حكومة الرياض الجديدة .. غياب المصلحة الوطنية وحضور المصالح الخارجية
بعد أشهر طويلة من التعثر وأكثر من عام على توقيع الاتفاق الذي رعته السعودية بين الأطراف المتصارعة جنوباً ممثلة بحكومة هادي التي يسيطر حزب الإصلاح على جانب من قرارها وتتولى الرياض مهمة دعمها وتمويلها، والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، تم تشكيل حكومة المحاصصة التي طال مخاضها، لتعيد ذات الوجوه التي احترفت الفشل وأدمنت البقاء خارج البلاد، بعيدة عن المعاناة التي يعيشها الملايين من اليمنيين على امتداد المحافظات والمناطق التي يسيطر عليها التحالف بقيادة السعودية والإمارات والأطراف المحلية التابعة لهما على اختلاف درجات الولاء تبعا لحجم الدعم والتمويل.
كعادتها تمخضت الرياض فولدت فأراً.. ذلك هو ما يقوله لسان حال السياسيين والمهتمين، معلقين على تشكيلة الحكومة التي تم توزيع حقائبها بين مكونات هي أصل المعضلة التي قادت إلى حالة عدم الاستقرار في المحافظات الجنوبية والشرقية، بما صاحب ذلك من انهيار اقتصادي، وغياب للخدمات، وتردٍ للحياة المعيشية لملايين المواطنين، يقابله نهب للثروات، واستحواذ على الموارد، وتفريط بالسيادة والقرار.
كحال أي حكومة تم تشكيلها على أسس المحاصصة غير المبنية على أسس وطنية يتضاءل التعويل على التشكيلة الحكومية التي تم الإعلان عنها السبت، في حل مشاكل المحافظات التي تقع تحت سيطرتها والتي باتت تعاني العديد من الأزمات يأتي على رأسها الملفان الأمني والاقتصادي، وهما الأكثر ارتباطا بحياة الناس ومعيشتهم، فكما كانت المصالح الشخصية والجهوية والحزبية والمناطقية على مدى السنوات الماضية حاضرة بقوة وبما يصب في صالح التحالف في محصلته، فإنها لن تغيب عن الوضع الراهن، وستظل المصلحة الوطنية غائبة كما هو الحال خلال السنوات الماضية، وسيظل المواطن في ذيل قائمة اهتمامات هذه الحكومة، فيما يتم تغذية النزعات التي تقود إلى مزيد من التعقيدات في المشهد.
وفي الوقت الذي تعلو فيه النظرة القاتمة عند الخوض فيما يمكن أن تقدمه هذه الحكومة للمواطن ينحسر التفاؤل بإمكانية إنهاء الصراع بين الأطراف المشاركة فيها، وذلك نظراً إلى تضارب الولاءات، وتقاطع الأجندات التي بنيت عليها هذه الولاءات، بالإضافة إلى تصارع المصالح بين الوكلاء المحليين المنوط بهم تنفيذ هذه الأجندات والمخططات، وهو الأمر الذي سيحول دون وضع حد للصراع الذي سيظل قائما وقد يقود إلى موجات عنف جديدة، ويقضي على أي أحلام بالاستقرار لهذه المحافظات التي يحرص التحالف على استمرار الصراع فيها، مادام سيصب في ما يخدم مخططاته وأطماعه.
الحكومة الجديدة والتي صارت تعرف بـ حكومة الرياض نسبة إلى اتفاق الرياض الموقع في 5 نوفمبر 2019، جاءت تبعاً للإملاءات الخارجية، بدءا من رئيسها الذي فرضته الإمارات بالقوة، ولم يفلح في زحزحته الرفض الذي أبدته الشرعية بمختلف المكونات المنضوية في إطارها عدا جناح حزب المؤتمر التابع لأبو ظبي، فمن خلال النظر إلى قائمة هذه التشكيلة المعلبة يظهر بجلاء مدى تحكم التحالف في القرار عبر فرض شخصيات عرفت بولائها المطلق لدول التحالف، وهو ما يعني الاستمرار في الهيمنة على الأرض والقرار معاً، عبر أرا جوزات تابعة للرياض وأبوظبي، وتسليمها مصير شعب تطحنه الأزمات وتضيق عليه المعيشة يوماً بعد آخر.