كتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل .. هل الديمقراطية هي الحل؟

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل .. هل الديمقراطية هي الحل؟

يوميات البحث عن الحرية .. هل الديمقراطية هي الحل؟

  • عبد العزيز البغدادي

الثلاثاء 28 أكتوبر 2025-

ستظل اشكالية الخلط بين الدين والسياسة تعطل طاقات الفرد وتفسد علاقته بالمجتمع.

هذه حقيقة تلامس مختلف القضايا العامة التي ما يزال دور الفرد وعلاقته بالمجتمع والسلطة حولها غير واضحة!.

ومن المعلوم ان سلطة اي دولة ديمقراطية حقيقية انما تكتسب شرعيتها من خلال الانتخاب لأنها من اختيار الشعب صاحب الحق في السلطة!.

 ووظيفة السلطة حفظ التوازن بين المصالح وتحقيق الامن والاستقرار والعمل بكل طاقة ممكنة لمنع تعريض حياة الجميع لأي مخاطر وحفظ سيادة الدولة وسلامة اراضيها ومكانتها بين الدول. وقد اصبح الواقع القطري في الوطن العربي الذي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسرائيل إعادة تسميته باسم الشرق الأوسط الجديد ليس فقط بغرض إدماج الكيان الإسرائيلي المصطنع ضمنه بل ولكي يكون لهذا الكيان حق إدارته، وبين الأعراب من يدعم الخطة!.

 هذا الواقع يستوجب التفكير على مستوى القطر بما يحفظ العناصر التي اشرنا اليها.

هذه المقدمة اراها ضرورية للدخول الى موضوع هذه اليوميات كمحور لنقاشات عامة وخاصة يفرضها الواقع المأساوي الذي وصلت اليه القضية الفلسطينية التي ما تزال دولتها في موقع الحُلم.وهو واقع لا يبعد كثيرا عن واقع البلدان العربية الأخرى!.

القضية الفلسطينية جرح نازف منذ ما قبل 1948 اي منذ بدأت هجرات قطعان اليهود باحتلال اراضي الغير باسم الدين اليهودي مستهدفة الاغلبية المسلمة ليعتبرها الحُلم الصهيوني في حكم العدم حسب المنظرين لصنع المأساة وزير خارجية بريطانيا بلفور (أرض بلا شعب لشعب بلا ارض)!

ومعلوم ان حقوق الانسان لا يسيرها منطق الاقلية والاغلبية لعدم قابليتها للمعايير المزدوجة أو لخلق دولة بناء على خرافات ارض الميعاد التي تدعمها بعض التفاسير لبعض الآيات من القرآن حسب آراء بعض المفسرين وحاخامات التوراة ، والانسان الذي لا يتمترس بالعدائية ضد الاخر هو الضحية! المحطة الاخيرة للقضية الفلسطينية كما نعايشها تحول فيها ترامب راعي الجلاد (إسرائيل) الى داعية سلام ، ومنظر لما بعد حرب الابادة وهو الذي دعمها ورعى تمويلها –

 والممولون كما يعلم الجميع يوصفون بانهم عرب اقحاح وربما مسلمون ومن دول ودويلات هي الاقرب الى بلاد الحرمين!.

ومن الغرائب انه وبعد كل ما جرى من ابادة وتهجير وتدمير لغزة واهلها ما يزال هناك من يجرؤ على السؤال : هل انتصرت حماس ام هزمت ؟!:

المسالة اذا تتعلق بمستوى التفكير بأهمية الديمقراطية كطريق لحل المشكلات ومستوى القبول بهذا الحل او رفضه!.

وفي هذا السياق يواجه السؤال السابق بسؤال : هل لا زال يوجد في عصرنا من يشك في اهمية الديمقراطية وجدواها كخيار اساس وجوهري في طريق البحث عن حل لأي مشكلة عامة وحتى خاصة ؟!:

ولمحاولة الإجابة نقول: نعم هناك من يرى ذلك لا بل هناك مفكرون ذهبوا لأبعد منه حيث يسخرون من مقولة: ( الديمقراطية هي الحل)  فيقارنوها بمقولة: ( الاسلام هو الحل)!هذا الحكم المطلق تعسف واضح ليس من حيث المساواة بين المقولتين فحسب وانما لان المقولة الاولى ( الاسلام هو الحل) بها تصور مطلق بان للإسلام مفهوم جاهز ثابت معلَّب قابل للتسويق او لتكفير من يرى خلافه متجاهلا عمدا وعدوانا كون فقهاء المسلمين مختلفين حول كل قضية من القضايا والاحكام الفقهية كما اختلف حاخامات اليهود واحبارهم الى 72 او 73 فرقة قالوا بان جميعها في النار الا واحدة ، وعلى الجميع البحث في ركام الخلافات والاختلافات  كي يجدوا الفرقة الناجية!.

 هذا طبعا عند من يعتبر اراء الفقهاء مقدسة واجبة الاتباع!

 إنه موضوع خلاف منذ حوالي 1500عام و سيظل كذلك الى حين تجاوزه!.

ومن يسخر من مقولة الديمقراطية هي الحل ينتصر لوجهة نظره أحيانا بالقول: بان الديمقراطية الليبرالية الغربية في بداياتها انتجت لنا هتلر الذي ادخل المانيا في دوامة النازية والعنصرية المريضة التي تدفع أثمانها حتى اليوم، وكل عنصرية لاتنتج سوى الموت والدمار!.

أما الديمقراطية الشمولية الشرقية او ديمقراطية الطبقة العاملة (البروليتاريا) التي اوصلت ستالين الى حكم الاتحاد السوفيتي!

 وكانت نتيجة نازية هتلر وديكتاتورية ستالين حسب هؤلاء عشرات الملايين من البشر هم ضحايا الحرب العالمية الاولى والثانية!.

ولا فرق بين نازية هتلر وديكتاتورية ستالين الديمقراطية التي تخدم الانسان منظومة متكاملة وما الانتخابات سوى أحد ادواتها وهذا موضوع يطول الحديث عنه .

ولكننا هنا نكتفي بالقول : بان الديمقراطية كمنظومة متكاملة تأكيد لمبدأ ( السلطة ملك الشعب) توجب التأكد من ممارسة الشعب له طبقا للشروط التي قد تختلف من مجتمع لآخر من حيث الشكل ولكنها تتفق من حيث المضمون.

وبالعودة لما بدانا به الموضوع حول حماس وحق المقاومة نقول: انه حق عام لكل فصيل مقاوم يساوي حق بقية الاعضاء وكل ابناء الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب!.

وقد تكرر النقاش حول تقييم ما قامت به حماس وهل اخطأت ام اصابت هزمت أم انتصرت؟!.

وغالبية الآراء ذهبت الى ان حماس قد أخطأت التقدير بل ان البعض يرى بان ما اقدمت به ليس مجرد خطا بل جريمة جسيمة شاملة بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني!.

 والتقييم حق للشعب الفلسطيني!.

ومع ذلك فإننا نرى أن حماس بإقدامها على ما اطلق عليه طوفان الاقصى قد اوقعت جميع الفصائل في مازق خطير جعلت الدخول في خلافات حول العملية إشغال للفصائل ببعضها عن التفكير في محاولة الخروج من المأزق باقل الخسائر ولهذا احجم الكثيرون عن نقدها بداية العملية وضعفت جدوى النقد بعد خراب غزة وتهجير أهلها وماتزال التداعيات مستمرة !.

كما ان تمسك حماس بادعاء صوابية ما فعلت حتى اللحظة فاقم المأساة ، وقبولها بخطة ترامب اللعينة أخيرا مصادقة في الوقت بعد الضائع على اكبر جريمة في التاريخ بل وحيته على ذلك ولا تملك سوى القبول أما التحية فقد كان بإمكانها أن لا تفعل!.

بعض من أدرك حجم الجريمة والمأساة في مراحلها الاولى ومنهم كاتب هذه السطور رأوا انه كان على حماس تلافي ما يمكن تلافيه من خلال سرعة الاعتراف امام الفصائل الفلسطينية بخطئها وسوء تقديرها!.

 أما القول بأنها لم تكن تتوقع حجم فضاعة رد اسرائيل فينطبق عليه المثل: (عذر اقبح من ذنب)!.

ولا ادر كيف يكون مناضلا او مجاهدا من لا يدرك ما يفعل ويتجاهل مستوى اجرام العدو الذي يواجهه او يدعي مواجهته ؟

واما كيف يكون التلافي؟!

 فالجواب ببساطة: بتسليم حماس الملف للفصائل الفلسطينية الاخرى للتصرف واتخاذ القرار المناسب لمصلحة القضية الفلسطينية بالطرق الديمقراطية وان تبتعد عن اي دور لان من غير المعقول ان يبق من هو جزء من المشكلة جزء من الحل!.

ومن المعلوم أن من يقف خلف كل هذا الاجرام هي القوى العالمية الغاشمة التي تسمي نفسها المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيس للكيان الاسرائيلي، لكن القضية الفلسطينية قد وصلت الى مازق خطير لم يعد معها امام حماس وكل الاطراف أي خيار سوى القبول بما يسمى خطة ترامب وهو ما فعلت بلا ثمن !.

تسليم الملف للفصائل الفلسطينية يعطيها قدر من حرية التحرك لتقرير الخطوات التي تخفف الاضرار والنتائج الكارثية التي لحقت ليس فقط بالقضية الفلسطينية بل وبما يسمى محور المقاومة!

ومن يمتلك حل اخر عليه تقديمه!

ودائما من يراجع المقدمات ويربطها بالنتائج بعقله وقلبه يدرك بلا ادنى شك ان الديمقراطية الحقيقية دائما هي الحل!.

قل ما تشاء ودع احكامهم ترفاً

هم يستبيحون الدماء

لا فرق بين الطفل او بين المقاتل

هذي صلافة بغيهم

من صنع غي البعض

ممن لا يرى أو يبصرُ

اقرأ أيضا للكاتب: أسئلة لابد من طرحها لمحاولة التفريق بين حق المقاومة وحق الانتحار!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى