إبراهيم بن على الوزير

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (16)

 أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (16)

سلبيات هذا القرن …!

المسيرة مع سلبيات القرن الرابع عشر للهجرة لا تكتمل

بقلم : عزيز بن ارش سعدان

الصورة على حقيقتها دون تقييم موجز للحركات الإسلامية في نطاق «سنن الله».. ففي الحركات الإسلامية التي تعبر بحق عن التوق المخلص إلى تلمس خط الخلاص الحق، تحاول أن تهتدي خلال صراعها المرير إلى تطبيقات تجنبها عوائق أفرزها الانحطاط الفكري في صورة باطل يلبس ثوب حق، وحقً متلبس بباطل، عصور تنجح مرة ويغيم عليها الاتجاه الخاطئ مرات كثيرة…!! تلك الظروف، وبينما يخيم على امتداد ساحة الإسلام ذلك كله.. فإن خط انهيار دولة المسلمين «العثمانية» على ما تحمله تلك الدولة وتمثله من انحراف ورثته من عصور التطبيقات التي انحرفت عن خط «الخلافة الراشدة»، إلا أن تلك الدولة العثمانية كانت – رغم ذلك – آخر قلعة ترمز إلى «وحدة الأمة» و «الدولة» بشكل عام فمنذ ذلك الانهيار وظهور رجحان القوى الصليبية في الشرق والغرب على أرض المسلمين ودولهم في آسيا وإفريقيا، وشرق أوروبا!! والحركات الإسلامية تتلمس مواقعها في كل مكان بقي فيه للإسلام نبض يُحس ومنذ ارتفاع صوت المصلح العظيم، جمال الدين الأفغاني، منذراً بالمآل الخطر، مبشراً وداعياً إلى الحل الإسلامي، وما تلا ذلك من انهيار تام لدولة المسلمين «العثمانية»، ووقوع أرضهم وبلدانهم في قبضة أعدائهم، وتجزئة أرض المسلمين وتمزيقها، وتخريب ما تبقى لهم من تراث أي ما تبقى في العروق بعد، على حد التعبير الفقهي.. وبعد الذبح أن مرت بهم مرحلة الاستقلال ومرحلة التجربة البرلمانية» فظاهرة (الانقلابات العسكرية وسيادة «الغزو الفكري» في مرحلتي القابلية لاستعمار الأرض» واستعمار «الفكر» وبعد أن مزقت أمة الإسلام إلى أمم ودولته إلى دول.. منذ تلك المراحل التاريخية كلها التي مرت بها الأمة فقد بقي خلال ذلك نور الفكر الإسلامي الأصيل» يغالب الظلام فنشأت «الحركات الإسلامية المعاصرة» – خلال تلك المناخات ومع وتطوراتها المستمرة من حال إلى حال – مبشرة بالروح الحق المعبر عن الإنسان.. بداياتها (انتهى) إن سلبيات القرن الرابع عشر لم تنتهِ، ونحن الآن نعيش في مأساة من مآسي القرن الرابع عشر. وقد اقتربنا اليوم من نصف القرن الخامس عشر، ولا تزال البحار تقذف بالمواجهات، متجهين نحو الأرض اليابسة. مرحبٌ بها فوق الجنائز، وترحب فوق الأموات. يجب أن نتلمس طريق الحق بعيدين عن أمواج البحار، حتى نعمل في الأرض الخضراء التي تحتوي على قلوب تتوق إلى كل خير، ونزرع فيها جميع أصناف حبوب الخير وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف. يجب أن نعمل فيه الخير لأمة تُسمى العربية والإسلامية.

إن توعية الشباب وتوجيه البوصلة لديهم فيما هو خير وكيف يكون نظام الحكم في الإسلام أمرا ضروريا. وإذا عمدنا بكل قوتنا كشباب إلى إخراجهم من التطبيقات التي تحمل كل قذارات العالم من أفكار لا يمكن قبولها، وخاصةً فكر النورانيين الذي يسعون إلى تدميرنا بكل وسائل التنكيل المحرمة دولياً، فلن نقبل بذلك. إنك مسلم، فلا حقوق لك، فأنت مستعبد لهم، وكل ممتلكاتك حلال لهم طالما أنها عربية وإسلامية.

إن أواخر الخلافة أو الوحدة كانت في نطاق ذلك، وكان في رمز الأمة الدولة العثمانية. لو وقف العرب لكان لهم عزٌ وبقية للوحدة العربية والإسلامية. إن التفرقة التي نحن فيها اليوم تؤدي إلى تناحرات لا لسبب، وإنما من أجل إرضاء العالين في الأرض.

يجب أن نعمل على قيام الصحوة الإسلامية، صوت الحق والوحدة، ونحو النور المهداة إلى طريق الخير والخروج من الجاهلية إلى دولة الإسلام الموحد. وعندما تسمع عن الانقلابات، لا تتخيل أنها لصالحك، بل هي لصالح العالين في الأرض، لأن المنقلب عليه خفف من دفع الضريبة المفروضة عليه. نحن في عالم الغوغاء، وعلينا أن نلتقي في مسير الخير في نفس النضال الفكري الذي كنا فيه، والذي كان بناءً على نفس الفكر النير لمفكرينا الكرام رحمهم الله.

عندما أمسك بالقلم بين أناملي، أحس بخاطرة غريبة؛ إذ تعود بي الذكرى إلى ماضٍ بعيد. “ودعت الضرورة إلى الرحلة، فخرجنا والأعداء يشمتون بنا، وآيات القرآن تتحدث لنا، وفي علم البارئ – جلَّت قدرته – أنها خير يوم من الدهر”. كان أعجب عندي من يوم أهديت فيه هذا الكتاب من مكتبة مفكرنا الكريم -رحمه الله -في جدة. ولم يهتدِ بالي إلا عندما هيأتُ نفسي لأعمل أضواءً من كتاب، حتى نرحل نحن وأخي القارئ في عالم الاجتهادات. وعملت بكل قدرتي بقدر الاستطاعة في تشكيل خمائر النهوض العرفي المرتكز على قيم هذا المفكر، واكتشاف الطاقات العلمية، وهي كثيرة والحمد لله. وقد واجهنا نحن ومفكرونا تثبيت الأفكار التي فيها نور لنا، لأن فكرهم لا يغيب عنا ولو للحظات. أما النظام آنذاك، فقد قام ضد الشعب وتحدى عقيدة الناس بأدوات القمع والقهر والاستبداد، وأدخلوا البلد في نفق مظلم، أشد ما يكون الظلام سوادًا. وظللتُ سنوات من عمري متنقلاً بين الجبال، مطاردًا من أسياد النظام الذين كانوا يرسلون المخبرين مغريين إياهم بكل الأموال، وذلك لا يثنينا عن النضال من أجل حكم عادل منتهج الشورى كأساس للحكم في بقاع الأمة العربية والإسلامية. ولعل الدكتاتورية في نظام الحكم التي ظلت تتحكم في وطني العزيز فترات طويلة، وحتى في مثل هذه البيئات، قد بدأ يظهر فشلها المادي والاقتصادي، وهو الجانب الذي عمّ على النظام.

اقرأ أيضا للكاتب: أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (15)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى