اخبار محليةحواراتمجتمع مدني

ارتياح كبير لإنهاء تسلط عقال الحارات في توزيع أسطوانات الغاز

ارتياح كبير لإنهاء تسلط عقال الحارات في توزيع أسطوانات الغاز

صنعاء – بشرى الحميدي

تشهد صنعاء حاليا استقرارا تموينيا للغاز المنزلي عقب سنوات من الأزمة التي جعلت الحصول على هذه المادة أمرا في غاية الصعوبة للأسر والقطاعات التجارية على حد سواء.

وقالت الشركة اليمنية للغاز في صنعاء، وهي شركة حكومية تخضع لسلطة حكومة الإنقاذ ، نهاية يوليو أن توزيع الغاز عبر البيع المباشر من محطات التعبئة مستمرا لجميع المواطنين بسعر 6,500 ريالا للأسطوانة عبوة 20 لترا.

مضيفة أن الشركة لديها كميات وفيرة من الغاز لتغطية الاحتياج “ولا داعي للقلق” من اختفاء المادة في الأسواق.

وكانت قد أعلنت الشركة اليمنية للغاز بصنعاء، في نهاية يوليو 2023، تخفيض أسعار الغاز البترولي المسال نتيجة لانخفاض أسعار البورصة العالمية لمادة الغاز المسال، حسب الشركة.

بعد انخفاض قيمة شحنات الغاز المستوردة، قررت الشركة سعر البيع للمواطنين للاستهلاك المنزلي  عبر الوكلاء في الأحياء بـ5500 ريال للأسطوانة بسعة عشرين لترًا، فيما سعر البيع لتموين السيارات عبر المحطات، والقطاعات التجارية وكبار المستهلكين بـ ـ6500 ـ ريال.

كان الإعلان عن تخفيض سعر الغاز المنزلي، وتوفيره في العديد من المحطات، خبرًا مبهجًا لملايين المواطنين في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ بصنعاء، لكنهم يرون أن السعر الأخير الذي أقرته الشركة اليمنية للغاز بصنعاء مازال مرتفعًا في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة لملايين الأسر.

وقبل بدء العدوان على اليمن في 2015، كان الغاز المنزلي يباع بـ 1,250 ريالا للأسطوانة عبوة 20 لترا، لكن السعر وصل إلى ما يقارب 7 آلاف ريالا للأسطوانة الواحدة وعبر آلية معقدة تتم بين عاقل الحي ووكلاء شركة الغاز في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ ،وفق حصة محددة  بأسطوانة واحدة فقط  لكل أسرة  خلال فترة زمنية تصل أحيانا إلى شهرين.

عبدالرحمن مطهر، مدير مكتب صحيفة “الجمهورية” بصنعاء، يقول لـ”المشاهد”: “من الجيد أن تتوفر أسطوانات الغاز المنزلي كما كانت سابقًا قبل العدوان على اليمن. المواطن ذاق الأمرين جراء تسلط عقال الحارات أثناء توزيع الغاز على مدى السنوات الماضية، وأصبحوا في ثراء فاحش جراء هذا التسلط، لأنه كان يتم توزيعه حسب المزاج وحسب المصالح الشخصية”.

يشير مطهر إلى أن المواطن كان ينتظر أربعين يومًا إلى شهرين لكي يحصل على أسطوانة غاز واحدة فقط، وكان يضطر لشرائها من السوق السوداء بأضعاف أسعارها، إذ وصل سعرها في السوق السوداء إلى حوالي 25 ألف ريال، ولهذا السبب، أغلقت العديد من المطاعم والمقاهي أبوابها، وتوقفت مصادر رزق الكثير من المواطنين.

ويضيف: “رغم الإعلان عن انخفاض سعر الغاز، إلا أن السعر حاليًا يعد مرتفعًا في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى. يظل توفر مادة الغاز خطوة إيجابية، ويجب الإشادة بها، وأتمنى أن يتم تطبيع مختلف أوضاع الحياة في اليمن، وطي صفحة الحرب والانقسام لتعود الحياة إلى طبيعتها”.

يتفق أبو عزام المزهري، مواطن في صنعاء، مع مطهر، ويقول لـ”المشاهد”: “بدأت معاناتنا حين ارتفع سعر الأسطوانة الغاز إلي ما يعادل 40 دولارًا، وبدأت السوق السوداء في الانتشار عند اعتماد توزيع الغاز عن طريق عقال الحارات. كان إجباريًا أن يحضر المواطن إلى العاقل ويسجل اسمه، وعند استلام الغاز، يجب إحضار البطاقة الشخصية وبيان كامل عن عنوان السكن وعدد أفراد الأسرة”. يرى المزهري أن تلك الإجراءات جلبت معاناة كبيرة للمواطنين.

وكانت شركة الغاز في صنعاء قد سمحت في أبريل الماضي للمواطنين بالشراء المباشر من محطات الغاز مع استمرار التوزيع عبر آلية عقال الأحياء.

اضطراب سياسي وراء الأزمة

بعد اندلاع الاضطرابات السياسية في اليمن، عام 2011، تزايدت أسعار الغاز والبترول، واستمرت بالارتفاع طوال السنوات الماضية.

علي العزاني، عاقل حارة الدقيق في منطقة مذبح بصنعاء، يقول: “أزمة الغاز المنزلي بدأت فعليًا مطلع العام 2011، وكان حينها يتم التوزيع عبر وكلاء شركه الغاز، وجاء دور عقال الحارات للتعاون مع الجهات الرسمية والشركة لمواجهة الأزمة. في بداية الأمر، كان عقال الحارات يرفضون ذلك، لكن الأزمة اشتدت مع بداية الحرب، وأسهم عقال الأحياء بشكل فاعل في إدارة الأزمة وفقًا لاحتياج الأسر التي تسكن في نطاق كل حي”.

يرى عادل راجح، ناشط سياسي في صنعاء، أن أزمة الغاز المنزلي اختفت في صنعاء والعديد من المناطق التي تقع تحت سيطرة حكومة الإنقاذ بصنعاء، ولم يعد هناك تزاحم على أبواب عقال الحارات، ويستطيع المواطن الآن الحصول على الغاز بسهولة.  يتهم راجح السلطات في مأرب بالتعنت بشأن الكمية المسموح بيعها لمناطق حكومة صنعاء، ما اضطر شركة النفط بصنعاء للتوجه إلى استيراد الغاز من الخارج.

يضيف: “ينبغي على المتصارعين عدم إدخال احتياجات المواطن في الصراع الحاصل، وليس مادة الغاز فقط، بل احتياجات المواطن من المواد الغذائية والمشتقات النفطية وغيرها”.

استيراد الغاز

اتخذت حكومة صنعاء قرار استيراد الغاز من الخارج، وكانت تلك الخطوة التي أنهت الأزمات التي كانت تشهدها العديد من المحافظات، ونجحت هذه الآلية في تحقيق استقرار تمويني في السوق، بحسب رشيد الحداد، الخبير الاقتصادي بصنعاء.

في حديثه لـ”المشاهد”، يقول الحداد: “ارتفع استهلاك الغاز في اليمن نظرًا لدخول السيارات وبعض المحركات التي تعمل بالغاز. بدأ الاستيراد منذ سنوات ما قبل الحرب لتغطية احتياجات القطاع التجاري بنسبة 30 إلى 40%، وأعتقد أن غاز مأرب الوطني سيعود استخدامه في حال تم الاتفاق مع صنعاء على السعر وفتح خطوط إمداد ووقف ابتزاز سائقي المقطورات ووقف أية جبايات”.

لكن الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري يرى أنه ليس منطقيًا أن يتم السماح لحكومة صنعاء  باستيراد الغاز من الخارج، لأن ذلك يخدم الجماعة اقتصاديًا. يقول الداعري لـ”المشاهد”: المفترض أن تتخذ الحكومة الشرعية والتحالف قرارًا بمنع استيراد الغاز من ميناء الحديدة، كونه موجودًا محليًا، وألا يسمح لصنعاء بفرض واقع اقتصادي على حساب الدولة، وتوفير بدائل تضر باقتصاد البلد”.

اليوم، لم يعد المزهري قلقًا بشأن توفر مادة الغاز المنزلي في صنعاء، ويستطيع الذهاب إلى أية محطة في أي وقت لتعبئة الأسطوانة. لكنه يخشى عودة الحرب التي ستعيد معها كل الأزمات، بما في ذلك أزمة الغاز.

أقرأ أيضا: النيجر..هل ستواجه عاصفة حزم كما واجهتها اليمن؟

المشاهد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى