفلسطينية في بعض الدول الاوروبية، إلى قضية وطنية/ داخلية بالنسبة لهم، في الوقت الذي يسقط النظام السياسي العربي التابع القضية الفلسطينية، من جدول أعماله نهائياً.

 وهنا تكمن المفارقة المخزية والمحزنة.

 وكما كتب، الروائي والشاعر الفلسطيني، إبراهيم نصر الله، “أما العنصر الوحيد المضاد لكل ما سبق، فهو الخنوع العربي والإسلامي، المتواطئ الذي يسعى بكل ما لديه لسحق أرواح الشعوب عبر الدفع باتجاه محو غزة، والعمل على ترميم كل ما يتصدع في الكيان الصهيوني، باتفاقات سلام، هذا العنصر جزء من الحرب على فلسطين والفلسطينيين” (صحيفة القدس: 10 سبتمبر 2025.)

وهنا نرى ونقرأ الفارق بين النظام السياسي العربي المتصهين وبين الدول المستقلة والحرة ذات السيادة والمعبرة عن إرادة شعوبها، والمجسدة في سلوكها عن ضمير الإنسانية الدولية الغائب.

القراءة السياسية والواقعية للتاريخ المعاصر، تؤكد أن النظام العربي الرسمي كان حاضراً في التآمر على القضية الفلسطينية منذ بداياتها: من إجهاض ثورة 1936 وهي في ذروة صعودها الكفاحي، إلى نكبة 1948، وصولاً إلى حرب الإبادة الجارية اليوم في غزة.

وقد أعلن مجرم الحرب نتنياهو، المدان من المحاكم الدولية، صراحة أنه يتجه لإقامة “دولة إسرائيل الكبرى”، وهو المشروع الذي كتب عنه في كتابه “مكان تحت الشمس” في مطلع التسعينيات، وأعاد التأكيد عليه من على منصة الأمم المتحدة، أخرها في الاجتماع الأخير، سبتمبر، ٢٠٢٥م.

  من أن إسرائيل الكبرى تطال مصر والأردن والسعودية وحتى العراق.

ومع ذلك، ما يزال النظام السياسي العربي يتعهد ويحلم، كما ظهر في مخرجات قممه المتعددة – وآخرها القمة العربية الإسلامية في 15 سبتمبر 2025 – بالقضاء على المقاومة الفلسطينية، باعتبارها كابوساً يهدد استقرار عروشهم، على غرار موقفهم اليوم من المقاومة اللبنانية.

إن غياب الموقف السياسي والعملي التنفيذي بإجراءات سياسية ومادية ملموسة من النظام الرسمي العربي تجاه الكيان الصهيوني في جميع مواقفهم السياسية الأخيرة، لا يعني سوى أنه ضوء أخضر للكيان الصهيوني باستمرار استكمال الإبادة الجماعية في غزة والضفة وفي كل فلسطين دون توقف.

مطلب هؤلاء الأعراب واضح في لبنان:

إما تجريد المقاومة اللبنانية من سلاحها عبر إشعال حرب أهلية ثالثة (بعد حرب 1958 في عهد كميل شمعون، وحرب 1975 في زمن الكتائب وجيش لحد الموالي لإسرائيل)، أو تكليف الكيان الصهيوني – بموافقة أمريكية – بتصفية المقاومة نهائياً، بمساعدة أعوانه في الداخل اللبناني، وعلى رأسهم القاتل، سمير جعجع.

وهناك السيناريو الثالث، الذي يتم تداوله والتحضير له، وهو السيناريو الطائفي/ الديني الأبشع والأكثر وحشية ودموية، وهو السيناريو الذي يريح الكيان الصهيوني من عناء الحرب في لبنان، باسم المساهمة في نزع سلاح حزب الله.

وهو السيناريو المتمثل في الاتفاق مع الإرهابي أبي محمد الجولاني/الشرع، لتحضير وتجهيز وتحريك الجماعات الجهادية الإرهابية، من جميع الجنسيات العالمية التي دخلت معه سوريا، يوم 8 ديسمبر 2024م، للحرب في لبنان ضد حزب الله “الشيعي”، وللمساهمة في نزع سلاح حزب الله. وهو سيناريو أمريكي/صهيوني، وبمباركة من السعودية والإمارات، لتعميم نشر الحرب الطائفية، وتدمير ما تبقى من الدولة اللبنانية، ومن وحدة المجتمع اللبناني، الذي حافظت المقاومة مع جميع القوى الوطنية الديمقراطية عليه متماسكاً عند الحد المعقول من الوحدة الوطنية اللبنانية، لاستكمال إحكام الطوق الصهيوني والاستعماري على كل المنطقة.

نزع سلاح حزب الله ووصف مبعوث ترامب للصحفيين اللبنانيين بالحيوانات

والمفارقة أن هذا السلاح الذي يطالبون بنزعه لم يُوجَّه يوماً إلى الداخل اللبناني، بل كان حصراً في مواجهة العدو الصهيوني، وبه تم تحرير الجنوب اللبناني عام 2000، والتصدي لعدوان 2006، وسلسلة من المعارك البطولية التي أعادت الكرامة العربية، على القاعدة الذهبية الوطنية اللبنانية: وحدة الشعب والجيش والمقاومة.

والمطلوب اليوم، أمريكياً وصهيونياً، تفكيك وتدمير هذه المعادلة.

ذلك أن المهمة الأساسية أمريكياً وصهيونياً وعربياً رسمياً اليوم هي:

تنفيذ قرار نزع سلاح المقاومة الفلسطينية كلها، وليس حماس فقط.

نزع سلاح حزب الله وتفكيكه وتدميره (وليس حتى تسليمه للجيش اللبناني ليستفيد منه عسكرياً، كما تم في المرة الأولى).

هذه رغبة سعودية إماراتية بامتياز، تلتقي مع الإرادة الأمريكية-الصهيونية، مع إبقاء الاحتلال الإسرائيلي قائماً في فلسطين، متوسعاً في سوريا حيث يسيطر على الجنوب السوري، وهو اليوم يؤسر،ل مدينة” القنيطرة”, ومناطق واسعة أخرى تصل إلى أكثر من 500 كيلو متر داخل الأرض السورية وتصل حتى حدود العاصمة دمشق، ، فضلاً عن استمرار احتلاله لثماني مناطق لبنانية، مع اعتداءات متواصلة شبه يوميه على لبنان لم تتوقف، منذ اتفاق 28 نوفمبر 2024 وحتى اليوم.

وكانت الإهانة الكبرى للبنان أن وصف توم باراك – مبعوث الرئيس الأمريكي، ترامب – الصحفيين والسياسيين اللبنانيين الذين حضروا مؤتمره الصحفي بـ”الحيوانات”، في مشهد مهين للكرامة الوطنية.

وهو مشهد متكرر بين قادة أمريكا والقادة الصهاينة.. ألم يسبق أن وصف قادة الكيان الصهيوني الشعب الفلسطيني بــ”الحيوانات”؟!

كل ذنب المقاومة اللبنانية أنها هزمت إسرائيل وحررت أرضها، بإمكانيات بسيطة ومحدودة، ولكن بعزيمة وإرادة مقاومة عظيمة وانتصرت.. لذا فالمطلوب اليوم تجريدها من السلاح.

والأدهى أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني منعا لعقود تسليح الجيش اللبناني، في إطار خطة تهدف في النهاية إلى وضع لبنان تحت السيطرة الكاملة للعدو، تماماً كما حدث في سوريا اليوم التي تجري محاولة تقسيمها إلى مناطق نفوذ طائفية وعرقية بيد الخارج، وبإدارة أدوات محلية.

لقد أعلنها الصهيوني الأمريكي توم باراك قبل أسبوع قائلاً: لن نسلح الجيش اللبناني ليتوجه بسلاحه لمحاربة إسرائيل. قالها وأعلنها صراحة بكل هذا الوضوح!!

اليوم أصبح الفلسطيني – بعد حرب الإبادة والتجويع – هيكلاً عظمياً يمشي على الأرض، مستنداً فقط إلى إرادة أسطورية للبقاء رغم خذلان النظام العربي الرسمي، بل وتورط بعضه في المشاركة في الإبادة.

الخطاب العربي الرسمي لا يزال يحمّل المقاومة (حماس) وانتفاضة 7 أكتوبر 2023 مسؤولية ما يجري، متجاهلاً أن الاحتلال الصهيوني قائم منذ أكثر من ثمانين عاماً بجرائمه المستمرة، وبعمليات الاستيطان التي لم تتوقف في كل الضفة الغريبة والقدس المحتلة.

حتى لم يتبق ما يمكن أن تقام عليه ما يسمى “حل الدولتين”.

العالم اليوم منقسم إلى قسمين:

قسم يبرّر الإبادة ويشارك فيها: أمريكا، إسرائيل، ومعظم الأنظمة العربية الرسمية.

وهي الجبهة الأمريكية/ الصهيونية.

وقسم آخر يدين إسرائيل، ويطالب بمحاسبتها أمام المحاكم الدولية، وفرض العقوبات عليها، وقطع العلاقات معها، وفرض حصار بحري وجوي حتى توقف حرب الإبادة، وهو موقف تتبناه – كما سبقت الإشارة – شعوب العالم الحر خارج المنطقة العربية.

وهي الجبهة الإنسانية.. في صورة الشرق العالمي، والجنوب العالمي، ومعه الدول الحرة في بعض دول أوروبا.

في المقابل، نجد بعض الأنظمة العربية توسّع علاقاتها التجارية والمالية بل وحتى الاستخبارية، مع الكيان الصهيوني، بل وتزوّدها بالمواد الغذائية والدوائية وحتى السلاح، وتغلق المعابر أمام المساعدات الإنسانية لغزة!!

أما إعلام هذه الأنظمة العربية المطبّعة مع دولة الكيان الصهيوني، فيذهب إلى حد السخرية من “قوافل اسطول الصمود العالمية”، ويصفونها بأنها بلا جدوى، وأنها ظاهرة إعلامية استهلاكية.

 والسبب في ذلك أن هذه القوافل العالمية عبر البحر، تفضح تواطؤهم، وتكشف حصارهم المتعمّد لغزة.

الخلاصة: مطلب نزع سلاح المقاومة الفلسطينية واللبنانية هو مطلب عربي رسمي، قبل أن يكون مطلباً أمريكياً أو صهيونياً، وحرب الإبادة لن تتوقف إلا إذا شعر نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف أنهم أغرقوا بما يكفي في الدم الفلسطيني.

ولهذا أؤكد أن تجريد المقاومة من سلاحها – فلسطينياً ولبنانياً – هو من أبرز أولويات النظام السياسي العربي اليوم، وخاصة السعودية والإمارات والبحرين والمغرب.

اقرأ أيضا :لماذا يقوم الرئيس الكولومبي بما لم يقوم به الزعماء العرب؟

اقرأ أيضا للكاتب :ثورة 26 سبتمبر 1962م .. والسعودية، في جدل الوطني والقومي التحرري(2-2)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى