الدكتور اشرف عقل سفير مصر الأسبق في اليمن يكتب عن البن اليمنى وأنواعه
الدكتور اشرف عقل سفير مصر الأسبق في اليمن يكتب عن البن اليمنى وأنواعه
الدكتور اشرف عقل سفير مصر الأسبق في اليمن يكتب عن البن اليمنى وأنواعه
د.أشرف عقل
_ يصادف يوم ٣ مارس من كل عام اليوم الوطني لزراعة البن ، حيث يتم الاحتفال به من جانب المؤسسات اليمنية المختلفة . ورغم اكتشاف اليمنيين للبن كمشروب منذ أكثر من ثمانية قرون ، إلا أن تاريخ إنتاجه وتصديره في اليمن يعود إلى أوائل القرن الرابع عشر الميلادي . ويعد المزارع اليمنى أول من استزرع هذا المحصول وحوله إلى سلعة قابلة للتبادل التجاري ، واحتكر تجارته لأكثر من ثلاثة قرون ، ليصبح حاليا المشروب الثاني عالميا في التبادل التجاري ، وذلك بعد الماء الذي هو سر الحياة .
_ وخلال فترة طويلة من زراعة البن في مناطق بيئية متباينة ، استنبط المزارع اليمنى العديد من الأصناف والطرز الوراثية المتلائمة والمتكيفة مع الظروف البيئية والزراعية والحيوية لزراعته في اليمن ، الأمر الزى مكنها من البقاء والاستمرار فى الإنتاج والعطاء وإكسابها صفات جودة خاصة ومميزة لدى المستهلك .
_ ورغم أن معظم أنحاء اليمن مناسبة لزراعة أشجار البن مناخيا وبيئيا ، إلا أنه يزرع حاليا في ١٥ محافظة من أصل ٢١ محافظة يمنية تبدأ من السلاسل الجبلية الواقعة في محافظة صعدة شمالا والممتدة حتى مرتفعات يافع في الجنوب ، وما يتخللها من وديان عميقة وقيعان تسود فيها الظروف البيئية المناسبة . وهناك ٣ أنظمة لزراعة البن هي :
– قيعان الوديان التي تروى بالسيول والمياه الجوفية .
– السفوح المتوسطة الارتفاع والتي تعتمد على الأمطار والري الجوفي ومياه العيون الصغيرة .
– المدرجات المطرية التي تعتمد كليا على الأمطار والخزانات التي أنشئت لتخزين هذه الأمطار .
_ وتتوزع أصناف البن بين المحافظات اليمنية ، وهناك العشرات من الأسماء المحلية لأصناف البن المختلفة في اليمن ، وعلى الرغم من أنها تشترك فى بعض الخصائص ، إلا أنها يمكن أن تبدو مختلفة عند التذوق عن بعضها البعض . ومن أهمها : المطري ، الدويري ، الحرازي ، التفاحي ، الاسماعيلي ، الجعدي ، الحوري ، الحيمي ، الصنعاني ، المحويتي ، العديني ، الفضلي ، الشرفي الصعفاني ، الحمادي ، الملحاني، الحوفاشي، اليافعي ، الحفاشي ، العيسائي ، القطي ، الطسوي ، الحمومي ، الريمي ، البرعي ، الكوباري ، الناخبي ، الشبريقي ، الصغيري ، جبل الرس ، الشامي ، البازي ، الجعاري ، المسرحي ، الصافي ، الشاني ، الملحاني ، الدواراني ، الخولاني ، ، وغيرها .
– وقد ارتبطت شجرة البن طيلة عدة قرون باليمن ، الزى احتكر أسرار زراعته وطرق تحميصه وتصديره إلى أسواق العالم ، ومن ميناء ” المخا ” غرب اليمن اشتق اسم القهوة Mocha Cofee . وبحسب التصنيف فإن أي قهوة تسمى موكا يجب أن تكون يمنية الأصل . وقد كان اليمن فى القرنين ١٧ و ١٨ يحتل المرتبة الأولى عالميا فى زراعة وتجارة وتصدير البن ، مما أعطى اليمن حضورا عالميا فى هذه الصناعة حتى العقود الأخيرة .
_ ومع كل ذلك التميز والتجدد والتنوع فى البن اليمنى ، يظل الحديث عن موطنه الأصلي محسوما كواقع مثبت فى مدونات تاريخية تتحدث عن اليمن كموطن أصلى للبن العربي ، وأول مكتشف للمشروب ، وأول مصدر للحبيبات الخضراء عبر قرون من الزمن ، وأن أرضه زاخرة بأقدم التنوعات الوراثية ، ومحتفظة بالبن الفريد الأعلى فى سعره ، والأفضل فى مذاقه ونكهته على مستوى العالم حتى اليوم .
_ وتتسم الثقافة اليمنية عموما بأنها ثرية وواسعة ومتجذرة في أعماق التاريخ . كذلك ، فإن ثقافة القهوة عند اليمنيين تميزت بشكل كبير ، وكانت جزءا أساسيا من حياة المجتمعات اليمنية وعاداتهم وتقاليدهم . وللقهوة طقوسها وثقافتها الخاصة والمميزة التي يتفاخر بها اليمنيون ، ولعل أبرز ما اتسمت به القهوة سواء آنيتها أو وعائها أو أساليب تقديمها ، أو ظروف تعاطيها فى مختلف المناسبات مثل : الأعراس والمواليد والوفيات ، كما إنها إحدى الوسائل لتبادل الزيارات وتجمع الأهل والمعارف حول جمان وأواني القهوة والقوازي والحياسي والصياني مختلفة الأشكال والألوان والأحجام .
_ وتتشابه وتتقارب طقوس القهوة في أنحاء اليمن ، وإن كانت هناك بعض الاختلافات البسيطة هنا وهناك ، فإن ذلك لا ينفى واحديه الطقوس ، لذا نشير إلى بعض المؤشرات المشتركة في جميع المناطق ، ومنها :
– إنه حتى وقت قريب ، ظلت الأدوات الرئيسية المستخدمة في إعداد وتجهيز البن وتقشيره وطحنه هي حجر الرحى ” المطحنة ” التي مازال العمل بها ساريا حتى اليوم في بعض المناطق الريفية .
– كان الناس يفضلون طحن الصافي من البن مخلوطا مع القشر واستخدامه لإعداد القهوة . وغالبا ما تكون قهوة خفيفة وغير مركزة فاتحة اللون لأن درجة التحميص تكون خفيفة ، عدا بعض المناطق البدوية التي يميل أهلها لتحضير القهوة العربية باستخدام حب البن الصافي فقط.
_ ظلت القهوة المشروب الأكثر انتشارا بين كافة الطبقات الاجتماعية فى اليمن ، حيث تقدم في كافة المناسبات ، حتى بدأ الشاي يتخلل حياة اليمنيين ، تلاه العصائر والمشروبات الغازية ، فأخذت القهوة تفقد مكانتها شيئا فشيئا وخاصة فى المدن ، بيد أن المشروبات الجديدة لم تغير كثيرا من طباع سكان الريف الذين استمروا على وفائهم لمشروع الآباء والأجداد .
– أنه على مدى عقود طويلة ، ظلت الأواني المستخدمة في إعداد وشرب وحفظ القهوة تقتصر على ما يتم صناعته محليا من أوان خشبية وخارجية ونحاسية .
_ وأخيرا ، يظل فنجان القهوة ، مهما كان شكله ، عنوان محبة ، ويظل الأسلوب المتبع في تقديمه وسيلة من وسائل التعبير عن الترحاب والحفاوة ، كما أن فنجان القهوة ، عدا عن كونه تعبيرا عن كرم الضيافة ، فإنه يحمل رسائل ذات مضامين معترف بها وبمغازيها عند كثير من أمم وشعوب العالم .
* المرجع : مصادر متعددة .
د. أشرف عقل سفير مصر الأسبق لدى اليمن