اخبار محليةحواراتمجتمع مدني

“التين”مصدر رزق البسطاء خلال سنوات الحرب

“التين”مصدر رزق البسطاء خلال سنوات الحرب

عبدالرحمن مطهر

  الاثنين21 أغسطس2023 مع بزوغ أشعة شمس في الصباح الباكر، ينطلق مئات من البسطاء ،مزارعين وباعة متجولين إلى التلال القاحلة في ضواحي العاصمة صنعاء، إلى غيمان وإلى قرية حدة وقرية سنع ، وإلى غيرها من الضواحي القريبة من العاصمة ، وذلك لجمع ثمرة التين الشوكي المعروفة محليا باسم “البلس”.

هذه الثمرة التي تباع أحيانا بأبخس الأثمان،  وأحيانا أخرى يرتفع سعرها إلى مستويات قياسية، من عشر حبات بـ مائة ريال ، إلى حبه واحدة بمائتين ريال ،الأمر الذي جعل من هذه الثمرة مصدر دخل الكثير ، خاصة أن زراعتها لا تحتاج  على الماء بشكل كبير أو إلى الكثير من التعب والجهد.

ويعد التين من بين الفواكه الأكثر مبيعاً في السوق المحلية لما يتمتع به من طعم لذيذ ، خاصة عندما يكون في موسه ، مع ان فصول السنة المختلفة أصبحت له موسم، فضلا عن فوائده الصحية ورخص ثمنه كما ذكرنا.

ومع العدوان على اليمن ،وانقطاع الرواتب عن الموظفين ، تحول الكثير من المزارعين اليمنيين إلى زراعة هذا النوع من النباتات الصحراوية الشائكة في مزارعهم، خاصة مع النقص الشديد في الوقود ، والتي بالتالي تسبب في توقف مضخات الري وحولت آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية الخصبة إلى حقول قاحلة، وأصبح الكثير من الموظفين يعلمون في بيعه.

في هذا الإطار يقول المهندس عادل مطهر صاحب مزرعة التين الشوكي بمنطقة غيمان شرق العاصمة صنعاء ، بأنهم في غيمان بدءوا  العمل المجتمعي لمكافحة أشجار القات واستبدالها بأشجار ذات قيمة غذائية واقتصادية في منطقة غيمان منذ سنوات قبل العدوان على اليمن، حيث قام أولاد مطهر الصنعاني في منطقة غيمان بإنشاء شبكة ري حديثة لزراعة التين الشوكي، التي تم زراعتها مكان أشجار القات، والتي كانت ستنزف المياه الجوفية في غيمان بشكل كبير، قبل أن يتحول الكثير من سكان غيمان، بني بهلول، محافظة صنعاء شرق العاصمة، إلى زراعة التين الشوكي بديلاً عن القات، وذلك لمردودة الاقتصادي الكبير، ولدوره في الحفاظ على المياه الجوفية، وأيضاً لقيمته الغذائية الكبيرة.. كما تأتي هذه الخطوة في إطار حرص الأهالي على الاستغلال الأمثل لمورد المياه، باعتباره من الميزات الأساسية لانتشار زراعة التين الشوكي، إلى جانب تعظيم الإسهامات والعائدات الاقتصادية.

وأضاف المهندس عادل : بأنه تم تأسيس مزرعة صديق المزارعين الوالد المرحوم أحمد مطهر في العام 1996م بمساحة أربعة هكتارات في غيمان، وفي بداية زراعته للتين الشوكي نعته أهالي المنطقة بالمجنون، فقالوا له كيف يا مجنون تقلع أشجار القات، التي تدر عليك الكثير من المال بهذا الشوك، أي بأشجار التين الشوكي، وفي أخصب الأراضي التي تملكها، لكنه لم يعر كلام أهالي المنطقة أي اهتمام، واستمر في زراعته للتين، وأصر بشكل كبير على النجاح في هذه المغامرة، خاصة أن التين الشوكي كان في تلك الفترة ـ بل وحتى اليوم ـ في كثير من المناطق اليمنية من الأشجار التي ليس لها أية قيمة اقتصادية، بل إن أشجار التين الشوكي كانت ولا تزال عبارة عن أشجار للسور، أي تسوير المزارع بأشجار التين، وكانت تزرع في الأراضي غير الخصبة، لكن الوالد رحمه الله أصر على النجاح في قصة زراعة التين الشوكي وراهن أن مردودها الاقتصادي أكبر من أشجار القات، ونجح في ذلك ونحن أولاده قمنا بعون الله في استكمال قصة نجاحه، من خلال زراعة التين الشوكي مكان أشجار القات، فقضى التين على القات وحافظ على المياه الجوفية، وتوسعت زراعة التين في غيمان بشكل عام، واليوم بحمد الله التين الشوكي وفر أكثر من خمسة  آلاف فرصة عمل دائمة لمسوقي التين وحوالي اثنى عشر ألف فرصة عمل في الموسم الذي يبدأ من شهر يونيو وحتى سبتمبر.

ظهور التين

 وحسب دراسات علمية عرف نبات التين في منطقة هايتي بأمريكا اللاتينية منذ عام 1515م ودخل أوروبا عام 1777م ثم انتشرت زراعته في المكسيك، شيلي، بيرو، البرازيل، بوليفيا، الأرجنتين، إيطاليا، إسبانيا، اليونان جنوب وشمال أفريقيا بالإضافة إلى منطقة الشرق الأوسط.

الفاكهة العجيبة

إلى ذلك تفيد العديد من التقارير الطبية بأن ثمار التين الشوكي هو الفاكهة الوحيدة، التي لها فاعلية حقيقية في المساعدة على هضم المواد الدهنية، ووجبات الطعام الدسمة، وينصح خبراء التغذية بتناولها عقب الوجبات الدسمة، بالإضافة لقدرتها علي القضاء على رائحة الفم غير المستحبة.. كما أن للبذور السمراء الموجودة داخل ثمرة التين الشوكي تأثيرات إيجابية للتنشيط الطبيعي لجدار المعدة والأمعاء، وأن لمحتويات الثمار فوائد ملينة، ومنظفة فائقة الجودة للجهاز الهضمي لدرجة لا يمكن مقارنتها بأعظم العقاقير الصناعية في العالم، وبناء علي ذلك يعتبر تناول ثمار التين الشوكي أفضل طرق الوقاية والعلاج لحالات عسر الهضم والإمساك، وقد وجد بالتجربة العملية أنه عند الرغبة في تنظيف محتويات الجهاز الهضمي من الفضلات الضارة المتجمعة في الأمعاء يمكن تناول التين الشوكي صباحاً علي الريق.

والتين والزيتون

أيضاً نلاحظ أن ورود كلمة التين بالقسم الإلهي العظيم جاءت مطلقة (والتين والزيتون) أي لم تفرق بين أنواع التين أو تحدد نوعاً خاصاً، وبناء على ذلك ربما تعني التين: البرشومي، والتين الشوكي، الذي يعرف عند أهل فلسطين والشام وجنوب الجزيرة العربية باسم تين الصبار، ومما يؤسف في بلادنا هو أن العديد من دول العالم بدأت في الاهتمام بأشجار التين الشوكي، وتعمل على توسيع رقعة انتشاره، للحصول على ثماره وأوراقه، بينما يقوم البعض لدينا بإزالة تلك المساحات الخضراء الغنية بهذا النبات وثماره، المعطاءة غذاءً وصحة، والواعدة في احتمالات الاستفادة العلاجية من أجزائها، وكأنها أشجار ضارة، يجب التخلص منها، لكن المرحوم أحمد مطهر وأولاده من بعده اثبتوا للجميع على أهمية أشجار اليتني الشوكي وعائدها الاقتصادي الكبير، مقارنة بأشجار القات، التي ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في تخلف اليمن.

أقرأ أيضا:تحديات زراعة القمح في اليمن لتحقيق الاكتفاء!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى