كتابات فكرية

ماذا تعرف عن الثروة الاجتماعية الرافعة للازدهار الاقتصادي والتنمية المستدامة؟

ماذا تعرف عن الثروة الاجتماعية الرافعة للازدهار الاقتصادي والتنمية المستدامة؟

  •  عبد الرحمن علي الزبيب

الثلاثاء15أبريل2025_

ثروات الشعوب لا تنحصر فقط في الثروة المادية والبشرية، أيضاً هناك ثروة هامة وهي الثروة الاجتماعية والتي تعتبر رافع للازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي في المجتمع وعامل إيجابي وفاعل لتعزيز التفاعل الإيجابي بين الثروة المادية والبشرية لتحقيق تنمية مستدامة بمؤسسات فاعلة ومجتمع متماسك.

وتعرف الثروة الاجتماعية بأنها قدرة الأفراد على العمل معاً داخل شبكة من العلاقات المشتركة ضمن نسيج المجتمع الواحد.

كما تعرف أيضاً الثروة الاجتماعية بأنها مجموع العلاقات والشبكات الاجتماعية التي تتوافر داخل المجتمع ويتم من خلالها تبادل المنافع وتنظيم العلاقات الاقتصادية .

وفي كل مجتمع توجد علاقات اجتماعية تكاتفية تكون بين أفراد المجتمع الواحد وكذلك علاقات اجتماعية جسرية التي تربط فئات مجتمعية مختلفة في إطار المجتمع الأوسع لها .

وتعتبر الثروة الاجتماعية الوسيلة الأنجع لتحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال ورقي وتقدم وازدهار الشعوب.

الثروة الاجتماعية مصطلح هام وظهر في القرن الماضي وكان محل اهتمام لتحقيق تنمية مستدامة بتعزيز الثروة الاجتماعية ،وفي وطننا كان هذا المصطلح غير دارج وغير واضح وتم تجاهله وتسبب ذلك في إهدار اهم ثروات الشعوب وهي الثروة الاجتماعية والذي تعتبر لها دور هام في تحقيق تنمية مستدامة .

عدم الاهتمام بالثروة الاجتماعية وتعزيزها وتفعيلها تسبب في إهدارها وتفشي التمزق المجتمعي والانقسامات المتعددة في المجتمع الذي أعاقت التنمية وخلقت صراعات متعددة داخل كل مجتمع وفي ظل الصراع المجتمعي يستحيل تحقيق تنمية مستدامة مهما امتلكت تلك الدول من ثروات طبيعية وبشرية دون الثروة الاجتماعية لن يكون لها تأثير الإيجابي .

عند أي تقييم للوضع الوطني نلاحظ أن ضياع وفقدان الثروة الاجتماعي هي من مسببات الصراع ومعيق لتحقيق تنمية مستدامة والذي تناولها كثر من الباحثين ومن ضمنهم مساق هام بعنوان # العرب_أين_وإلى_أين والذي تم فيه تقييم وضع العالم العربي وتشخيص أهم المشاكل ومعيقات التنمية والذي كان إهدار الثروة الاجتماعية من أهم أسباب تفشي وانتشار الصراع في المجتمعات والشعوب العربية وأعاقت تلك الصراعات تحقيق أي تنمية مستدامة وتم تأكيد بأن الثورة الاجتماعية وتعزيز العلاقات الإيجابية والثقة بين أفراد المجتمع فيما بينهم وفيما بينهم وبين مؤسسات الدولة والمجتمع هي الحل الأفضل لتحقيق تنمية مستدامة في كافة مجالات الحياة بمجتمع متماسك كون الثروة الاجتماعية تقيس قدرة أفراد المجتمع على العمل معاً كمجتمع واحد وكمجموعات مترابطة تعمل لتحقيق نفس الهدف.

أهمية الثروة الاجتماعية لا تقل أهمية عن الثروة المادية والبشرية كونها تعتبر المادة اللاصقة لتكامل الثروة المادية والبشرية وتحقق تلاحم أفراد المجتمع وتسمح لهم للخروج من الحيز والنطاق الضيق الذي ينظرون إلى أنفسهم كأفراد أسرة واحدة أو عشيرة واحدة والانتقال بهم إلى النظر لأنفسهم كجزء و أبن للدولة بشكل كامل.

لذلك فإن وهن وضعف الثروة الاجتماعية تؤثر على تماسك المجتمع بالرغم من التشابه الكبير بين أفراد المجتمع فلماذا يحدث التفكك النسيج الاجتماعي فيما بينهم؟

يعود سبب التفكك المجتمعي في الشعب والمجتمع إلى ضعف العلاقات بين أفراد المجتمع وضعف الثقة فيما بينهم كأفراد وما بينهم وبين المؤسسات .

أشكال الثروة الاجتماعية :

أولا : ذات طابع عام

مع مؤسسات القطاع العام والوزارات والمجتمع المدني

ثانيا : ذات طابع خاص

اشتراك أفراد المجتمع في نوادي رياضية وأنشطة اجتماعية تعزز العلاقة الإيجابية والثقة بين أفراد المجتمع وتقوي تماسكه.

ثالثا: رسمية

مشاركة أفراد المجتمع في أعمال مؤسسات رسمية

رابعا: غير رسمية

مشاركة أفراد المجتمع بشكل غير رسمي في أنشطة تجمعهم مع بعض مثل المشاركة في مباريات رياضية وأنشطة مجتمعية تطوعيه تعزز التماسك الاجتماعي وتربط المشاركين بروابط مشتركة تساهم في تنمية الثروة الاجتماعية.

الثروة الاجتماعية تبني المجموعات المجتمعية المختلفة وتبني جسور بين تلك المجتمعات وكلما كان النسيج المجتمعي مترابط كان هناك فعالية إنتاجية.

الثروة الاجتماعية تؤدي بشكل مباشر إلى قوة اقتصادية والعكس صحيح  كون الثروة الاجتماعية عامل أساسي للتنمية الاقتصادية .

كما أن تغيير وتحسين أداء مؤسسات الدولة وتقوية أداؤها وفقاً للقانون يعزز من الثروة الاجتماعية والثقة بين أفراد المجتمع فيما بينهم ومع مؤسسات الدولة يعزز من الثروة الاجتماعية والتطوع والمبادرة الطوعية في المجتمع يؤشر إلى ارتفاع مستوى الثروة الاجتماعية.

ضعف الهوية في المجتمع تضعف الثروة الاجتماعية وهذتا بدوره يضعف ويعيق التنمية الاقتصادية.

ولا تتوقف الثروة الاجتماعية في تعزيز العلاقات الإيجابية بين أفراد المجتمع وأيضا مع مؤسسات الدولة أيضا العلاقات الإيجابية بين أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية لتحقيق أهداف إيجابية هي من روافد الثروة الاجتماعية كون مؤسسات المجتمع المدني تقع تحت المستوى الحكومي وفوق المستوى العائلي ولها دور إيجابي في تعزيز وتفعيل روح المبادرة والتطوع في المجتمع مما يعزز التماسك المجتمعي.

وكلما كانت ثقة أفراد المجتمع مع مؤسسات المجتمع المدني قوية كلما ارتفعت الثروة الاجتماعية.

ولتحسين ورفع مستوى الثروة الاجتماعية يستلزم التالي :

أولاً : إعطاء أفراد المجتمع سبب لارتباطهم بمؤسساتهم ومجتمعهم ودولهم

عندما يشعر أفراد المجتمع بالفخر بمؤسساتهم يعزز ذلك من العلاقة الإيجابية والثقة فيها بفتح مراكز اجتماعية في الحارات والقرى والمديريات تعزز التماسك المجتمعي وتجمع أفراد المجتمع لنقاش مواضيع تهم المجتمع وتسعى لتحقيقها وهذا يحسن الثروة الاجتماعية.

ثانياً بناء مؤسسات القانون

بناء مؤسسات القانون تشجع المواطنين على الخروج من إطارهم العشائري والمحلي للمشاركة في أطار وطني يسعون لتحقيق أهداف وطنية أسمى.

عندما لا يجد المواطن له مكان أو حيز في الإطار العام فإنه يلجأ إلى تعريف نفسه في الهوية العشائرية والمحلية الضيقة وهذا ينشأ كنتونات مستقلة في المجتمع الواحد تتصارع فيما بينها.

ثالثاً : تحسين الوضع الاقتصادي

تحسين الوضع الاقتصادي لجميع المواطنين يعزز الثروة الاجتماعية والذي تعتبر خطوة للعمل على تماسك المجتمع

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية تعزيز الثروة الاجتماعية في وطننا عبر تحسين وتطوير العلاقة الإيجابية بين أفراد المجتمع لبناء مجموعات متماسكة وبناء جسور متينة بين تلك المجتمعات يشجع جميع المواطنين للخروج من الإطار الضيق لهم العشائري والمحلي والانتقال إلى الإطار الوطني ولن يتحقق ذلك ما لم تعزز الفرص والأدوار لجميع المواطنين في العمل المجتمعي وأيضا العمل في مؤسسات الدولة ووفقا للقانون.

لن تتحقق تنمية مستدامة في جميع المجالات بما فيها التنمية الاقتصادية إلا إذا تم الاهتمام بالثروة الاجتماعية وتعزيزها كونها العنصر الفاعل الذي يعزز التفاعل الإيجابي بين الثروة الاقتصادية والثروة البشرية.

ما يحصل في وظننا من ضعف في التنمية يعود سببها إلى الضعف في الثروة الاجتماعية ضعف العلاقات الإيجابية التكاملية بين جميع المواطنين وضعف الثقة فيما بينهم وأيضا ضعف العلاقة والثقة في مؤسسات الدولة.

لذلك يستلزم على الجميع الاهتمام بتعزيز الثروة الاجتماعية لضمان تنمية مستدامة تستمر في التطور وتستفيد من كافة الثروات الأخرى من مادية وبشرية.

إعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا للكاتب:أهمية التقارير والتحقيقات الاستقصائية في تنمية المجمع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى