كتابات فكرية

تأثير الأيدلوجية السياسية على ترجمة الأخبار السياسية المتعلقة بالحرب على اليمن

تأثير الأيدلوجية السياسية على ترجمة الأخبار السياسية المتعلقة بالحرب على اليمن

بقلم/ عبدالرحمن علي الزبيب

لم نكن نتصور المخاطر الكبيرة الذي تتسبب فيها الترجمة الخاطئة للأخبار في اليمن وفق الأيدلوجية لقيادات وسائل الإعلام وترويجها ونقلها للعالم ووسائل الإعلام الدولية بشكل مغاير للحقيقة إلا بعد حضورنا مناقشة رسالة الماجستير للطالبة عفاف محمد صالح البليلي والذي كانت بعنوان ( دراسة تحليلية لأثر الأيدلوجية السياسية على ترجمة الأخبار السياسية المتعلقة بالحرب على اليمن ) والذي أشرف عليها الأستاذ الدكتور/ محمد محمد العقيلي وشارك في مناقشتها الأستاذ الدكتور/ منصور محمد علي فرج كمناقش خارجي والدكتور علي عبدالله الغيل كمناقش داخلي .

و قامت الباحثة بتحليل نماذج من أخبار تم ترجمتها ونقلها في وسائل إعلام محلية والترويج لها دوليا و كان ذلك النقل خاطئ ولا يمت للحقيقة ولا للواقع بصلة.

وهذا ما جعل من تلك السياسة الإعلامية الخاطئة من أهم أسباب استمرار الحرب في اليمن الناتج من الدور السلبي لوسائل الإعلام والتعارض الكبير في نقل الوقائع في اليمن للشعب وأيضا للمجتمع الدولي كـ دول أو شعوب عالمية ومحاولة بعض الأطراف ترجمة الأخبار في اليمن وفق قناعة قيادات ومحرري الصحف و المواقع الإخبارية و القنوات الفضائية ونشرها للعالم على أنها الحقيقة وصناعة رأي عام وطني وعالمي ضاغط لكبح أي جهود لتحقيق سلام مستدام في اليمن وتصوير ما يحصل في اليمن من حرب ودمار بأنها حرب محلية أهلية ضمن لعبة إقليمية ودولية .

وهذا ما عطل أي جهود إيجابية لصناعة سلام مستدام في اليمن وحصر توقيف الحرب في هدن إنسانية هشة في ظل استمرار توسيع الاحتقان الداخلي والخارجي ضد أي جهود لتحقيق سلام مستدام في اليمن وتصوير أن التسليم بوجوبيه توقيف نهائي للحرب وتحقيق سلام مستدام وفقا لما هو موجود في أرض الواقع هو اعتراف وتنازل يستفيد منه طرف ويخسر فيها الأطراف الأخرى ويغذي هذه التصورات الوهمية تناول وسائل الإعلام والصحفيين لما يدور في اليمن والتحليلات الخاطئة وفق القناعات الأيدلوجية التي يتبعونها.

من العجيب جدا أنه في ظل هدنه إنسانية هشة في اليمن نجد تعبئة إعلامية خاطئة تنفخ في رماد الحرب لتعيد إشعال نيرانها وهذا يؤكد بان اليمن للأسف الشديد في طريقها لجولات أخرى من حروب تدميرية قادمة تدمر ما تبقى من وطن وتقتل البشر الذي يعانون من وجع حصار مطبق وكل يوم يتلاشى أفق تحقيق سلام وتظهر فقط نيران حرب مستعرة على إيقاع طبول الحرب عبر وسائل إعلام تسعى لإشعال حرب قادمة .

لا يوجد أي نوايا صادقة لتحقيق السلام في اليمن وإيقاف نزيف دماء الشعب اليمني وتوقيف أوجاعه وألمه وكل يوم يتم تحريك جبهات حرب جديدة مصرفية مالية اقتصادية وأيضا حروب عسكرية محدودة وإعادة تموضع وتنظيم عسكري يهدف لإشعال حرب قادمة في اليمن وكأنه لم يكتفي ما حصل للشعب اليمني خلال سنوات الحرب الماضية من دمار للأرض والبنية التحتية والإنسان.

الهدن الإنسانية في اليمن ليست سوى مخدر موضعي للتمهيد لصناعة واقع جديد ومختلف وهذا ما سيشعل حرب قادمة أكثر دمارً من الحروب السابقة.

وكان يفترض أن تكون الهدنة الإنسانية مرحلة للتمهيد لتحقيق السلام في اليمن وإغلاق ومعالجة جميع الملفات المفتوحة وفي مقدمتها الملفات الإنسانية من إفراغ السجون من أسرى الحرب وتنفيذ عملية تبادل شاملة للجميع دون تمييز ولا استثناء يواكب ذلك صرف جميع مرتبات موظفي الدولة في اليمن منذ انقطاعها وفق كشوفات عام 2014م المتوافق عليها من جميع الأطراف والمسلمة للأمم المتحدة منذ سنوات ليتم صرفها من إيرادات تصدير النفط والغاز اليمني المودعة في البنك الأهلي السعودي والتي ستغطي فاتورة المرتبات بشكل كامل وبالدولار ويعقب كل ذلك جهود إيجابية لإعادة اعمار اليمن بإنشاء صندوق مستقل يتم فيه توريد مشاركات جميع الدول الراغبة في تحقيق السلام المستدام في اليمن وفي مقدمتها التزامات الدول التي شاركت في الحرب ويستوجب أن تشارك في جهود إعادة الاعمار في جميع محافظات اليمن.

كل هذه الجهود لا يتم طرحها في الإعلام ولا نقاشها في المراكز البحثية وإنما يتم تسريبها بشكل شخصي من قيادات أطراف الحرب بشكل سري لإيهام الطرف الآخر بأن السلام قادم وفي الحقيقة الحرب قادمة لأنه لو كانت تلك التسريبات حقيقية كانت ستتغير السياسة الإعلامية وفق ذلك ولكن ما يحصل في الواقع عكس ذلك وللإعلام دور سلبي وخطير لطي صفحة الهدن الإنسانية الهشة والدخول في مرحلة حرب جديدة دون حدود ودون خطوط حمراء والجميع سيكون هو الخاسر لن يكون هناك رابح من تلك الحرب القادمة لا اليمن ولا دول الإقليم التي ستكتوي بنارها ودمارها .

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية مراجعة خارطة السلام في اليمن وأن يكون للإعلام دور إيجابي لتنفيذ تلك الخارطة وان يتم تزمين تنفيذها بفترات زمنية محددة وتعلن للشعب اليمني وان يتوقف قرع طبول الحرب في اليمن عبر وسائل الإعلام وان تستبدل بأصوات تمنح الأمل وتدعوا لسلام عادل ومنصف وحقيقي ومستدام  للشعب اليمني والذي سيكون ذلك انتصار لجميع الأطراف في اليمن وأيضا انتصار لدول الإقليم الذي ستنعم بفوائده وتتلاشى المخاوف القادمة من جنوبها والذي يعيق ذلك الطرح الإعلامي الخاطئ المستمر الذي يجر الجميع نحو مستنقع الحرب الذي سيغرق الجميع فيه ولن ينجو أحد وستدفع دول الإقليم والعالم فاتورة حرب كبيرة ولن يتحقق لهم أي هدف سوى الدمار لهم.

ونؤكد أن هناك أطراف أخرى من خارج اليمن وخارج الإقليم هي المستفيدة من إشعال حرب قادمة على اليمن يسقط الجميع فيها وستسقط حتى تلك الدول الأخرى البعيدة عن اليمن ستسقط في مستنقع الحرب وتكون سبب في انهيارها كما انهار الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي بحرب أفغانستان كذلك حرب اليمن القادمة ستتسبب في إسقاط دول عظمى تعاني حاليا من اختلالات جسيمة في بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية وسينكشف كل ذلك في الحرب القادمة على اليمن والذي بالإمكان تفاديها والبدء بصناعة سلام حقيقي ومستدام وعادل وإغلاق ملف الحرب ومناكفاته والبدء بجهود صادقة لتحقيق السلام في اليمن يواكبها تغطية إعلامية صادقة لكل ما يجري في اليمن يشجع للسلام ولا يحرض على الحرب والدمار ويواكب ذلك خطوات تنفيذية لكل ما تم التوافق عليه في جولات المفاوضات الماضية وفي مقدمتها الملفات الإنسانية من تبادل شامل لأسرى الحرب وفك الحصار البري والبحري والجوي وكذلك الملف الاقتصادي وفي مقدمتها صرف مرتبات جميع موظفي الدولة في اليمن وفق كشوفات عام 2014م من تاريخ انقطاعها ومن إيرادات تصدير النفط والغاز اليمني وإعادة اعمار اليمن والملف السياسي بوقف أي تدخلات دولية خارجية في اليمن وتعامل الجميع وفي مقدمتها جيران اليمن مع اليمن باحترام واستقلال وعدم التدخل في شؤونه الداخلية لينتج من كل ذلك إطار سياسي وطني يشمل الجميع فيه ويعمل الجميع بتوافق لمصلحة ولتحقيق بناء وتنمية اليمن ولملمة جروحه الغائرة وتخفيف ألمه وأوجاعه والبدء بمرحلة سلام مستدام في اليمن يطوي صفحة الحرب والدمار دون رجعة ولا تكرار.

وفي الأخير لا ننسى أن نبارك للأستاذة/ عفاف محمد صالح البليلي حصولها على درجة الماجستير لرسالتها الرائعة والذي نأمل أن تلقى الاهتمام وطنيا وإقليميا ودوليا وان تكون قد وضعت الجميع أمام مسؤوليتهم عن كل ما يحصل وسيحصل في اليمن بسبب التناول الإعلامي الخاطئ والترجمة الخاطئة للأخبار السياسية المتعلقة في الحرب على اليمن.

 عبدالرحمن علي علي الزبيب

إعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا للكاتب:إعادة هيكلة هيئة الأراضي ستنهي النزاعات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى