بغداد اليمن..المدينة المتشبثة بالحياة
بغداد اليمن..المدينة المتشبثة بالحياة
الأحد28أبريل2024_ عبدالرحمن مطهر
لا تزال مدينة زبيد على قائمة التراث المعرض للخطر ، وفقا لتصنيف منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة ،وذلك منذ العام 2012 بسبب ازدياد المخالفات المعمارية التي أدت على تشوهها بشكل كبير ، ويقول المسئولون عن المدينة وعن الثقافة في اليمن بأن ذلك لا يعني خروجها من قائمة التراث العالمي، بقدر ما يسلط الضوء عليها وعلى غيرها من مواقع معرضة للخطر، من أجل تحرك الجهات المختصة لعمل شيء لإنقاذها والحفاظ عليها.
وكانت اليونسكو قد وجهت خطابا لليمن في العام 2012 تحذر فيه من شطب المدنية التاريخية من قائمة التراث العالمي لكثرة المخالفات وتوسع البناء الأسمنتي فيها، وفعلا بدأت اليمن في التحرك لإنقاذ المدينة ولو أن هذا التحرك لم يكن بالقدر المطلوب.غير أن الحرب في اليمن والتي بدأت في مارس2015 أعاق كل الجهود الممكنة لإنقاذ المدينة المتشبثة بالحياة، الأمر الذي يؤدي على شطبها نهائيا ،وللأسف لا يعي الكثير معنى شطب موقع تراثي حضاري من قائمة التراث الإنساني ، وهذا الشطب أن تم سيعيق إعادتها للقائمة أو إضافة أي موقع يمني آخر إلى قائمة التراث الإنساني.
زبيد مدينة تاريخية فريدة من نوعها بنمطها المعماري المتميز على مستوى مختلف مدن العالم وبسوقها القديم التقليدي ،بسكانها أيضا الذين ينطقون شعرا وبلاغة ، بحرفها وصناعاتها اليدوية المختلفة ،بمساجدها ومدارسها التاريخية والمتعددة ، بمورثها الثقافي الكبير من المخطوطات التاريخية ، بخضرتها الدائمة وبساتينها الواسعة ,كل ذلك وغيره أهلها لتكون ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي ، غير أن تاريخ هذه المدينة وحضارتها وتراثها مهدد بمغادرة التاريخ بسبب الإهمال خلال العقود الماضية.
بداية الإهمال والعبث
في العام 1993م أدرجت المدينة ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي لاحتوائها على كل ما تحدثنا عنه ، لكن بعد عام واحد وتحديدا في 1994م حذر المدير الإقليمي لليونسكو من الخطر الذي بدأ يداهم المدينة ،وذلك خلال زيارته للمدنية للاحتفاء بها ،فشاهد بعض المباني الحكومية التي تم بنائها بشكل مخالف لنمطها المعماري ،حينها أكد بأن الخطر بدأ يداهم المدينة ،ويجب معالجة ذلك بأسرع ما يمكن ،غير أنها بقيت مهملة ترثي حالها إلى اليوم .
كما أن إنشاء سوق جديد بالقرب من باب سهام ، ساهم في تدهور المدينة بشكل كبير،وما زاد الطين بلة هو عودة المغتربين في العام 1990م حيث قاموا ببناء وترميم العديد من المنازل، بطرق عشوائية لا تتناسب مع نمطها المعماري الفريد والمتميز ، وكانت المخالفات حينها لا تزال محدودة جدا ،وبدلاً من المحافظة عليها وعلى أصالتها تم بناء بعض الدوائر الحكومية، بمواصفات مخالفة للبناء فيها.
الدكتور علي سعيد أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة صنعاء يقول: زبيد عانت كثيراً الإهمال والعبث بمعالمها التاريخية ويضيف : كانت المدينة مشعل العلم في العالم العربي والإسلامي ومدينة التاريخ والتراث ،لكننا للأسف لا نستحقها ومن لا يحافظ على تاريخه وتراثه لا يستحقه.
تاريخ المدينة :
تعرف بالحصيب وسميت بزبيد نسبة لواديها الشهير: لبت الدعوة الإسلامية في صدر الإسلام في العام السابع للهجرة برئاسة أبو موسى الأشعري وأخويه رهم وأبي بردة وستة وثلاثين نفراً من الأشاعرة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم بارك الله في زبيد «ثلاثاً».
وتعرف بزبيد نسبة لوادي زبيد الذي يعتبر من أشهر أودية اليمن ،وقد سميت باسمه هذه المدينة التاريخية ،و التي كانت تعرف حتى بـداية العصر الإسلامي بالحصيب نسبة الى الحصيب بن عبدشمس.
موقعها :
تقع زبيد على بعد 95 كيلومترا جنوب شرقي مدينة الحُديدة، على الخط الدولي الواصل إلى تعز، كما تبعد عن العاصمة صنعاء نحو 233 كيلومترا باتجاه الجنوب، وعلى بعد 25 كم من الساحل الشرقي للبحر الأحمر وتبعد عن الجبال الواقعـة في الجهة الشرقية منها 25 كم أي إنها تقع على نصف المسافة التي تفصل بين المناطق الجبلية والبحر الأحمر لذلك هي أكثر حرارة من مدينة الحديدة. وتعتبر مديرية زبيد من المناطق الخصبة، التي يرويها من الشمال وادي رماع ومن الجنوب وادي زبيد.
نشأتها:
أما عن نشأة مدينة زبيد: فيجمع المؤرخون اليمنيون ومؤلفو كتب التراجم والطبقات، الذين عاشوا فيما بين القرن السادس والعاشر الهجريين/ الحادي عشر والسادس عشر الميلاديين، على أن مدينة زبيد أنشئت في بداية القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي؛ ويذكرون بأنه في أواخر القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي ازدادت القلاقل في اليمن فخرجت قبيلتا عك والأشاعر في تهامة عن طاعة الخليفة العباسي ، فجهز لهم الخليفة المأمون سنة 202هـ/817م جيشاً كبيراً بقيادة محمد بن عبدالله بن زياد وبعد حروب جرت بينه وبين اليمنيين استطاع بن زياد الاستيلاء على تهامة كلها.
وتنفيذاً لأوامر الخليفة المأمون باستحداث مدينة باليمن في بلاد الأشاعر بوادي زبيد، اختط ابن زياد مدينة زبيد سنة 204هـ/819م واتخذها عاصمة سياسية وعسكرية لدولته التي بسطت نفوذها على معظم مناطق اليمن.
استغل ابن زياد الاضطرابات والقلاقل التي تعرضت لها الدولة العباسية فانفرد بحكـم اليمن واقتصرت تبعيته للخلافة العباسية على إرسال الهدايا والدعاء للخليفة في خطبة الجمعة فقط.
زبيد في عصرها الذهبي :
في عصر الدولة الرسولية أصبحت زبيد من أهم مدن العالم الإسلامي ابن الديبع والمقري والحضرمي والفيروز أبادي أشهر علمائها :
تؤكد المعلومات التي وردت عن مدينة زبيد في مؤلفات المؤرخين والرحالة والجغرافيين في القرنين الثالث والرابع الهجريين/التاسع والعاشر الميلاديين مثل:
اليعقوبي (توفي سنة 284هـ/891م)، وابن رسته (توفي بعد سنة 290هـ/903م)، وابن حوقل (توفي سنة 367هـ/977م) وغيرهم بأن مدينة زبيد كانت منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي مدينة إسلامية مشهورة. مرت بمراحل مختلفة من التطور والازدهار منذ إنشائها حتى عصر الدولة الرسولية حيث أصبحت خلال القرنين السابع والثامن الهجريين/ الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين العاصمة الثقافية والاقتصادية، وقد اهتم بها ملوك بشكل كبير من خلال بناء المساجد والأربطة والمدارس وغيرها ن بل واهتم ملوك وأمراء بني رسول بالعلم والعلماء وإكرامهم وتبجيلهم وتقديرهم ، وتشجيع المؤلفين ومساعدة طلاب العلم جذب إلى زبيد عدداً كبيراً من مشاهير علماء العالم الإسلامي في ذلك الوقت، وطاب المقام فيها لبعضهم فسكنوها وتأهلوا بها؛كمجد الدين الفيروز آبادي، العالم النحوي المشهور،الذي زار مدينة زبيد فأحبها واستقر فيها، وتقديراً لمكانته العلمية عينه الملك الأشرف إسماعيل بن العباس قاضي القضاة في سنة 797هـ/1395م وزوجه الملك الأشرف بابنته؛ عاش مجد الدين الفيروز آبادي في زبيد عشرين سنـة، ألف معجمه المشهور بالقامــوس المحيط في إحــدى مدارسها وتوفي ودفن بها سنة 818هـ/ 1395م.
ازدهار وتطور كبير:
كما تؤكد كتب التاريخ أن مدينة زبيد تطورت كثيراً في العصر الرسولي تطوراً عمرانياً كبيراً وازدهرت الحياة الاقتصادية فيها وازدادت عدد منشآتها الدينية، إذ بلغ عدد المساجد والمدارس فيها في النصف الأول من القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي ما يقرب من مائتين وأربعين مسجداً ومدرسة. وقد اهتم ملوك وأمراء وأميرات بني رسـول ببناء المدارس العلمية المتخصصة في مدينة زبيد،
لم يقتصر اهتمام ملوك وأمراء بني رسول على بناء المنشآت الدينية فقط بل حرصوا كذلك على ترميم وتجديد وتوسيع كل المنشآت الدينية والتعليمية وكذلك أسوار وأبراج المدينة وبواباتها وخنادقها. وأنشئوا الأسبلة وأقاموا دور الضيافة التي تستقبل الغرباء عن المدينة وتقدم لهم الطعام والإقامة مجاناً.
عاشت مدينة زبيد عصرها الذهبي في العصر الرسولي الذي دام ما يقرب من مائتين وثلاثين عاماً (628-858هـ/1229-1454م)، حينها كانت هي العاصمة الثقافية لواحدة من أقوى دول الشرق في تلك الفترة. أنجبت زبيد جيلاً من فطاحل العلماء والمؤرخين الذين ذاع صيتهم في الآفاق وخلفوا لنا أعدادا هائلة من المؤلفات الهامة في مجالات العلم المختلفة، منها في العلوم الدينية: علم الحديث والفقه والتفسير والقراءات…، ومؤلفات في علم الفلك والكيمياء والرياضيات والطب وفي اللغة العربية وقواعدها وآدابها، ومؤلفات في الجغرافيا والتاريخ وفي الزراعة وفنون الصيد وعلم المساحة وغيرها من العلوم
تخطيط المدينة :
عرفت بالمدينة المدورة وتسمى بغداد اليمن ولها أربعة أبواب:
عرفت مدينة زبيد بالمدورة أي المدينة الدائرية، فهي مدينة دائرية التخطيط منذ اتخاذها عاصمة سياسية وعسكرية لدولة الزياديين في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، كما كانت المدينة محاطة بسور من الطين، تفتح فيه أربعة أبواب هي، على ما يبدو نفس الأبواب الحالية للمدينة، اثنان من هذه الأبواب يحملان نفس الأسماء التي عرفا بها في مطلع القرن الثالث الهجري وما يزالان يعرفان بهما حتى اليوم: باب غَلاَفِقَه ( يعرف حاليا باسم باب النخل) ويفتح في الواجهة الغربية من سور المدينة وباب عدن (يعرف حاليا بباب القرتب) ويفتح في الواجهة الجنوبية من سور المدينة، باب سِهام ويفتح على وادي سهام، الذي يقع إلى الشمال من مدينة زبيد، وما يزال هذا الباب يحمل نفس الاسم حتى اليوم، باب سهام البوابة الشمالية لمدينة زبيد وأخيراً باب الشَبَارق الذي يفتح في الجهة الشرقية من المدينة على قرية تحمل نفس الاسم. ورد ذكر هذه الأبواب في وصف المقدسي (توفي سنة 380هـ/990م) لمدينة زبيد في كتابه المشهور أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم.
سور المدينة :
كان لزبيد خمسة أسوار كجانب دفاعي اندثرت جميعها:
أما بالنسبة لسور مدينة زبيد والذي اندثر في السبعينيات نتيجة للإهمال الذي أصاب المدينة كمختلف المعالم التاريخية فيها فتذكر المصادر التاريخية اليمنية بأنه كان لزبيد خمسة أسوار بنيت حول المدينة كجانب دفاعي في المقام الأول :
السور الأول تم بناؤه عند إنشاء المدينة على يد محمد بن عبدالله بن زياد في مستهل القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وأقام الحسين بن سلامة في نهاية القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي سورها الثاني؛ أما السور الثالث فتفيد بعض المصادر التاريخية أن من بناه هو الحسين بن سلامة؛ والسور الرابع بناه علي بن مهدي في منتصف القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، وتنسب المصادر التاريخية بناء السور الخامس إلى طغتكين بن أيوب، ثاني ملوك بني أيوب على اليمن، في الربع الأخير من القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي. كانت مدينة زبيد في بداية القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، حسب وصف ابن المجاور لها دائرية التخطيط محاطة بثلاثة أسوار يتخللها عدد من الأبراج. الغريب في المعلومات التي أوردها ابن المجاور عن أسوار مدينة زبيد بأنه يذكر بأن سور مدينة زبيد تتخلله مائة وتسعة أبراج.
ويبدو أن التوسع العمراني الذي عرفته مدينة زبيد فيما بين القرنين الرابع والثامن الهجريين/ العاشر والرابع عشر الميلاديين كان أهم الأسباب التي أدت إلى إلغاء الأسوار القديمة وبناء سور جديد حول المدينة ،أما أبواب المدينة الأربعة، التي أشرنا إليها، فقد ازدادت وبلغت في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامـن عشر الميلادي ثمانية أبواب، يذكر الرحالة الدانمركي كارستن نيبور الذي زار مدينة زبيد في تلك الفترة بأنه شاهد خمسة من هذه الأبواب التي كانت تفتح في سور المدينة. كانت مدينة زبيد مدينة واسعة تقدر مساحتها في العصر الرسولي بأربعمائة هكتار تقريباً.
أحياءالمدينة:
دخلت زبيد الصراع السياسي بسبب الدويلات التي حكمت فيها ,فظهر التنوع الصناعي والعمراني وكذلك التنوع المذهبي من خلال المساجد والمدارس الإسلامية والدينية التي تمثلها كل المذاهب . وأصبحت زبيد مدينة مختطة تضم حارات وأحياء عرفت بـ : ربع العلي وربع المجنبذ وربع الجامع وربع الجزء .
الجامع الكبير:
يقول الدكتور محمد العروسي أستاذ الآثار الإسلامية في جامعة صنعاء ،يعتبر الجامع الكبير بزبيد من أهم وأبرز الجوامع في العالم الإسلامي ,ويؤكد العديد من المؤرخين بأن الجامع أنشئ في عهد الدولة الزيادية وفي سنة 393هـ جدد عمارته الحسين بن سلامة ,وفي سنة 574هـ أعاد عمارته المبارك بن منفذ الكناني نائب توران شاه الأيوبي .وفي سنة 579هـ قام السلطان طغتكين بن أيوب بتوسيعه في الجناح الشرقي والغربي والمؤخر والمنارة ,وفي سنة 897هـ أعاد عمارته الملك الظافر بن عامر بن عبد الوهاب بن داود بن طاهر وزينت جدرانه وسقوفه بالنقوش والآيات القرآنية .وفي سنة 1131هـ قام بعمارة المقاصير لطلاب العلم بداخل الجامع وتحتوي على أربع عشرة مقصورة .وللجامع محرابان الأول للجمعة والثاني جهة الشرق خاص لصلاة الفروض. ويتخلل الجامع سبع قبب وثلاثة عشر بابا وأربعون نافذة ومساحة الجامع أربعة آلاف وخمس مائة متر مربع .
غير أن الجامع يعاني حاليا إهمال كبير كمختلف أجراء ومرافق المدينة التاريخية.
جامع الأشاعر:
بناه أبو موسى الأشعري في العام الثامن للهجرة واليوم بحاجة ماسة للترميم : وسمي باسم قبيلة الأشاعر وتم بناؤه بجوار بئر قديمة كان العرب الأشاعرة ينزحون منها الماء ويسقون دوابهم وهي تقع الآن غرب مسجد الأشاعر .وفي سنة 204هـ عندما اتخذ محمد بن زياد المدينة حاضرة لدولته، بنى مسجد الأشاعر في الربع الأول من القرن الثالث الهجري ,وفي سنة 407هـ بنى الحسين بن سلامة مسجد الأشاعر وكتب اسمه على لوح خشبي موجود حاليا شرق المحراب بالخط الكوفي,وفي سنة 834هـ بدأ المسجد في التصدع فجدد بناءه الخازندار برقوق الظاهري وقام بتوسيعه في الجناح الشرقي والغربي والجناح الجنوبي وخصص مقصورة للنساء،وفي سنة 891هـ جدد بناءه الملك المنصور عبد الوهاب بن عامر بن طاهر وفي سنة 1276هـ في بداية الحكم العثماني الأخير أصلح ما تخرب من سقفه,وللأشاعر محراب كبير للصلاة ويتوسطه حلقات العلم وقراءة الأمهات الست ,والتي مازالت قائمة حتى اليوم.
وله أيضا محراب يقع شرقا للطريقة الجيلانية ومحراب آخر في الغرب للطريقة النقشبندية . وللمسجد ثلاثة أبواب الأول يقع في الجنوب والثاني في الغرب والثالث في الشرق وللمسجد بكتان الأولى في غرب المسجد وتسمى الطويلة والثانية في الشرق وتسمى الحريبية وبنتها الحرة ماء السماء جهة الطواشي فرحان أم الملك الزاهر الرسولي سنة 831هJ831هـ ,وفي سنة 674هـ أصلح منبر الوعظ والإرشاد والحديث الأمير أبو غازي بن المعمار وأوقف عليه الأمير شهاب دكاكين وقطعة أرض ،وفي سنة 949هـ أنشأ مصطفى باشا النشار منبراً لخطبة الجمعة حسبما أكده الدكتور العروسي.
حالة جامع الأشاعرة اليوم:أيضا كحال الجامع الكبير يعاني تصدعاً كبيراً في الأسقف وتشقق مختلف الجدران الأمر الذي يهدد بسقوط الجامع في أية لحظة ,
مدينة العلم والفن والتراث :
الغريب أن الحديث عن مدينة زبيد منصب على الطابع المعماري فقط وكأن مدينة زبيد لم تكتسب شهرتها إلا من خلال الطابع المعماري المتميز فقط مع أنها تمتاز أيضا بالعلم الناتج عن كثرة مدارسها العلمية التي تحدثنا عنها سابقا والذي نتج عنه نبوغ العديد من العلماء في مختلف مجالات العلم والمعرفة وبكثرة شعرائها ,وهي كذلك مدينة للتراث الحضاري والفلكلور الشعبي العريق , و تمتاز كذلك بصناعاتها الفنية والحرفية المتعددة خاصة في مجال الأنسجة والحياكة وغيرها من الحرف والصناعات الحرفية المتعددة , والتي انقرض منها أيضا الكثير، ولكن مازالت جذور كل ذلك العلم والفن والتراث والحرف موجودة وتحتاج إلى إحيائها ,من خلال الاهتمام بالمدينة وبتراثها.
الطابع المعماري لمنازل زبيد:
تمتاز مدينة زبيد بطابعها المعماري المميز فهي كما يلاحظ مبنية من الياجور المسمى القولب ومادة النورة الكدري والطين ,وهذه المنازل مقسمة مابين مربعة وقبل ساحة أمام المربعة وكذلك صفة وحمام ومطبخ ,وهناك بعض البيوت تحتوي على خلوة دور ثان ومبرز للمقيل (مفرج بلهجة أهل صنعاء) .كما أن معظم منازل زبيد مزخرفة من الداخل وكذلك من الخارج لبعض المنازل وهناك أكثر من ثلاثمائة نوع من هذه الأشكال الزحرفية النباتية والهندسية وذلك ما تحتويه واجهة المربعة من نقوش وزخارف بمادة القولب والنورة اما من داخل المربعة أي (الغرفة) فهناك نقوش وزخارف في صدر المربعة ونقوش أخرى على الأخشاب في السقف تمثل رسومات متنوعة بالألوان الطبيعية النباتية المبتكرة في ذلك الوقت.
مكونات البيت الزبيدي:
ـ المربعة : غرفة كبيرة المساحة تصل الى 3×4 أو 4×4 وهي عالية السقف وتحتوي على شبابيك أمامية وغريبة وخزانة كبيرة ،ومختلف جدران وأسقف المربعة منقوشة بنقوش زيتية طبيعية. أما الصفة : فهي غرفة مفتوحة الأبواب،أبوابها على شكل عقود كبيرة وتستخدم غالبا في فصل الصيف عندما يكون الجو حارا،أما الخلوة : فهي غرفة كبيرة تبنى في الدور الثاني للمنزل وفيها العديد من النقوش والزخارف في مختلف جدرانها وسقفها وأيضا على شبابيكها .
أقدم المنازل في المدينة:
ومازالت العديد من المنازل القديمة في مدينة زبيد التاريخية موجودة رغم اندثار الكثير منها وهذه المنازل تعاني حاليا خرابا كبيرا وتحتاج الى ترميم سريع للمحافظة على ما تبقى منها بسبب الملوحة وعدم الصيانة المستمرة لها ,ومن هذه المنازل بيت أحمد طاهر حويج وبيت الوجيه ,وبيت المرزوقي ,وبيت الوجداني ,وبيت الرملي وغيرها الكثير التي بنيت قبل مئات السنين.
مـدرسـة الميلين:
أنشئت لتدريس المذهب الشافعي وتعتبر من أهم مدارس العالم الإسلامي:
يتحدث الدكتور محمد العروسي أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة صنعاء عن هذه المدرسة قائلاً: إنها أنشئت لتدريس المذهب الشافعي،وهي من أهم مدارس العلوم الإسلامية في مدينة زبيـد، حيث بنيت في الركن الشمالي الشرقي لمبنى قلعة مدينة زبيد التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من حي ربع المجنبذ ، أنشأها الملك المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب سنة 594هـ/1198م.
اقرأ أيضا:قرية يمنية تتوسع في زراعة البن وتحرم القات والتدخين
الصور من وسائل التواصل الاجتماعي