رحيل فاتح زوال إسرائيل
رحيل فاتح زوال إسرائيل
بقلم / لطف لطف قشاشة
لم تكن فاجعة رحيل سيد المقاومة وامينها السيد حسن نصر الله ( عليه السلام ) كأي فاجعة أخرى مررت أنا بها شخصيا وعايشت لحظاتها السوداوية وهزت أركان حياتي،وما أكثر هذه الفواجع لكن جميعها تهون على فاجعتي بنبأ استشهاد السيد حسن نصر الله كانت مزلزلة للأركان، لسبب يتعلق بعشق الانتماء الروحي بيني وبين هذه الشخصية الفريدة وإن كان هذا العشق نابعا من طرف واحد نحوه لان بعد المسافة الجغرافية وصعوبة أن يصل مثلي إليه مباشرة والتي لطالما تمنيتها وهذا ما أشعل هذا العشق الوجداني أكثر لهذا السبب ..
سيد المقاومة اعشقه كما يعشقه الملايين من الناس من مختلف شعوب العالم الحرة الإنسانية لأنه مثل النموذج الراقي للإنسان المسؤول الذي لم يتجه في أي يوم إلى تجاوز أخلاقيات الفارس الشريف في تعامله مع عدوه الذي يعد عدوا للدين والإنسانية وظل بشهامته ونبله يترفع حتى لا يسقط في مستنقع الهمج الغوغاء عندما يواجهون خصومهم في ميادين المواجهات المختلفة المتنوعة لذلك كنت واحدا من هذه الملايين التي تعشقه بشغف لأنه كان عنواني وبوابة يقيني إلى الاعتقاد الجازم بأن إسرائيل اوهن من خيط العنكبوت بعد ان سوق عملاؤها من حكام وأنظمة الارتهان بأنها القوة العظمى التي لا تهزم ..
السيد حسن نصر الله خاض معارك متعددة وفي جبهات متعددة وإن كانت معركته الأساسية والمصيرية هي مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة والتي كان على رأسه الغدة السرطانية ( إسرائيل اللقيطة ) ..
كان الشهيد نصر الله سلام الله عليه يرمي ببصره عند مواجهة الخصوم أقصى القوم ويدرك وهو الحصيف أن تفاصيل الصراع الطائفي والمذهبي والسياسي الذي كان يواجهه ما هو إلا تفاصيل يقذف بها العدو الى الطريق لتعيق المسير نحو زوال إسرائيل ومشروعها في المنطقة لذلك تعامل مع هذه التفاصيل بحنكة القائد الذي لا يخدع ولا يتم جره الى معارك جانبية القصد منها استحمار أطراف الصراع فيها إليها لينسى الجانب المحق فيها قضيته الكبرى التي من اجلها انطلق وجاهد واستعد وقاتل ..
تعامل مع الخصوم السياسيين بروح المنصف والمحتكم لنتائج اللعبة السياسية ( الانتخابات ) واتفاقية الطائف وأدار مع خصومه السياسيين، إلى جانب حلفائه معارك السياسة بشرف ونزاهة رغم ما كان خصومه يتجاوزون الأخلاق والشرف فامتلك محبة الشارع وفوت الفرصة على العدو الخارجي أن ينسل إلى جماهير الشعب اللبناني ليتحكم في إدارة شأنهم بعملائه غير الشرفاء وقفز على عناوين المذهبية والطائفية وتحالف مع الشرفاء المسيحيين والسنة والدروز تحالفا فوت على المتربصين بالمقاومة الإسلامية فرصة الصيد في الماء العكر وهكذا كان ..
سيد المقاومة ظل وهو في أعلى هرم تنفيذي في حزب الله ولأكثر من ثلاثين عاما حريصا على سيادة واستقلال لبنان مناديا بضرورة التصدي للكيان الغاصب لما يمثله من خطر حقيقي يهدد الوجود اللبناني برمته ولا يستهدف فقط قوى المقاومة الإسلامية والوطنية في لبنان لهذا كان يؤكد على ان سلاح المقاومة لن يوجه للداخل اللبناني بل سيكون الحامي والحارس للبنان وقد أهدى يوم انتصرت المقاومة في حرب تموز 2006 النصر لكل لبنان ..
رغم حنكته إلا انه لم يكن ذلك الساذج الذي يترك أدوات إسرائيل وأمريكا في المنطقة ليقلبوا معادلة الردع فتوجه للحرب في سوريا عندما رأى داعش صنيعة أمريكا قد اقتربت لخنق عمق الأمن القومي للمقاومة وهذا لا يحتاج لإدارة الظهر عنها لان المراد الأوحد إسرائيل في المواجهة المسلحة بعد أن أعلنها صراحة أن داعش وأخواتها أصبحوا بيادق مدمرة تعيق مشروع مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة ..
الشهيد ولأكثر من ثلاثين عاما استطاع وبشرف المنتمي للإسلام ان ينهض بقدرات المقاومة ليس فقط في لبنان بل ودعم الفلسطينيين وسوريا والعراق ولا ننسى موقفه الداعم كذلك لليمن في مواجهتها لعدوان التحالف السعودي الأمريكي منذ اليوم الأول وهي مكونات ودول شكلت بقيادة الجمهورية الإسلامية محور الجهاد والمقاومة وألحقت تباعا بالعدو هزائم متوالية لا تنكر ولا يستهان بها ..
ثلاثون عاما وبالطبع ما قبلها ظل الشهيد الأمين في ميادين الجهاد والمقاومة لم يبرح الميدان يجاهد ويعزز من روحية المقاومين ويزرع اليقين لدى جمهور المقاومة بأن إسرائيل اوهن من خيط العنكبوت لذلك أحس الغرب والكيان الغاصب بخطورة تأثير هذا القائد وانه يتجه بالفعل إلى تحقيق حلم زوال إسرائيل من الوجود فجندت أنظمة العمالة والتطبيع ضده وضد المحور ونشط الأمريكي والغربي والإسرائيلي في تدعيم قواهم في معركتهم هذه خاصة بعد تأثيرات طوفان الأقصى ولما رأوه من تأثير جبهة لبنان في الإسناد لغزة ولان معركة إسناد غزة قد زلزلت أركان الكيان وأصبح على قناعة تامة يوما بعد يوم انه يتجه إلى الزوال فما كان منه إلا أن يقدم على تجاوز كل الخطوط ويدير معركته الأخيرة بهستيريا المذبوح المترنح الآيل للسقوط فكانت جريمة اغتيال السيد حسن نصر الله وبسلاح وضوء أمريكي ..
ظن الأحمق نتنياهو انه باغتيال سماحته سيوقف زوال كيانه الغاصب ولكنه سيدرك حتما انه قد ارتكب أعظم خطيئة ارتكبها قائد من قادة الكيان لأنه فتح الأفق للدخول في مواجهات مفتوحة تختفي فيها جميع قواعد الاشتباك وكان اول هذه المواجهات حرب الحساب المفتوح الذي أعلن عنه قادة حزب الله عقب استشهاد السيد حسن نصر الله ..
مثل هكذا شخصية صنعت مجد أمة سيد البشر وأعادت تاريخ انتصاراتها بعد أن دب اليأس في صفوف الأمة وظنت أن زوال إسرائيل من ابعد المستحيلات فجاء هذا الشريف وفتح الباب على مصراعيه لزوال الكيان وأصبح ما كان مستحيلا في ذهنية شعوب المسلمين حقيقة وواقع مشاهد ..
هكذا قائد فعل ما فعل وحقق ما حقق الا يكون رحيله افجع الفواجع في نفسيتي فهذا غير وارد مطلقا ..
أخيرا برغم الألم وعظيم المصاب فإننا نعاهد الله إلا نترك الساحة فارغة بعد أن تشبعنا بعنفوان عنفوانك يا سيد المقاومة وأمينها ولو بجهدنا الذي لن يبلغ معشار جهدك لكنه سيتعاظم لان مثلي الملايين ستتوحد جهودهم ويكملون الدرب ويقذفون بالغاصب إلى مزبلة الفناء لأنك قد فتحت باب زوالهم كما فتح جدك باب خيبر ..
والله من وراء القصد
اقرأ أيضا للكاتب:لبنان وتكنولوجيا القتل الفاشلة
اقرأ أيضا:هذا سب إصرار الولايات المتحدة لاستخدام طائرات MQ9 في أجواء اليمن