فنانون عبروا عن حزنهم لزلالزل سوريا وتركيا بالرسم
فنانون عبروا عن حزنهم لزلالزل سوريا وتركيا بالرسم
تشكيليون من سوريا ولبنان والعراق يتفاعلون مع زلزالي سوريا وتركيا فنياً.. ماذا قدموا؟
ميسون علم الدين: يا ابن الوجع المُكَثّف
طالت المأساة العالم حيث يوجد الضمير الانساني، والفنانون أكثر المتحسّسين لآلام الانسان، فكانت جولة لـــ”الميادين الثقافية” على عدد منهم، من لبنان وسوريا والعراق.
الفنانة السوريّة ميسون علم الدين (1967) في عمق الجراح. تتحسس مأساة أبناء بلدها وهي على تماسٍ بها، رغم أن جرح المنطقة واحد في سوريا ولبنان والعراق. عبّرت عن المأساة بثلاث رسومات.
وقالت: “يا ابن الضوء السوريّ.. يا ابن الوجع المُكَثّف منذ لحظة ولادتك وأنت تعيش رحيل الغربة. غربة الأهل والأرض والانتماء.. ألم يحن الوقت لتنهض من تحت الركام؟”.
علم الدين فنانة سورية من السويداء، وعضو “اتحاد الفنانين التشكيليين” في سوريا، مارست الفن التشكيلي بالخبرة، ومواكبة التطورات الفنية، ولها 16 معرضاً. أولى إطلالاتها الفنية كانت في المركز الثقافي في مدينتها السويداء في “معرض فناني السويداء” من 2001 وحتى 2005، وشاركت بالعديد من المعارض الجمعية والفردية في لبنان ودول العالم.
علي شمس الدين: كأن الموت استطابَ طعمَ دمنا
علي شمس الدين فنان لبناني متحسّس لقضايا بلده والمنطقة، ولم يمضِ وقت طويل عن التعبير عن ذاته بمعرض فني منذ فترة قصيرة في بيروت، صوّر المأساة بلوحة من أعماله المعبّرة.
وقال: “كأن بيوتنا كانت مُعَدَّةً لمصيرها المكتوبِ على لوح السماء الأسود. مُرَتَّبةً مؤثَّثَةً بما تبقى لنا من الرعبِ الأخير. وكأن الموت استطابَ طعمَ دمنا ولم يعد يرى في أوطاننا المحمولة على ظهورنا إلا مقابرَ هُندِسَت لنا. يا إلهي.. لقد كان ليلُنا طويلًا، وعتمتنا طاغيةً، وحظّنا من الحياة قليل، فلا تحجب الشمس عنّا”.
شمس الدين تخرّج من معهد الفنون في الجامعة اللبنانية سنة 1982، وله تجربة غنية بالتصميم الغرافيكي، وبالرسم، وله العديد من المعارض الفردية والمشتركة في لبنان والخارج. حاز في مسيرته الفنية على جائزة الكتب المصوّرة من معهد اليونيسكو الثقافي لشرق آسيا في اليابان، وجائزة معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 1996، لأفضل رسام ومخرج عن كتاب “صديقي الذي يحبني كثيراً”، بالإضافة إلى مساهمات أخرى متعدّدة.
هيبت البلعة: محنة كبرى تتطلب مواقف إنسانية كبرى
الفنانة هيبت البلعة بوّاب فنانة لبنانية، عايشت مختلف ظروف البلد، وتجلياتها الاقليمية، فكانت من أعمالها لوحة كأنها استشعرت بها مأساة الزلزال، فرسمت رعبه.
وقالت: نقف بإجلال أمام أرواح سقطت، نقف بألم أمام جرحى أصيبوا، نقف بأسى نفكر بأشخاص فقدوا، وبذهول أمام أبنية دمرت وأرزاق تقطعت، إنها محنة كبرى تتطلب مواقف إنسانية كبرى. نسأل الله الرحمة للذين سقطوا، والشفاء للّذين أصيبوا، واللّطف بالمفقودين.
وبلعة من مواليد عام 1952. تخرّجت من الجامعة اللبنانية الأميركية حيث قامت بتدريس الفنون فيها لــ 17 سنة، وهي منسّقة مادة الفنون الجميلة في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST) منذ العام 2002. تعتبر أعمالها متعددة الوسائط في الشكل، لكن الطاغي عليها موضوعات كولاج.
لها العديد من المعارض الإفرادية وشاركت في الكثير من المعارض في لبنان وفرنسا والبلاد العربية، وفي سنة 2019 شاركت في بينال بكين الثامن. نشر لها مؤلف بعنوان “هيبت بلعة بوّاب وفن الكولاج” وذلك سنة 2012.
هنادي يوسفان: أليس من آخر لهذا الليل الطويل؟
الفنانة السورية هنادي يوسفان تعيش في قلب الحدث، في مدينة حماة التي طالها الزلزال بأضرار بليغة. ساهمت يوسفان بلوحات تجريدية من أعمالها منها بالأسود والأبيض، وواحدة ملوّنة عنونتها: “بيوت حزينة ومدمّرة”.
وقالت: “يا لهول ما رأيت! يا لهول الكارثة! أليس من آخر لهذا الليل الطويل على شعبي وبلدي؟”.
درست الفنانة في معهد الفنون الجميلة بمدينتها حماه،وكرسّت أسلوباً خاصّاً يميل إلى دمج التجريد بالتعبير والرمزية.
شاركت في العديد من المعارض والأنشطة الفنية بين سوريا ولبنان والعراق والخارج، وآخر معارضها كان في لبنان في “غاليري زمان” في الحمرا ببيروت سنة 2018.
مصطفى عبيد: لم أتمالك أنفاسي أمام هول المشهد
مصطفى عبيد، فنان لبناني، واستاذ جامعي للفنون لسنوات طويلة. لم يتمالك أنفاسه أمام هول المشهد، وتباطؤ عمليات الانقاذ، فوجّه “نداء استغاثة” علاوة على تخصيص المناسبة بعمل فني تجريدي تعبيري، وصفه بأنه “تأليف حلزوني حيث نرى الرموز الانسانية في حالة تضرع واستغاثة، وفي الوقت ذاته بمتاهة وانعتاق نحو الذات، والذي يؤدي إلى الهلاك من جراء التباطؤ في أعمال الاغاثة”.
وقال في ندائه: “أمام هول الفاجعة التي ألمّت بالشعبين السوريّ والتركيّ على السّواء من جراء الزلزال المدمر، كان لا بد أن أطلب نداء استغاثة من كل البلدان على أطيافها من أجل الاسراع في نجدة المصابين من هول الكارثة أكانوا احياء أو أمواتاً، وللأسف الشديد كان هناك تباطؤاً في أعمال النجدة خاصة من البلدان التي تدعي الانسانية”.
عبيد يحمل درجة دبلوم بالدراسات العليا (DES) في الفنون الجميلة، والماستر في الفن الجداريّ من الجامعة اللبنانية، وأقام 15 معرضاً إفرادياً بين 1978 و2012، وشارك في العديد من المعارض الجامعة، و”السمبوزيوم” في لبنان والخارج.
محمود العبيدي: ضربات قلم أسود
محمود العبيدي (1966) فنان عراقي عايش مآسي المنطقة، من عراقه إلى سوريا ولبنان، ولم يكن ينقصه إلّا زلزال ليعبّر عنه بضربات قلم باللون الأسود، وكأنه يعلن الحداد لهول المأساة، وواحدة تتبعثر فيها أشلاء الناس، كأنها بغداد في العدوان عليها أو الزلزال الذي جاورها.
محمود العبيدي من مواليد بغداد. بعد هجرته موطنه سنة 1991 إلى كندا، درس الفنون في معاهدها، ونال شهادة الماستر في الفنون، وتابع دراسات الإعلام الحديث والسينما في كندا والولايات المتحدة.
له معارض فردية متعددة، ومشاركات بمعارض حول العالم، وأولى معارضه كان في بغداد سنة 1990، واستضافت مدن العالم وعواصمه أعماله، منها الدول العربية المختلفة كلبنان والأردن ودول الخليج، وعالمياً الهند، وباريس، وكندا والولايات المتحدة.