اجتماع القادة العرب .. مشهد هزلي

اجتماع القادة العرب .. مشهد هزلي
احمد سليم الوزير
الاثنين26مايو2025_
لم يعد من يريد أن يضحك بحاجة إلى نكتة أو فيلم كوميدي؛ يكفيه أن يشاهد اجتماع القادة العرب في جامعة الدول العربية.
مشهد متكرر حدّ الابتذال: زعيم غارق في النوم، وآخر يتهجّى كلماته من ورقة كطفل يتلعثم في درس الهجاء. خطابات تفيض بالمناشدات، وبيانات تُدين وتستنكر، ثم تُطوى الأوراق ويُعلن الختام.
قمة تُكلف الملايين، تُعقد من أجل مناقشة مأساة أطفال غزة… بينما إطعام أولئك الأطفال لا يحتاج إلى نصف ما أُنفِق على الفنادق والديباجات وأضواء المؤتمر.
أليست هذه كوميديا سوداء؟ زعماء يملكون الجيوش، لكنهم لا يملكون الجرأة على إدخال رغيف خبز إلى غزة. ينتظرون من “المجتمع الدولي” أن يتحرك، كأنهم موظفون في منظمة غير حكومية، لا قادة دول يُفترض أنها ذات سيادة.
نحن لا نطلب منكم تحريك الجيوش، فذلك أكبر من رجولتكم. ولا نرجو منكم الضغط الاقتصادي على أمريكا، فذلك قد يهدد كراسيكم. فقط… اسمحوا لشعوبكم بالتعبير، دعوهم يرفعون العلم الفلسطيني دون أن تسجنوهم بتهم “الإخلال بالنظام العام”.
ويخرج علينا أمين عام الجامعة العربية، السيد أحمد أبو الغيط، في مقابلة تلفزيونية، ليتفاخر قائلاً: “أنا بتكلم مع أعضاء الاتحاد الأوروبي وأسخر منهم لأنهم يحتاجون إلى ٢٧ مترجماً، بينما نحن في جامعة الدول لا نحتاج إلى مترجم، فجميعنا نتحدث نفس اللغة!”
نعم، جميعكم تتحدثون نفس اللغة، لكنكم لا تملكون نفس الكرامة، ولا نفس المسؤولية، ولا حتى نفس الغضب.
أليست هذه الكوميديا بعينها؟ بل لعلها ذروتها.
اليوم، إسرائيل ترسم خرائط الشرق الأوسط، بينما الزعماء العرب يتحدثون عن خطط للاستثمار في الذكاء الاصطناعي… يا سادة، استثمروا أولاً في الذكاء السياسي، إن تبقّى منه شيء.
يذكّرني هذا المشهد بقصة الفأر الذي أراد أن يأكل قطعة الجبن، دون أن يدرك أن القط هو من وضعها ككمين.
النكبة أن هذه ليست مسرحية هزلية من تأليف مبدع مهووس بالسخرية، بل واقع مرّ… يُعرض علينا مراراً، بلا توقف، وبنفس الوجوه والسيناريو.
اقرأ أيضا للكاتب:اللامركزية في اليمن عبر التاريخ
