ثبات الموقف وتوازن السياسة

ثبات الموقف وتوازن السياسة
- احمد سليم الوزير
الأربعاء14مايو2025_

الكثيرون توقعوا أن يعاود ترامب استئناف العمليات العسكرية ضد اليمن فور انتهاء جولته في دول الخليج.
وفي حين عبّر بعض المحسوبين على أنصار الله عن استيائهم من قرار القيادة السياسية بوقف إطلاق النار، بل وذهب بعضهم إلى حد المطالبة بمنع الوفد الأمريكي من زيارة دول الخليج، فإن الحقيقة التي يجب التوقف عندها هي أن وقف إطلاق النار في هذه المرحلة يُعد انتصارًا سياسيًا لليمن، لا تراجعًا.
فالعمليات العسكرية ضد أمريكا، وإن كانت تُوجع العدو وتُربكه، إلا أنها تستنزف اليمن أيضًا. فالإجرام الأمريكي لا يفرّق بين هدف عسكري أو مدني، وقد دفع شعبنا كلفةً باهظة من دمه واقتصاده وبُناه التحتية. واليمن اليوم يمر بظروف اقتصادية قاسية، ومن الحكمة أن نلتقط أنفاسنا، نُعيد ترتيب أولوياتنا، ونستعد لما هو أهم وأخطر.
الإنتاج الصاروخي محدود، ولا يصح أن يُستنزف في البحار، بل الأولى أن يُوَجَّه نحو العدو المركزي… نحو الكيان الصهيوني.
مجرد جلوس أمريكا للتفاوض مع اليمن، هو بحد ذاته اعتراف ضمني بأن اليمن أصبح قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها. الأمريكي لا يفاوض الضعفاء، ولا يجلس مع من لا يخشاهم. وهو يدرك أن الانزلاق في مستنقع اليمن سيكلفه أكثر مما يحتمل.
وقد قال ترامب خلال زيارته للسعودية إنه يؤمن بالسلام باستخدام القوة، وهذا بالضبط ما فعلته اليمن: فرضت على أمريكا السلام… بالقوة.
القوة العسكرية يجب أن تظل الرديف المساند للسياسة، لا بديلًا عنها. فلا يمكن لليمن أن ينهض كدولة حقيقية إذا همّش السياسة أو اختزل المعركة في البندقية وحدها. حتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاوض مشركي قريش، ووقّع معهم معاهدات، واحترمها طالما التزموا بها.
في هذه المرحلة، من الذكاء السياسي أن يتم تجريد المرتزقة من داعميهم، وإقناع أولئك الداعمين بعدم جدوى المراهنة عليهم. وهذا ما بدأ يتحقق فعليًا: الجميع يحترم العدو الصادق، ويحتقر الحليف الكاذب.
ومع مرور الوقت، وبثبات الموقف وتوازن السياسة والقوة، يمكن لليمن أن ينتزع اعترافًا دوليًا بشرعية حكومته، ويستعيد ما تبقى من الأراضي المحتلة بأقل كلفة عسكرية ممكنة.
اقرأ أيضا للكاتب: كشمير .. أرض الجمال والصراع
