أخبار عربي ودولياخبار محلية

إفريقيا تتطهر من الوصاية الفرنسية

إفريقيا تتطهر من الوصاية الفرنسية

الخميس31 أغسطس2023 تتطور الأحداث في القارة السمراء تباعا للتخلص من الهيمنة والوصاية الاوربية بشكل عام والفرنسية بشكل خاص ، ففي الوقت الذي تستعد ايكواس للتدخل عسكريا في النيجر لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم ، واجهت فرنسا صفعة جديدة وهذه المرة جاءت من الغابون التي انقلب قادتها على الرئيس علي بونغو والذي مكن فرنسا من كل الموارد الطبيعية للغابون.

لذلك شكلت سيطرة العسكريين على السلطة في الغابون مشكلة جديدة تضاف إلى مشاكل فرنسا التي تتضاعف في القارة الأفريقية، وحتى الآن بدأت فرنسا تحصد بعض الخسائر السياسية والاقتصادية من هذا التحول حتى قبل نجاحه بشكل نهائي، فما هي هذه الخسائر وما ظروفها؟

 لا شك أن التحول في الغابون المتمثل في سيطرة العسكريين على السلطة، التي تصنف كأحد أوثق حلفاء فرنسا في منطقة وسط أفريقيا، يعمق الجراح الفرنسية هناك، خاصة بعد ارتباكها المستمر في التعاطي مع المتغيرات الأفريقية المتتالية منذ عام 2019، والتي حدثت بسرعة تجاوزت قدرة الفرنسيين على الرد، لأسباب مختلفة، وطردتهم من عدد من الدول التي كانت تعتبرها فرنسا، ملعباً لا منازع لها فيه، وآخرها النيجر.

ولا تجد فرنسا حرجاً بالتحالف مع عائلة تحكم الغابون منذ 56 عاماً، تحت ستار النظام الجمهوري، رغم دأب باريس على تصدير “خطابات الديمقراطية” إلى البلاد الفقيرة في شتى بقاع العالم مما يؤكد ان شعارات الديمقراطية التي يروجها الغرب مجرد شعارات زائفة لخدع الشعوب.

كل ذلك وأكثر بكثير جائز؛ مادامت مصالحها محمية، منهج سارت عليه الأغلبية الساحقة من دول الغرب في التعامل مع جنوب وشرق العالم.

ومع التحول الأخير الحاصل في الغابون لايزال الغموض يحيط بمصير البلد المصنف بين أعلى دول أفريقيا دخلاً، وما يرتبط به من ثروات ينتجها ويصدرها، غير أن شعبها يئن تحت وطأة الفقر.

سياسياً

إن إي “انقلاب عسكري”، أو اضطراب في دولة أفريقية تصنف حليفة لفرنسا، يعتبر انتكاسة إضافية لصورة الأخيرة، خاصة مع تاريخها الطويل من الهيمنة في أفريقيا، بل ويلحق المزيد من الضرر بصورتها أمام حلفائها، الذين يرصدون تزايد الدعم الصيني والروسي لحلفائهم في أفريقيا، سواء العسكري منه، أو الاقتصادي.

حتى الآن لا تزال الأمور ضبابية من الناحية السياسية في الغابون ما بعد التحول، خاصة مع معاناة أغلب دول مجموعة ” سيماك” مؤخراً من عدم الاستقرار، والتهديد بالانقلابات أو تغيير التحالفات، وتضم “سيماك” (المجموعة الاقتصادية والنقدية لدول وسط أفريقيا)،  كلاً من تشاد والكاميرون والغابون، وأفريقيا الوسطى و الكونغو برازافيل وغينيا الاستوائية. 

وبالإضافة إلى انقلاب محمد ديبي على حكم والده في تشاد، تُعرف دول أخرى في المجموعة بطول مدة حكم قادتها، كالكاميرون التي تُحكم من ذات الشخص منذ أكثر من 41 عاماً، والكونغو برازافيل التي يحكمها زعيمها منذ 26 عاماً، أما غينيا الاستوائية فيحكمها الرئيس مباسوغو منذ 44 عاماً، بالتالي فإن كثيراً منهم سوف يتحسس كرسيه إن نجح التحول في الغابون.

بالتالي فإن نجاح هذا التحول سيزيد من صعوبة التعامل مع الانقلابات الأخرى التي حصلت سابقاً، بأغلبيتها في مناطق الساحل الإفريقي، وربما يسّرع الاعتراف بالسلطات الجديدة هناك.

هل سيتدخل الجيش الفرنسي؟

تمتلك فرنسا في الغابون واحدة من أكبر قواعدها في أفريقيا، وهي قاعدة شارل ديغول، التي تضم ما بين 400 -500 جندي فرنسي، واستطاعت من خلال هذا العدد على مدى عقود، حماية مصالحها الاقتصادية والسياسية في تلك المنطقة.

فمع محاولة انقلاب 1964 قامت فرنسا بإعادة “ليون مبا” إلى منصبه خلال 48 ساعة، وفشل انقلاب 2019 ضد علي بونغو، بدعم فرنسي أيضاً.

لكن للتدخل العسكري في هذه الأيام فواتير وتبعات كبيرة، لا يتوقع أن تستطيع فرنسا تحملها، خاصة مع ارتفاع موجة المعاداة لها في القارة الأفريقية، التي بات أبناؤها يقرؤون كل يوم عن ثرواتهم المنهوبة أوروبياً، ويعانون من تبعات تلك السرقات حتى الآن، وليس آخرها مدافن النفايات النووية في شمال النيجر. 

وفي السياق،أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”، وفي أعقاب أحداث الغابون، أنّ استطلاعات الرأي السابقة في ذلك البلد أظهرت أنّ “لدى عامة الناس رأياً سيئاً للغاية بشأن فرنسا”

اقتصادياً

تعتبر الغابون واحدة من أهم منتجي النفط في أفريقيا، إضافة إلى تمتعها بثروات هامة أخرى كالمنغنيز والخشب، والأراضي الواسعة الصالحة للزراعة ومنفذ حيوي على البحر، وعلى الرغم من ذلك يعاني ثلث الغابونيين من الفقر.

ولفهم العلاقة الاقتصادية بين فرنسا ودول “سيماك” يكفي أن نعرف أن فرنسا اشترطت على بنوك هذه الدول المرتبطة بعملتها إيداع 65% من أموالها لدى البنك الفرنسي.

وإثر التحول في الغابون أعلنت عملاق التعدين الفرنسي “إيراميت”، أنها ستعلق أنشطتها في البلاد معللة ذلك بـ”حماية سلامة موظفيها وسلامة منشآتها”. المجموعة التي أصبحت بفضل مواردها في الغابون كأكبر منتج للمنغنيز في العالم، حيث يمثل نحو 70% من دخلها التشغيلي.

وتسبب إعلان تجميد الأنشطة في تراجع أسهمها بأكثر من 16% في بورصة باريس. الأمر الذي أجبرها على الإعلان سريعاً عن استئنافها أنشطتها، التي تشمل بالإضافة إلى أنشطة الاستخراج، تشغيل خط قطار، اعتباراً من الخميس.

في اليوم التالي للتحول في السلطة في البلد، التي تصنف كرابع أكبر منتج للنفط في دول جنوب الصحراء الأفريقية، ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الصباحية، متأثرة بشكل مباشر بالتحول الأخير ، وأسباب أخرى عديدة.

وبالتالي فإن اضطرابات محتملة في الغابون، يمكن أن تؤثر على أسواق الطاقة، لا سيما في ظل تداعيات كبيرة يواجهها العالم، بعدالعملية العسكرية في أوكرانيا وارتفاع احتياج أوروبا لموارد الطاقة.

المجموعة الفرنسية الرئيسية الأخرى العاملة في الغابون هي “توتال إينيرجيز”، التي تقول أنها “اعتادت على مواقف الأزمات في جميع أنحاء العالم”، و تصنف بين أكبر مئة شركةٍ تُنتج انبعاثات الكربون على مستوى العالم، تقول إنها “متأهبة لضمان سلامة موظفيها وعملياتها”.

وتنتج”توتال إينيرجيز” النفط في الغابون منذ أكثر من 80 عاماً، ويعمل لديها ما يقرب من 350 موظفاً، مع إنتاجية يومية تبلغ 17000 برميل. كما تمتلك شبكة مكونة من 45 محطة خدمة في جميع أنحاء الجابون.

كذلك تهدد المتغيرات في الغابون إذا تطورت، نحو 110 شركات فرنسية أخرى، تنتج مبيعات تقدر بنحو 3.23 مليارات يورو، بحسب موقع وزارة الخارجية الفرنسية.

بالنسبة لفرنسا، أصبحت الغابون في عام 2022 أهمّ وجهة للصادرات الفرنسية بين الدول الستّ الأعضاء في المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا، ومثلت سوقاً للمنتجات الزراعية والسلع الرأسمالية وحتى المنتجات الطبية.

بالتالي فإن التأثير الأكثر ضرراً بالنسبة لفرنسا بحسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية هو سيطرة الجيش على الأنشطة الاقتصادية الإستراتيجية، مثل المواقع الاستخراجية، السيناريو الذي تستبعده لوفيغارو؛ كون “السلطة، أياً كانت، سوف تحتاج إلى مستثمرين أجانب”، ما يعزز حاجة البلاد، أية بلاد، إلى شركات إنتاج واستخراج وتصنيع وطنية، أو مشتركة مع قوى غير رأسمالية.

لذلك هل تغامر فرنسا للتدخل عسكريا في الدول التي انقلبت عليها، للبقاء على وصياتها وهيمنتها على الدول الافريقية، كما تدخلت المملكة العربية السعودية عسكريا في اليمن وشكلت تحالف دولي للعدوان على اليمن ، لتبقى وصايتها وهيمنتها على البلد من خلال البقاء على الحكام المنبطحين لها كما يرى الكثير من الخبراء في الشأن السياسي.

الميادين

اقرأ أيضا:بوركينا فاسو توافق على إرسال جيشها للدفاع عن النيجر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى