طوفان البحر الأحمر..ما التكلفة التي تتكبدها واشنطن
طوفان البحر الأحمر..ما التكلفة التي تتكبدها واشنطن
طوفان البحر الأحمر..ما التكلفة التي تتكبدها واشنطن
الاثنين22يناير2024_تقرير للميادين_ في ظل التصعيد القائم للولايات المتحدة الأمريكية في البحر الأحمر، نجحت صنعاء في تقويض سلطة وهيمنة الولايات المتّحدة على الملاحة الدولية.
فمعركة البحر الأحمر التي أعلنتها القوات المسلحة اليمنية مساندةً لغزة تكبّد الولايات المتّحدة والدول الأوروبية ثمناً سياسياً واقتصادياً باهظاً، فما خيارات الولايات المتّحدة في معركة البحر الأحمر وأي تبعات لها على الاقتصاد الأوروبي؟ وهل من مخاطر في تحولها إلى حربٍ إقليميةٍ شاملة؟
يرأى موقع “ذا انترسبت” أنّ الولايات المتّحدة وضعت نفسها أمام هزيمةٍ جيوسياسية في البحر الأحمر، حيث أنّ ضرباتها الجوية لا توقِف الصواريخ من اليمن ولا تخفف من اضطرابات الاقتصاد العالمي.
وقال الموقع إنّ اليمن فرض حصاراً جيوسياسياً على بايدن، إذ إنّ تصعيد واشنطن ضرباتها الجوية ضد اليمن سيزيد اضطرابات الشحن العالمية، ما سيؤدي إلى نتائج عكسية على صعيد تخفيف التداعيات الاقتصادية ويفاقم خطر اندلاع حربٍ اقليميةٍ شاملة، أمّا أيّ تفاوضٍ أو رضوخٍ للمطالب اليمنية فسيكون استسلاماً أميركياً أمام صنعاء.
وإلى جانب الثمن السياسي الباهظ التي تتكبده الولايات المتحدة بفعل معركة البحر الأحمر، تواجه واشنطن أيضاً، استنزافاً لمخزونها من الأسلحة، بحسب ما ذكرته صحيفة “بوليتيكو” الأميركية.
وأوضحت الصحيفة أنّ “الجيش الأميركي يستخدم صواريخ باهظةً لإسقاط مسيّراتٍ رخيصة، ما دفع البحرية الأميركية إلى المطالبة بتمويلٍ إضافيٍ بمليارات الدولارات لتجديد مخزون الجيش من الذخائر، وسط مخاوف من تحويلٍ للموارد الأميركية عن عملية ردعٍ محتمَلةٍ في المستقبل مع الصين بشأن تايوان”.
تأثير معركة البحر الأحمر لا يقتصر على دولٍ بعينها، بل يمتدّ إلى البنوك المركزية في أوروبا. بحسب موقع “بلومبرغ”، فالارتفاع الحالي لتكاليف الشحن وآلية نقل التكلفة إلى المستهلكين وسط بطء عبور الإمدادات عبر البحر الأحمر، يؤثّران على معدّل التضخم الكلي في أوروبا، لا سيّما في ظل ارتفاعٍ تخطى الـ 300% في أسعار شح الحاويات من آسيا إلى أوروبا.
تكلفة مادية وبشرية ولوجستية
وتعقيباً على هذه المعلومات، قال محلل الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية منذر سليمان، إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن اعترف بفشل سياسة الردع الأميركية في اليمن، عندما قال إنه “لم يستطع إيقاف الهجمات الحوثية”، وبالتالي من الواضح أنّ المعلومات التي روّجتها الولايات المتّحدة بأن الضربة الأولى التي شاركت بها بريطانيا استهدفت أكثر من ستين هدفاً، كان يُفترَض أنها استطاعت القضاء على مخزون للصواريخ وللمسيرات بشكل كافي، تبيّن لاحقاً أن هذا الأمر ليس صحيحاً وأيضاً التحالف البحري الذي حاولت الترويج له بأن هناك 40 دولة تؤيده وعشرين دولة منضمة لهذا الحلف، تبيّن بأن هناك حوالى 6 دول فقط ربّما مُشارِكة لوجستياً عدا عن أنّ الولايات المتّحدة هي الأساس في هذا العمل.
ورأى أنّ “السياسة التي اعتمدها بايدن في محاولة الظهور بأنه هو الذي يحمي الملاحة والتجارة الدولية، وأنه هو الذي يحمي مصالح الأمن القومي الأميركي تبدو الآن هزيلة وهشّة أمام واقع تصميم الجيش اليمني على التحدي والمواجهة المستمرة ولديه القدرة”.
وفيما يتعلق بمسألة مخزون الذخيرة الأميركية، فأشار إلى أنّ “البحرية الأميركية لا تستطيع الاستمرار بإطلاق الصواريخ لأنه في فترة من الفترات ستضطر هذه السفن البحرية إلى العودة إلى موانئ التخزين لتخزّن خاصةً إذا استمرّ اليمن بالقدرة على التحدي والمواجهة، وهذا الأمر يشكل مشكلة لوجستية ومادية”.
وبشأن تفاعل الداخل الأميركي مع العدوان على اليمن، فذكر سليمان أنّ هناك ردة فعل متباينة داخل أعضاء الكونغرس من الحزبين، فبعضهم قال إن بايدن تأخر كثيراً في الرد وأنه كان يجب أن يرد بصورة سريعة، فيما قال آخرون إنّه على بايدن أن يعود إلى الكونغرس، وإنّ سلطات الحرب لا تمنح الرئيس أن يُقدم على عمل عسكري دون تشاور مسبقاً مع الكونغرس، وعلى المستوى الشعبي كانت التظاهرات الأخيرة تضع غزة واليمن بصورة متساوية، وأدانت بايدن وارتكابه الجرائم.
وعن مقتل جنديين أميركيين من قوات السيل البحرية الخاصة، فأكّد سليمان أنّ واشنطن تحاول إخفاء خسائرها، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على خسائرها من جراء الهجمات على قواعدها في العراق وسوريا، وهذا يعود إلى تخوّفها من انقلاب الداخل الأميركي على الإدارة الأميركية.
وأكد محلل الميادين للشؤون الدولية والإستراتيجية، أنّ “إسرائيل وتحديداً نتنياهو هو الذي يرغب بتوسيع الحرب، إذ يعتبر أنّ توسيع الحرب سيساعد على إدخال الولايات المتّحدة وأنها فرصة تاريخية لضرب محور المقاومة كله وإيران”.
عدوان التحالف السعودي يعد لقاحاً لليمن.. وصنعاء أضرّت بهيبة واشنطن
في سياق متصل، قال محلل الميادين لشؤون الأمني القومي علي جزيني، إنّ هناك كلفة مادية هائلة تتكبّدها البحرية الأميركية في التصدي للصواريخ، مشيراً إلى معترضات تترواح كلفتها بين 2 إلى 10 ملايين دولار.
الكلفة المادية ليست الأمر الوحيد الذي تعاني منه البحرية الأميركية، إذ أنّها ستواجه صعوبة في إعادة صناعة هذه الصواريخ الاعتراضية المعقّدة والتي تحوي على مكونات إلكترونية يجب استيرادها، مع الإشارة إلى صعوبات تواجه سلاسل توريد الالكترونيات، وهذا بالإضافة إلى عمليات إعادة التذخير، بحسب جزيني.
فشل واشنطن في تحقيق أي نجاح يتعلق بمواجهاتها مع اليمن، يتعلق بحسب وجهة نظر جزيني، بعاملين أساسيين؛ الأول يرتبط باليمن نفسه، والثاني يرتبط بالقدرات الأميركية المتواجدة في المنطقة.
وأوضح جزيني أنّ “اليمن وبعد أكثر من 9 سنوات على الحرب، طوّر العديد من الإجراءات للتعامل مع هكذا مواجهات، وكان عدوان التحالف السعودي بمثابة بروفا أو لقاح لليمن تجاه أي حرب حديثة”.
ومن الناحية الأميركية، فأشار جزيني إلى أنّه ليس هناك أيّ جهد استخباري سابق للضربة التي وجهتها الولايات المتحدة وبريطانيا. وقال إنّ الأميركيين يعيدون استهداف مواقع تم ضربها خلال العدوان السعودي، لأنهم لا يملكون أي أهداف اليوم، فضلاً عن أنّ القدرات اليمنية نفسها هي قدرات بأغلبها قدرات متحركة يمكن إطلاقها من منصات أو آليات متحركة، وبالتالي فإنّ ضربات واشنطن لا تعيق أي عملية إطلاق مستقبلية، ونتيجة لذلك فإنّ الولايات المتّحدة تملك تأثيراً محدوداً على البنية العسكرية اليمنية، ومن المتوقع أن تأخذ خيارات سياسية واقتصادية للضغط على اليمن ووقف عملياته”.
أما بالنسبة لنتائج وتأثير هذه المواجهات على الولايات المتحدة، فاعتبر أنّها تطال بشكل أساسي بهيبتها وبسيطرتها على النظام الدولي، وعلى تأمين خطوط التجارة التي تسيطر عليها وتقوم بتأمينها كقوى بحرية مهيمنة، مشيراً إلى أنّ صنعاء استطاعت تقويض سلطة وهيمنة الولايات المتّحدة في هذا الممر البحري المهم جداً.
صنعاء تكمّل محور المقاومة.. واليمن مفتاح البحر الأحمر وباب المندب والمحيط الهندي
قال محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية قاسم عز الدين، إنّ “صنعاء وأنصار الله تكمّلان حلقة محور المقاومة، ولا يجب أن نأخذ كل جبهة على حدا ونقيسها ماذا فعلت وماذا لم تفعل، بل المهم أنّ هذا المحور هو متكامل، من غزة إلى لبنان، إلى سوريا، إلى العراق، إلى اليمن، هو حلقة متكاملة يكمّل بعضه البعض ويصبّ بالاتّجاه الاستراتيجي الذي تمثّله اليوم صنعاء ويمثله أي طرف في محور المقاومة في محيطه”.
وأضاف أنّ “محور المقاومة يفرض وجوده كندّ استراتيجي من المتوسط إلى البحر الأحمر إلى باب المندب وحتى إلى المحيط الهندي”.
وذكر أنّ “المعادلة التي فرضتها صنعاء، تؤكد أنّ اليمن هو مفتاح البحر الأحمر وباب المندب والمحيط الهندي، وكانت تطالب بوقف الحرب عليها، لكن اليوم تطالب بوقف الحصار على غزة”.
وأشار إلى أنّ هناك قوى عربية وإقليمية لا تحمي وجودها بنفسها في البحر الأحمر، وهذا الغياب والفراغ تحتله اليوم صنعاء، وأوروبا هي المتضرر من هذا الأمر بشكل أساسي وليست الولايات المتحدة التي تمر سفنها التجارية عبر قناة باناما”.
وأضاف أنّ صنعاء التي تتعرض إلى حرب وحصار طيلة أكثر من 9 سنوات، وضعت واشنطن أمام امتحان وفشلت الأخيرة فيه، وهذا يعني أنّ صنعاء هي التي تلعب دوراً إقليمياً واستراتيجياً، والولايات المتّحدة غير قادرة على أن تكون شرطي العالم”.