كتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتحدث عن مفهوم الشراكة في العلاقة بين القاضي والمحامي

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتحدث عن مفهوم الشراكة في العلاقة بين القاضي والمحامي

يوميات البحث عن الحرية .. مفهوم الشراكة في العلاقة بين القاضي والمحامي

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين30يونيو2025_

عودتنا منظمة مواطنة إقامة الفعاليات وحلقات وجلسات النقاش المهمة في مواضيعها ومواكبتها للأحداث والوقائع في وطننا المكلوم اليمن الذي اقترن اسمه تاريخيا بوصف : السعيد والسعادة الوصفان اللذان يفتقدهما أبنائه اليوم بسبب ممارسات بعض المتسابقين على السلطة والمصالح غير المشروعة وما سببته من الانقسام والتشرذم والضياع.

إنها أوضاع باتت تثير الحزن والأسى ولا ترضي صديقاً ولا عدواً لأنها تهدد الوجود اليمني برمته عند من يدرك !.

وفي ظل هذه المعاناة تكاد تكون منظمة (مواطنة) الأبرز في حضورها على مستوى الجغرافيا اليمنية.

ما تزال النظرة إلى أهمية منظمات المجتمع المدني سياسيا واجتماعيا مع الأسف الشديد أدنى من المستوى المتوسط نتيجة ممارسات سلطات الأمر الواقع المتحكمة في كل من صنعاء وعدن وحضرموت وتعز والمخا ومأرب ،وهي سلطات أثبتت مع الأيام بل السنين أنها عديمة الإحساس بالمسؤولية لأنها تصطنع المبررات والأعذار للهروب من مسؤوليتها تجاه المواطن  مع أن كل من يمسك بسلطة في أي بلد في العالم مسؤول مسؤولية قانونية وأخلاقية  كاملة عما تحت سيطرته !.

ونظرة هذه السلطات إلى منظمات المجتمع المدني نظرة بائسة فهذا يشيطنها وذاك يتلاعب بها وآخر يتهم المنتسبين إليها بالعمالة والخيانة اتهاما تعسفياً ومعلوم أن التعسف في استعمال السلطة جريمة ، ورابع  يسيء التعامل معها من خلال اختلاق أسباب خارجة عن القانون بل وعن الأخلاق!.

يدير مواطنة الأستاذة رضية محمد عبد الملك المتوكل ابنة الشهيد المناضل القدير الدكتور محمد عبد الملك المتوكل احد رموز البحث عن الدولة المدنية الديمقراطية رحمة الله تغشاه ، والأخ الأستاذ القدير رشيد الفقيه الذي لا اشك انه يعي بان تقديم المرأة أو تأخيرها في الخطاب لا يزيد أو ينقص من المكانة الفعلية لأي من الرجل والمرأة  فكلاهما محل الاحترام والتقدير الجديران به ، والعلاقة العملية الواضحة بينهما أعطت للعلاقة الزوجية بعدا إنسانيا تشاركياً يثير الإعجاب والاحترام ، ويعد أهم أسباب نجاح هذه المنظمة واتساع نشاطها.

ومن ابرز عوامل نجاح أي مؤسسة إصرار القائمين عليها على تحقيق النجاح بالإضافة إلى دقة التنظيم والشفافية في العلاقة الوظيفية والإنسانية والالتزام بالمواعيد وعدم الاستسلام للتحديات التي لا أظن أن اليمن قد مرت بظروف أقسى مما تعيشه الآن .

 ومع ذلك فان نموذج (مواطنة) في الصبر والمثابرة والسعي نحو تحويل التحدي إلى فرصة يستحق التحية ويستوجب التشجيع والمساندة باعتباره مكسب وطني يجب المحافظة عليه ورعايته وتكثيره.

آخر فعالية إقامتها المنظمة وتشرفت بحضورها أقيمت في مقر المنظمة بصنعاء يوم الأربعاء الفائت بتاريخ 25 يونيو الجاري 2025 قدم فيها الباحث المتألق دكتور هاني مغلس ورقة  بحثية أعدها ورأس فريق البحث فيها وقام بعرضها عرضا شيقاً وجميلا وبأسلوب اتسم بالتواضع والتبسيط ما يعكس شخصية هاني المتواضعة والرصينة عنوان الورقة : ( واقع مهنة المحاماة ودورها في الدفاع عن حقوق ضحايا الانتهاكات أثناء النزاع في اليمن 2014- 2025).

موضوع الورقة شائك كما هو واضح  ويحتاج إلى أكثر من وقفة وقراءة ، وقد قدم الأخ الصديق الأستاذ حسن حمود الدولة المحاسب القانوني المعتمد قراءة للورقة استعرض فيها ما تضمنته من محاور ، والأستاذ حسن معروف بشخصيته المبادرة.

إن ما أود التركيز عليه في هذه اليومية وباختصار الإشارة إلى مسألة جوهرية مؤثرة في إثبات أو نفي وجود العدالة في الظروف الاستثنائية وكل الظروف .

وفي هذا الموضوع هناك فرق واضح بين الدول المتخلفة التي تدار سلطاتها وفق إرادة ومزاج الحاكم الظالم والمستبد أياً كانت خلفيته الدينية أو السياسية والدول المتقدمة التي يوجد لديها القدر المقبول والمعقول من الحرص على تحقيق العدالة كأساس لأي نظام سياسي يحترم نفسه.

 أي بين دولة المواطنة واحترام القانون وحقوق الإنسان ودولة الأمزجة والاستبداد، وأساس التفريق بنظري بين هذه وتلك يتمثل في موضوع الورقة في تأمل تعريف المحاماة والمحامي وفقا للقانون النافذ في أي من الدولتين !.

ففي الدولة القانونية مثلا تعرَّف المحاماة والمحامي ب:( المحاماة مهنة علمية حرة، والمحامون شركاء القضاة في تحقيق العدالة)، أما دولة الاستبداد والأمزجة ومنها بلادنا مع الأسف الشديد فان قانون المحاماة قد نص على ما يلي: (المحاماة مهنة علمية حرة والمحامون أعوان القضاة في تحقيق العدالة )!.

والنظرية منطلق التطبيق وقيده سواء في نظر المحامي أو القاضي بل وأحيانا في نظر مأموري الضبط القضائي الذين يرون أنفسهم في موقع السلطة المباشرة المهيمنة القادرة على استخدام القوة في فرض القانون وفق رؤيتها الخاصة ولهذا نجدها تهرب من إلزام نفسها بمفهوم واضح للشراكة يكون قيداً وحجة عليها!.

أي سلطة معاصرة يفترض أنها وجدت لخدمة العدالة وتمثل عنصر الإلزام الخاصية الأهم من خصائص القانون وهو العنصر الذي يوجه استخدام القوة واحتكارها من قبل السلطات القانونية وحدها لخدمة العدالة!.

 واقع الحال أن سلطات القاضي وعوامل توجيهها تسير عكس الغرض الذي وجدت من اجله وهو تحقيق العدالة وتحقيق هذا الهدف ما يزال دون المستوى المطلوب بمراحل ليس فقط في ممارسات القاضي وإنما كذلك في تجاوزات أجهزة الضبط وتطاولهم  على القضاة وبقية أجهزة العدالة وشركائهم وهم المحامون وسواهم ،  والشكاوى كثيرة حول هذه القضية.

المحامي الذي يقال له أنت عون للقاضي في تحقيق العدالة ينصرف إلى ذهنه أن القاضي هو الممثل الوحيد للعدالة وأن المحامي تابع له ، وعليه أن يتعامل مع هذا المنطق تعامل الخاضع لأوامر ونواهي المتبوع (القاضي) ولو كانت مخالفة للقانون وينطبق هذا بصورة أوضح على المحامي ضعيف الشخصية .

أما المحامي الذي يستند في تعامله مع القاضي وبقية الأجهزة ذات الصلة بالعدالة تعامل الشريك في تحقيق العدالة نظريا وعمليا فيتكون لديه الحافز نحو سلوك الشريك في المسؤولية عن البحث عن العدالة بشجاعة أدبية تدفعه إلى التمسك بمتطلبات الشراكة الفعلية!.

ولهذا المفهوم تأثير مباشر على القاضي أيضاً يلزمه بالتعامل مع المحامي كشريك وليس كتابع!.

هذا التأثير المزدوج مردوده ايجابي في الوصول إلى الحقيقة محور العدالة التي تولد من رحم الشراكة المسؤولة!..

مزروعة في البراري الجفون

الدموع تمر على شفرات الأغاني

والأعالي تجرجر أذيالها

تنام على وجع مستميت

يشهد الحر أن لا إله سوى الله

 الذي لا يراه الطغاة ولن

مهما ادعوا

إنه يملأ الكون والكائنات

لكنهم لا يروه !!..

اقرأ أيضا للكاتب:

اقرأ أيضا:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن أخطر الأمراض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى