اخبار محليةكتابات فكرية

الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل .. أين نحن مم يجري؟!

 الأستاذ عبد العزيز البغدادي يتساءل .. أين نحن مم يجري؟!

يوميات البحث عن الحرية .. أين نحن مم يجري؟!

  • عبد العزيز البغدادي

الأثنين10فبراير2025_

أما نحن فأقصد اليمانيين، وأما ما يجري فهذه التغيرات التي تحركها الدول الفاعلة المتفاعلة الصانعة المنتجة في العالم.

ومن المؤسف حقاً أن اليمن هذا البلد العريق الذي كاد يتوارى كيانه بفعل واقع التشرذم والتمزق والانقسام الذي يعيشه ما مكن دول ودويلات مجاورة لم تكن شيئاً مذكورا من اللعب به وبمصيره فأصبح عاجزاً عن فعل أي شيء بل أو حتى العلم به!!.

لا أقول هذا تبجحاً أو تذمراً، ولا إدعاءً مبنياً على الفراغ كما يفعل البعض ممن لا يدركون أهمية التوازن بين العقل والعاطفة في حب الأوطان.

إنما أصف معادلة تتطلب استقراءً لما نعرفه وما نعيه ونشعر به من عمق التأريخ والجغرافيا لواقعٍ تلاشى ليحل محله واقع مزرٍ، هذه المعادلة يعرفها متيقظو العقول وقارئو التأريخ والواقع، وليس الفنجان!.

الأحرار يعرفون أن أمريكا التي تصول وتجول، ترعد وتزبد وتتلاعب بالجغرافيا وتحول الأوطان والموت والإبادة الجماعية والتهجير القسري للفلسطينيين ولكل من يتعرض لهذا النوع من التهجير إلى مشاريع استثمارية، وفيما أعلم لا يوجد اليوم شبيه لمعاناة الفلسطينيين في العالم!.

هذا النوع من الاستثمار المبني على حروب قذرة وجرائم يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان لا يسنده قانون، إنه منافٍ لكل القوانين والشرائع والأعراف!.

أمريكا هذه الدولة الجبارة التي تتلاعب بالعالم، تتلاعب بسياستها قوى وعصابات حكم على مستوى جبروتها، وترامب هذا لا يتلاعب بها بصلاحيات مطلقة كصلاحيات الحكام العرب أو العالم الثالث الذين يتصرفون ببلدانهم تصرف رؤساء العصابات.

يكفي الأعراب فخراً أن قيمة ما يحلبه مجنون أمريكا المبجل تبلغ قرابة ترليون دولار!!.

أيها السادة يسوءنا ما يصنع بها الترامبيون بالبقرة الحلوب لا لأننا جيرانها وما ينالها ينالنا بحكم الجغرافيا المتصلة بالقرابة والمنفصلة بفعل سياسة المملكة المحلوبة على حساب اليمن الذي عرف بالعربية السعيدة قبل أن يوجد هذا الجار المحترم وقبل أن توجد أمريكا بحلابها الجديد فما: (أصبح في جارك أمسى في دارك) يقول المثل ولا نملك سوى التغني بالأمثال والحكمة التي يستثمرها البعض بما يثبت أننا أبعد ما نكون عن الحكمة، ما أغلى حلبات ترامب مقابل حماية البقرة ممن سرَقت أراضيهم لتوفير الحليب لحامي الحمى !.

واليمن التي عرفت بموطن الحكمة ابتليت بحكام لا يعرفون من تأريخها سوى التمسك بترسيخ مقولة:( تفرقت أيدي سبأ المعروفة) المنافية للحكمة من خلال التفاعل معها كمصير مؤكد عند دعاة الاستسلام!.

ومقارنة اليمن بأمريكا نوع من الجنون والبلاهة، لكن المقصود بها المقارنة التاريخية باعتبار اليمن دولة أصيلة بين دول العالم القديم أي أنها وجدت قبل أن توجد(أمريكا) الحلاب و (السعودية) بآلاف السنين وميثاق الأمم المتحدة يساوي بين الدول في السيادة مهما كانت مساحتها وإمكانياتها المادية!.

أمريكا كيان دولي عظيم هذا مؤكد ليس فقط من خلال قوتها وحجمها الاقتصادي والجغرافي والعسكري، بل وبفعل سياستها المتدخلة في كل شئون العالم بالمخالفة للقانون الدولي ونهب ثروات الشعوب في ظل غياب شبه تام لنظام عالمي عادل يحميه مجتمع دولي حر، هذا واقع لا يتعامى عنه إلا مريض!.

وأبرز أسباب هذا الضعف والمهانة للمحلوبين بصورة مباشرة وغير مباشرة تغييب الشعوب من قبل الحكام وقبول الشعوب للتغييب ليس عما يجري في العالم بل وعما يتم رسمه للمنطقة من خطط وسيناريوهات، ومن ذلك:العمل الجاري ليل نهار لبلورة مشروع ما يطلق عليه: (الشرق الأوسط الجديد) الذي يتكون من دول تضمها ما يسمى: (جامعة الدول العربية) التي ولدت ميتة في 1945 وبعض دول المنطقة لتستغل لخدمة مشاريع معادية لوجودها ومهددة لبقائها ومنها الكيان الصهيوني المزروع بقوة !.

أعلم أن هذا التوصيف يثير السخرية لأن الكيان المزروع في ظل هذه الظروف بات المتحكم في أصحاب الكيانات الأصلية، وهو محور الشرق الأوسط المزعوم أو الذي يفترض أن يكون مزعوماً لو أريد للمولود أن يولد ولادة طبيعية!.

 ولا يجوز مطلقاً أن نتذرع برمي الأسباب على السلطات فالخلل في قلب الإنسان المستسلم للواقع البائس الذي ترتهن فيه الشعوب لإرادة حكام وقادة وزعماء لا يرتقون إلى مستوى زعماء عصابات ليس لأنهم لا يمثلون مصالح شعوبهم فحسب بل ولأنهم لا يعون حتى مصالحهم الشخصية!.

ولهذا كله يبطل كل تحليل يذهب إلى القول بأن ترامب الذي تسلم موقع الرئاسة لهذا البلد الضخم للمرة الثانية في 20 يناير2025مجرد مجنون سيؤدي بأمريكا والعالم إلى الهاوية أو إلى المجهول.

الإدارة الأمريكية بخيرها وشرها على الأمريكيين والعالم محكومة بنظام مؤسسي يدير توازن مصالح اللوبيات المتعددة، وللوبي الصهيوني موقع هام في التحكم والسيطرة وهذا لا يعيب المسيطرين وإنما المسيطر عليهم!.

وبعض من يبحثون عن حلول لقضايا بلدانهم من خلال ما يتوقعون من تصرفات ترامب غير مدركين: أولا:أن الجنون في الدول التي تسير العالم وتتحكم بمصيره جنون مؤسسي مدروس من زوايا تهم بلدان السيطرة وليس جنون رؤساء لهم صلاحيات مطلقة.ثانياً: أنه جنون وجد لحماية مصالح مشروعة كانت أو غير مشروعة إن جاز الوصف.

محاولة الإجابة على السؤال عنوان هذه اليومية ليست بالمهمة السهلة، ولا يجوز التسليم لأي سلطة بالحق في البحث عن إجابة لأن الشعوب الحرة ليست بحاجة لولي أمر، وإنما لرئيس مسؤول!.

الإجابة تبدأ بفرز سلطة وطنية قوية ليس قوة البطش والتحكم في مصير الوطن، وإنما قوة الحرص الجاد على الشراكة الوطنية والشراكة تعني الديمقراطية الحقيقية وليس الشكلية وتقوم على مبدأ الحوار الوطني الصادق الباحث عن شركاء لا عن أتباع ومصفقين ومنافقين!.

ولا تنتهي المهمة عند فرز هذه السلطة بانتخابات ديمقراطية حقيقية نزيهة، بل لابد للديمقراطية من حماية تراقب أداء السلطة المنتخبة ونقدها نقداً موضوعياً وإلزامها بتحكيم مبدأ سيادة القانون وتجنب حكم الأمزجة والأهواء والعشوائية ورفض تعيين الأقارب والموالين!.

هذا ليس حلما، إنه حق تضمَّنه الدستور والقانون وأكدته المبادئ والاتفاقات الدولية والإنسانية، ولايهم نسبة ما يتم تطبيقه من هذه المبادئ، ما يهم هو حرصنا على أداء ما يتناسب مع إمكانياتنا والتزاماتنا الدستورية والقانونية.

ومن يبحثون عن الحرية خارج أوطانهم لدى من يسمون أنفسهم العالم الحر سيستغرقون وقتاً طويلا في البحث،إن وجدت!.

يقول لي الحُلم

لفجر فجرٌ كنت له الضوء

وكان لك العتق

هاأنت :

تختزل الآن عمري

تدق مسامير حُزني

تشطر ذاكرتي.

اقرأ أيضا للكاتب:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لـ صوت الشورى عن العنصرية وعلاجها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى