كتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل عبر “صوت الشورى” هل الشراكة في السلطة مسؤولية أم غنيمة؟!

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل عبر “صوت الشورى” هل الشراكة في السلطة مسؤولية أم غنيمة؟!

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين 8 سبتمبر 2025-

ما نزل نعيش في غيابة المفهوم الفردي الاستبدادي لولي الامر الذي من حقه ان يأمر وينهي وعلى الشعب بكل فئاته وطوائفه وطبقاته وكل تفاصيله ان يسمع ويطيع!.

بهذا المفهوم السلفي للسلطة دعا أحدهم: جميع أفراد الشعب اليمني وبكل أريحية لان يحمدوا الله ويشكروه ،على نعمة العيش في ظل حكم فردي لا يحتاجون في ظله الى تعددية حزبية او سياسية، ولا سلطة ومعارضة ولا نقابات ولا مؤسسات، اي ولا مجتمع مدني يعبر عن الدولة المدنية التي توافق عليها اليمنيون أو قيل أنهم يمثلوا اليمنيين في مؤتمر الحوار الوطني كسبيل لإغلاق باب الصراع على السلطة! فقط كما قال السلفي: قائد وشعب أو قطيع وراعي!. إنه يدعونا لان نحمد الله على نعمة العودة لعهد الاستبداد وعبادة غير الله!.

صورة الحكم هذه تفوق صورة الخلفاء والائمة الذين تسابقوا وتصارعوا على السلطة منذ سقيفة بني ساعدة وبداية من أسموا بالخلفاء الراشدين فالأمويين والعباسيين والسلاجقة والعثمانيين وما تلا هم الى يوم الناس هذا (وكأنك يا ابو زيد ما غزيت)!.

هذه التصور عن السلطة والحكم تفوق اشكال الاستبداد والديكتاتورية بكل خلفياتها اللاهوتية لأنه تضمن تصريح واضح بان السلطة ملك من يضع يده عليها بالقوة او باي وسيلة من وسائل الاحتيال!.

وهذا يقوض مبدا سيادة القانون الذي يحمي الجميع من الجميع ، ويلغي مبدا الشرعية والمشروعية القائم على احترام ارادة الشعوب ، ويحيي قانون القوة وشريعة الغاب من جديد ، والمفهوم المتوحش لطاعة ولي الأمر!.

لقد تحولت بعض جماعات الحكم باسم الاسلام الى عصابات للسطو على السلطة واعاقت حركة التحرر التي لا يمكن ان تستقر الا في ظل الدولة المدنية ( دولة القانون).ونتيجة هذه الاعاقات تعرض الحلم بثورة حقيقية جديدة في 11فبراير 20211 أو بتصحيح مسار ثورة 26 سبتمبر1962 كمشروع وطني قابل للتصحيح والنمو بالتفاهم المجتمعي ، بعد تعرضها للتهديد بفعل طموحات توريث الحكم من قبل من فتحوا باب الاستهتار بأهمية النظام الجمهوري في تحقيق العدالة كما طرح في ساحات التغيير عام 2011.

 الاعاقات دعمتها ما أسمي بالمبادرة الخليجية التي حولت طموحات الحلم بتصحيح الثورة الى ثورة مضادة كاملة الأركان، استباحت التدخل في شؤون اليمن من قبل من عدهم البعض داعمي المبادرة وثورة التغيير السلمية في اليمن ولا ندر كيف تدعم دول ملكية أميرية ثورة يدعي أصحابها أنها جمهورية بعد أن أصبحوا ملاكها؟!.

 المبادرة اختطفت حق الشعب في الثورة وحولت اليمن تدريجياً الى ساحة مفتوحة للحروب بالوكالة ووأد المتصارعون على السلطة كل معاني الديمقراطية والثورة والجمهورية!. وتحول الحلم بالثورة الى انقسام حاد جغرافي وسياسي طال امده بتمويل الاطراف الإقليمية المعروفة والتي باتت اجندتها واضحه على ارض اليمن وخاصة بعض المحافظات الجنوبية وعموم السواحل اليمنية وباب المندب وجزيرة سقطرة! معارك وحروب دموية بالوكالة لهذه الدول الإقليمية والدولية التي توجهها لخدمة مطامعها المتوحشة في امكانيات وموقع اليمن.

ومن يحاول إخفاء هذه المؤامرات واظهار البراءة من هذه المؤامرات إنما هو جزء منها أو غارق في الجهل بها! إن استمرار الحروب والانقسامات كما كررت في عديد مقالات أسقطت الشرعية الوطنية والدولية الحقيقية عن جميع سلطات الأمر الواقع لأنها لم تعد تمثل سوى مصالحها الذاتية ولم تبذل أي جهد في سبيل انهاء حالة الانقسام ما يؤكد مصلحتها في استمراره !.   ومعلوم ان الشرعية الوطنية هي الاساس لبناء الشرعية الدولية وليس العكس، فالاعتراف الخارجي انما يكون لسلطة ينتخبها الشعب بكامل حريته.

والشرعية الدولية والإقليمية من واجبها دعم هذا التوجه ما يسمى الشرعية الجوار بل التابعة له صاحبة التأثير على القرار الدولي، وما يسمى المجتمع الدولي الذي يتجاهل الطريق الاسلم والاكثر مشروعية في الحفاظ على وحده اليمن لو اراد.

وذلك من خلال الضغط الاقليمي والدولي باتجاه اجراء انتخابات نزيهة وبإشراف دولي من دول لم تتورط في دعم أي طرف من أطراف الصراع .

نعم الشرعية سقطت على الجميع في الداخل والخارج الاقليمي المتورط في ايصال اليمن الى ما وصل اليه ولولا ذلك لكان لهذا الجوار دور ايجابي في الحفاظ على وحده اليمن بدلا من تدعيم الانقسام والانفصال وملشنة وعسكرة الحياه في اليمن برمتها!.

ورغم كل هذه الظروف القاسية والمخزية من الانقسام والتشرذم لم يظهر حتى اليوم الطرف الوطني الحقيقي الذي يحس بمسؤوليته إزاء خطورة هذه الظروف على وطنه ونقول للمنقسمين المتقاتلين على السلطة: كفاكم مهازل اليمن ملك اليمنيين المخلصين لوطنهم وليس ملكا أو ميراثا لاحد ممن يدعون الحق في السلطة!.

 هذا الطرف بالتأكيد لن يكون فردا بذاته أيا كان مذهبه او توجهه السياسي او الفكري!. لابد من تكتل وطني لديه الاحساس بالمسؤولية تجاه اليمن وقادر على افهام الجوار المتورط في تغذيه الانقسام والتشرذم بان حسن الجوار هو الاقرب الى السلام والى جوار قائم على المحبة والاحترام المتبادل ودعم حق الشعب اليمني في اختيار السلطة التي تمثله وتخضع لرقابته، وحقه في التداول السلمي للسلطة من خلال مبدأ الانتخاب وليس أي مبدأ آخر!.

تكتل يعي اهمية التفريق بين السلطة كمسؤولية مستوعبة لهموم الشعب وأداة بيده لتحقيق تطلعاته في التنمية والتقدم والرخاء لجميع ابنائه، وبين السلطة كغنيمة يشرف على توزيعها بين مقاولي الحروب فرد مستبد.

العقول المعتمدة يحكمها مفهوم ولي الامر الذي يرى الشعب مجرد قطيع والوطن مجرد كعكة يوزعها بين المقاولين !. والسؤال متى يعلم الجميع ان استمرار الانقسام بات يهدد وجود الوطن اليمني برمته والقطيع ومن يقوده!

سلامٌ لمن أيقظوا الشمس

 ومن نقشوا بالدماء الزكية مجد الخلود.

اقرأ أيضا للكاتب: الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب البحث عن فرصة للحياة في زحمة الموت

اقرأ أيضا:  الشهيد جار الله عمر في مذكراته.. وفي ذاكرتي (٢ ـ ٣)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى