مجلس التعاون الخليجي بين الدور السياسي والأمني

مجلس التعاون الخليجي بين الدور السياسي والأمني
- قادري أحمد حيدر
الثلاثاء 16 سبتمبر 2025-
-1-
في بداية العام 1982م، وبمناسبة الذكرى الأولى
لإعلان “مجلس التعاون الخليجي” عرض عليّ الصديق الأستاذ/ عبدالباري طاهر، فكرة الكتابة المشتركة عن هذه المناسبة، مجلس التعاون الخليجي، فاشتركنا معاً في كتابة مقالة صغيرة تحولت إلى موضوع مطول يبحث عن وحول معنى مجلس التعاون الخليجي، في ذكرى مرور سنة على إنشائه.
كان ذلك وعبدالباري وأنا مقيمين في بيروت فترة هروبه من أجهزة الأمن في صنعاء وفترة إقامتي متنقلاً بين بيروت ودمشق ممثلاً إعلامياً للجبهة الوطنية الديمقراطية، بعد خروجي متخفياً/هارباً من صنعاء.
كانت فكرة الموضوع: ما هي حقيقة وخلفية إنشاء مجلس التعاون الخليجي؟ ولماذا تم الاعلان عنه في ذلك التاريخ؟
وكان رأينا باختصار مكثف، مع العتبة على الزمن، والعمر، أن مجلس التعاون الخليجي، للدول النفطية الدائرة في الفلك السياسي والاقتصادي بل والأمني الغربي الرأسمالي الاستعماري، إنما هو استكمال لما بدأه السادات بضرب فكرة الأمن القومي العربي، والمشروع السياسي الوحدوي العربي، وأن المجلس صيغة سياسية انقسامية بديلة عن فكرة وقضية الوحدة العربية، وإمعاناً في تفكيك وتفتيت دول وشعوب المنطقة إلى أجزاء وأقسام أصغر فأصغر.
وإن المجلس – كذلك – ليس إلا محاولة لتمييز دول الخليج عن بقية أقطار المنطقة العربية على طريق تنمية المنازع الهوياتية القطرية الصغيرة على حساب فكرة وقضية مشروع الوحدة القومية العربية.
وأن مجلس التعاون الخليجي ليس أكثر من مشروع سياسي أمني جاء بطلب خارجي لاستكمال تفكيك وتفتيت أقطار المنطقة العربية، أكثر فأكثر.
ولذلك ظهر بعده “مجلس التعاون العربي” الفارغ من المعنى، و”المجلس المغاربي”، وجميعها كان إعلان ميلادها هو يوم إعلان وفاتها باستثناء مجلس التعاون الذي استمر في الحضور الإعلامي بسبب قوته المالية وبسبب الطفرة النفطية، وحاجة الخارج له بهذه الصورة.
اليوم وبعد أكثر من ثلاثة وأربعين سنة، يتضح أكثر أن المجلس الذي استُثني منه العراق واليمن ليس أكثر من مجلس سياسي أمني صغير، بدون دور سياسي ولا أمني حقيقي، مرتبط بالأهداف الاستراتيجية الاستعمارية لتفكيك وتفتيت المنطقة العربية، بعد أن عُبئت بعض دوله بالقواعد العسكرية والأمنية الأمريكية، ضداً على مصالح شعوب المنطقة. ولا صلة للمجلس بوحدة شعوب منطقة الخليج، فالاختلافات والتوترات فيما بينهم – كما شهدنا طيلة العقود الماضية – أكبر من مساحة الحوار والوحدة.
اختلافات وصلت حد التهديد بالحرب والاجتياح والغزو للبعض من قبل البعض الآخر، كما كان الحال عليه، في العام 2017م.
وحين نعود لقراءة ماذا أنجز المجلس بعد أكثر من ثلاثة وأربعين سنة لصالح وحدة وتماسك وقوة دول الخليج؟ لا نرى شيئاً ملموساً له معنى. العلاقة بين أعضائه تحكمها طبيعة العلاقات السياسية الإقليمية والدولية وهي اليوم جميعاً – باستثناء دولة الكويت – تسير نحو استكمال تطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية مع دويلة الكيان الصهيوني، ضمن المشروع السياسي الديني/الإبراهيمي، بل وبعضها ذهب بعيداً في خلق علاقات استراتيجية أمنية واقتصادية وعسكرية مع دولة الكيان الصهيوني بما يؤكد أن مجلس التعاون الخليجي ليس أكثر من شكل اسمي احتفائي لتمييز دول الخليج عن باقي دول وشعوب المنطقة العربية، مجلس لم يتبق منه فعلياً سوى دور سياسي كرنفالي يُستدعى عند اللزوم لدعم سياسات ومواقف خارجية لا علاقة لها بوحدة ومصالح شعوب المنطقة العربية. مجلس في يده القدرة فعلياً لو أراد إيقاف حرب الإبادة المستمرة في غزة/فلسطين لقرابة سنتين متواصلتين، إبادة جماعية ضد شعب عربي أعزل فُرضت عليه حالة حصار وتجويع غير مسبوقة في التاريخ العالمي، بل والتاريخ الإنساني، والمطلوب من حرب الإبادة تطهير الأرض الفلسطينية من السكان الأصليين، تهجير عرقي فاضح، والنظام السياسي العربي كله ليس متفرجاً أو صامتاً كما يتوهم البعض، بل – بعضه – مشارك فعلياً في حرب الإبادة لشعب غزة/فلسطين.
مجلس كما رأيتم لم نسمع منه موقف سياسي عملي ملموس تجاه عدوان الكيان الصهيوني على أرض وسيادة وكرامة دولة أساسية فيه، ولها علاقات فوق ممتازة مع أمريكا، كما حدث مع دولة قطر. حتى بيانات الشجب والتنديد جاءت خجولة، والمجلس في حالة انتظار لأسبوع ليجتمع ويعلن ثورته الوطنية الخليجية على دولة الكيان الصهيوني، ونتيجة الاجتماع معلومة مسبقاً: إعادة إنتاج خطاب الشجب والتنديد، على طريقة خطابات الجامعة العربية المتكررة، كأن شيئاً لم يكن. حقاً: “مَن يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام”.
تنديد لن يصل حتى لدرجة قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، فمن هانت عليه وصمت على الإبادة الجماعية في غزة في قتل أكثر من مائة وثمانين ألف بين شهيد وجريح ومعاق، وتدمير لكل مدن غزة والضفة، لا يمكنه أن يتجرأ على اتخاذ موقف يدل على أن لدى قيادات المجلس كرامة شخصية، ناهيك عن كرامة وطنية وقومية إنسانية.
أتذكر أننا، عبدالباري وأنا، أشرنا في المقالة المذكورة والمنشورة قبل أربعة عقود، في مجلة “الهدف” الفلسطينية تحت عنوان “رسالة من اليمن”، أشرنا إلى أن مجلس التعاون الخليجي له حقيقة ومهمة سياسية أمنية، ومنها التآمر ضد النظام الوطني التقدمي في جنوب اليمن.
وأكدت التجربة أن هذا المجلس كان حاضراً سياسياً وأمنياً بصورة سلبية في جميع الحروب التي شهدتها المنطقة، من حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، إلى جميع حروب الخليج – وغيرها – تحت القيادة الاستعمارية الغربية. بل إن قيادة المجلس الرئيسية، أقصد السعودية، كانت حاضرة وفاعلة في غزو واحتلال العراق عام 2003م، مثلها مثل إيران.
إن مجلس التعاون الخليجي وجد منذ نشأته التكوينية مصطفاً ومتوحداً بالمشاريع الأمريكية والصهيونية وفي خدمتها، في العداء للثورة الإيرانية، بعد إسقاط نظام الشاه، حليفهم الاستراتيجي، وهو الموقف الذي ظهر وتبدّى من بعد قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بما يؤكد أحد الأبعاد السياسية الأمنية لإعلان قيام مجلس التعاون الخليجي، الذي لم نرَ له أي توجه جدي بين أعضائه لقيام مجلس تعاون اقتصادي صناعي مالي تجاري، يبدأ بالعملة، وبالسوق الاقتصادية المشتركة، ورفع الحدود السياسية والجمركية وصولاً إلى وحدة اقتصادية تشمل جميع أقطار دول الخليج، تكون طريقاً لوحدة عربية اقتصادية تشمل جميع أقطار المنطقة العربية، وهو السقف السياسي والاقتصادي الممنوع الاقتراب منه، بأمر أمريكي أوروبي صهيوني.
وليبقى المجلس عند هذه الحدود السياسية في طابعه الأمني الخارجي. أي أن هدف المجلس سياسي أمني لخدمة المشروع الأمريكي/الصهيوني، ومن جانب آخر حماية أمن أنظمة دول المجلس، كما كنا تتوهم أنا وصديقي عبدالباري.
لأنه،”حتى هذا الهدف لم تتمكن دول المجلس من تحقيقه، وكان موقفها إبان أزمة الخليج عام 1990م، وفتحها الأبواب مشرعة للقوات الغربية الحليفة لتستعيد لها الكويت، وهو الدليل العملي على عجز هذه الأنظمة بمفردها عن الاضطلاع بحماية سيادتها وأمنها الوطني، كما تؤكد صراعات الحدود الجارية الآن في السر والعلن بين دول الخليج العربي على أن الأمن الحقيقي لمنطقة الخليج والجزيرة العربية لا يمكن أن يتم خارج إطار الأمن القومي العربي الجماعي وتحقيق الوحدة العربية”(1).
إذا كان حتى البعد الأمني للدول الأعضاء في المجلس يعجز المجلس عن تحقيقه لأعضائه، فماذا تبقى من دور لتبرير استمراره غير حاجة الخارج السياسية والمالية للمجلس المذكور.
لقد وصلت حالة ارتهان وتبعية دول مجلس التعاون الخليجي إلى أنه غير مسموح لها بالعمل التعاوني التكاملي اقتصادياً ومالياً وتنموياً مع بعضها البعض، ناهيك عن العمل الاقتصادي التعاوني مع غيرها من الأقطار العربية، على طريق وحدتها الاقتصادية الفعلية. هي – جميعاً – حتى اليوم لم تحصل على إمكانية العمل باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية التي يسمح بها القانون الدولي، وقانون وكالة الطاقة النووية العالمية لدفع اقتصادياتها إلى الأمام، وتنويع مصادر الطاقة الإنتاجية، وللخروج من دائرة اقتصاد استخراج النفط، مع تبعيتها المطلقة للخارج الإمبريالي الرأسمالي.
هي دول على ثرائها وغناها وأموالها المجمدة في البنوك الرأسمالية بترليونات الدولارات ما تزال تتحرك وتعمل ضمن اقتصاديات التخلف وتابعة للخارج، ولا تملك أية استقلالية في قرارها السياسي والاقتصادي والمالي والسيادي، فأراضيها – معظمها – شبه محتلة بالقواعد العسكرية والامنية الأجنبية، والحرب الأخيرة الإيرانية الأمريكية الصهيونية كشفت أكثر عورة هذه التبعية وفقدان السيادة والاستقلال بوضوح كامل… والسبب ارتباط اقتصادياتها شرطياً وتبعياً مع الخارج الرأسمالي/الاستعماري وفي خدمته.
واستمرار التجزئة السياسية القائمة بين دول المجلس على الرغم من استمرار وجود اسم المجلس شكلياً ليس إلا نتاجاً موضوعياً لاستمرار واقع وقانون التبعية والتخلف “التطور اللامتكافئ” الذي تعيشه دول المنطقة، وظاهرة الطفرة النفطية هي أحد الثمار الاقتصادية السلبية لتلك العلاقة غير المتكافئة بالاقتصاد الرأسمالي في طبعته الرأسمالية الإمبريالية المتوحشة القائمة، مهما كثر الحديث الإعلامي عن خطط اقتصادية تنموية. وليست حرب الإبادة في غزة/فلسطين سوى واحدة من نتائجها السياسية المرة والقاسية.
فما الذي استفادته مالياً واقتصادياً أي دولة عربية من مجلس التعاون الخليجي؟
أعتقد أن الدور المرسوم للمجلس لا يسمح له بالقيادة بهكذا أدوار قد تساعد على التنمية ولو البسيطة والمحدودة في أي قطر عربي.
يمكن أن يكون اليمن نموذجاً سلبياً وسيئاً لعدم استفادته أي مساعدة أو دعم مالي أو اقتصادي، بل إن عمالته تتعرض في أكبر دولة فيه (السعودية) للتمييز والقهر والاضطهاد، ومع أي أزمة سياسية، بل وبدون الحاجة لأزمة سياسية، تتعرض العمالة اليمنية التي نهضت بالسعودية في تاريخها المعاصر ليس للطرد الجماعي بل ولنهب ومصادرة حقوق ومدخرات هذه العمالة.
-2-
لقد وظف السادات مكانة ودور مصر التاريخي، والموقع الاستراتيجي لمصر والمنطقة العربية لصالح المشروع الصهيو/أمريكي، ولذلك فإن مساهمته السياسية تلك كانت كارثية في إحداث فراغ سياسي في بنية جدار الأمن القومي العربي صارت معه وبعده مصر وكل المنطقة العربية ساحة ومكاناً مكشوفاً لاختراقات جميع المتنافسين على زعامة المنطقة وتملئة الفراغ السياسي فيها من قبل: إسرائيل، وتركيا، وإيران، وهو الحاصل اليوم بعد أن فتحت زيارة السادات للقدس عام 1977م، وتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م الباب واسعاً لحضور دولة الكيان الصهيوني، تحديداً وتركيا وإيران في قلب الساحات العربية جميعاً.
ذلك أنها دول مستقلة ذات سيادة، دول تحترم نفسها، ولها مشاريعها الوطنية الخاصة، على عكس أنظمتنا العربية التابعة، المذلة والمهانة.
جاءت الطفرة النفطية في سياق هذه التحولات السياسية والأمنية والعسكرية، لتضاعف من الدور السلبي للطفرة النفطية لصالح المشاريع الخارجية، باستثناء ما قام به الملك فيصل في العام 1973م في تحويل النفط إلى ورقة ضغط وقوة سياسية واقتصادية لصالح دول وشعوب المنطقة، ولو لفترة قصيرة من صحوة الضمير القومي الذي عاد ليدخل في سبات عميق، نموذجه ما هو حاصل اليوم.
إن مجلس التعاون الخليجي هو واحدة من ثمار الحقبة النفطية بعد توظيفها في اتجاه تفكيك وتمزيق المنطقة، في نشر “الوهابية السياسية”، والسلفية الجهادية التكفيرية، ” القاعدة”, و” داعش”, و” وجبهة النصرة”,و” هيئة تحرير الشام”, وجميع تيارات التطرف الدينية الإسلاموية، حيث كانت السعودية هي الراعية والحامية والممولة لهذه التوجهات الأيديولوجية المتطرفة الإرهابية “الجهادية”، من أفغانستان وصولاً إلى العديد من أقطار المنطقة العربية، ولم ترعوِ نسبياً إلا بعد أحداث الحرم المكي “جماعة جهيمان”، التي استهدفت النظام السياسي السعودي مباشرة في أقدس الأماكن الإسلامية. ومع ذلك استمر تصديرها للإرهاب السياسي الجهادي/التكفيري السني في مقابل الإسلام الجهادي الشيعي الإيراني.
وهي اليوم – السعودية – من تقف في المقلب الآخر من التطرف الأيديولوجي/ الثقافي/الترفيهي الاجتماعي، لتحويل الثقافة والفن والأدب والغناء لتسلية رخيصة تستثير المشاعر الغرائزية/البدائية لنشر وتعميم ثقافة ما “تحت السرة”، أي إعادة إنتاج “ثقافة الفن للفن”، ضداً على الثقافة والأدب والفن، في خدمة التقدم الاجتماعي، الوطني والقومي والإنساني، وهو ما تنشره وتعممه الفضائيات السعودية تحديداً.
تقديري أن الكويت تحديداً وسلطنة عمان بدرجة أقل هما من خفّفا من غلوّ تكريس البعد السياسي/الأمني التآمري لمجلس التعاون الخليجي، ضد شعوب المنطقة العربية، الذي كانت السعودية من تقف خلف تأسيسه بأوامر خارجية لإضعاف وحدة الصف العربي ولمصلحة الخارج، لأن تجربة أكثر من ثلاثة وأربعين سنة من زمن الإعلان عن وجود المجلس لم تحقق أي فائدة سياسية أو اقتصادية وطنية أو قومية لأعضاء هذا المجلس، حتى البعد السياسي الأمني الذي كان يقف خلف تشكيله كما كنا نتصور أنا وصديقي عبدالباري – في حينه – لم يعد له أي معنى، إن لم أقل أنه لم يكن تقديراً صحيحاً.
يمكننا القول إن مجلس التعاون الخليجي فقط سهّل حالة التبعية السياسية والاقتصادية الشاملة لدول المجلس للخارج، وجعل حضوره السياسي والإعلامي جاهزاً لدعم ما يطلبه الخارج في صورة بيانات مؤيدة لما يريده الخارج.
والسؤال النقدي الجارح والصعب: أين موقف هذا المجلس وأعضائه – كما سبقت الإشارة – من حرب الإبادة في غزة/فلسطين المستمرة لقرابة سنتين؟ بقرار تتخذه دول هذا المجلس يعكس رغبة وتطلعات شعوب المجلس، قرار يحمل روح الإرادة الحرة لشعوب المنطقة، ويساهم في التخفيف من معاناة أهل غزة، حتى لا أقول إيقاف حرب الإبادة اليومية فيها.
علماً أن هناك دولاً أساسية منه مشاركة فعلياً في حرب الإبادة في غزة، مثل دويلة الإمارات “العبرية”، والبحرين المشغول والمستعجل حاكمها بإرسال سفيره في ظل حرب الإبادة إلى دولة الكيان الصهيوني، ضداً على إرادة شعب البحرين الحر، بل وبعض دول هذا المجلس تمول مالياً واقتصادياً وحتى عسكرياً الكيان الصهيوني في حربه على غزة/فلسطين وضد المقاومة في لبنان!!.
مجلس لم يتحقق فيه حتى الحد الأدنى من التعاون والتكامل على أي مستوى كان بما فيه البعد الأمني لحماية دول المجلس.
مجلس تعاون اسمي لم يتم فيه حتى الآن توحيد التعرفة الجمركية التي بقيت – رغم الإعلان الشكلي عنها – معلقة كنصوص دون تفعيل لها في واقع الممارسة.
مجلس على ترليوناته المجمدة كأرصدة في البنوك الخارجية، وتستفيد منها الدول الأجنبية/الاستعمارية، لم يتم توجيه حتى 1. في المائة، % منها للاستثمار الاقتصادي والصناعي والمالي في بعض دول المنطقة التي تعاني من الفقر والجوع والاستدانة من الخارج وبفوائد سنوية تصل إلى 10%.
مجلس لم نرَ داخل دول أعضائه أي تعاون جدي اقتصادي يحقق الوحدة والتكامل الاقتصادي بين دوله، على الأقل في المجال الزراعي، بما يحقق الأمن الغذائي بين دوله، ويساهم في التطور التجاري والزراعي والصناعي المشترك. مجلس أُعلن عن قيامه في 25 أيار/مايو 1981م، والفجوة الاقتصادية والسياسية بين دوله منذ ذلك التاريخ تزداد مع كل يوم يمر، بل إن الاعتماد على الخارج في كل شيء هو الأساس، من السياسة إلى الإعلام إلى الاقتصاد!!.
مجلس تزداد في بعض دوله العمالة الأجنبية على عدد السكان الأصليين فيها بالضعف، ووضع العمالة العربية فيها هو الأسوأ قياساً بالعمالة الأجنبية، والسبب في كل ذلك أنه مجلس بدون رؤية سياسية واقتصادية وطنية/قومية استراتيجية، ولذلك هو مجلس لا علاقة له بمصالح شعوبه، ناهيك عن مصالح أبناء شعوب المنطقة العربية.
باختصار هو كما تحدثنا عنه أنا وصديقي الأستاذ/ عبدالباري طاهر قبل ثلاثة وأربعين سنة في مجلة “الهدف” الفلسطينية، هو مجلس وجد لدواعٍ سياسية وأمنية خارجية لا علاقة لها بمصالح المنطقة.
فقط توزيع ترليونات الدولارات على من يحاصر ويجوع ويقتل إخواننا في غزة/فلسطين، ويجهز نفسه لتدمير لبنان بتواطؤ سياسي وأمني عربي.
نظام سياسي “عربي “,يشتغل سياسياً على قضية نزع سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان، وهذا هو الاسم الحقيقي لما يسمى الدور السعودي في حل القضية الفلسطينية.
إن الحديث، عن الدور السعودي/ الفرنسي والترويج له حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هدفه السياسي والعملي المباشر تجريد المقاومة من سلاحها قبل طرد الاحتلال الصهيوني، وبقاء شعار قيام الدولة الفلسطينية معلقاً في فضاء القول السياسي الاستهلاكي المجرد من أي معنى ومضمون.
دوران في حلقة حل مرهون بالإرادة الصهيونية/ الأمريكية.
بعد أن صار الشعب الفلسطيني كله: في غزة، والضفة، في دائرة التطهير العرقي، والتهجير القسري، بل والإبادة الجماعية، التي تنقلها بصورة يومية ومشهدية شاشات التلفزة العالمية.
ولا عزاء للسعودية، ولا للمجلس المذكور الذي لم يتجرأ قادته الصغار، على اتخاذ موقف سياسي عملي على العدوان الصهيوني على دولة من اعضائه المؤسسة للمجلس.
“مجلس تعاون” بين مزدوجين، لم ترَ المنطقة فيه ومنه أي تعاون أو تكامل، بل تآمر لاغتيال ما تبقى من الحلم العربي بالوحدة، واستعادة الأرض الفلسطينية والعربية المحتلة.
ما يحصل، هو بكلمة واحدة، محاولة من النظام السياسي العربي المتصهين لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية، التي صارت مصدر قلق وازعاج وعدم استقرار لانظمتهم الكرتونية المتصهينة والتابعة.
الهوامش : د. يوسف مكي : ( في الوحدة والتداعي.. دراسة في أسباب تعثر مشاريع النهضة العربية), مركز دراسات الوحدة العربية/ بيروت،ط (١) ايلول ـ سبتمبر، ٢٠٣م ـ ص ١٨٠
اقرأ أيضا للكاتب: جار الله عمر في مذكراته.. وفي ذاكرتي (3 – 3)
