الإعلام الامريكي : تنظيم القاعدة يمثّل أغلب القوات الموالية للتحالف في اليمن
قال معهد “كريتيكال ثريتس” الأمريكي ان الحرب الأهلية اليمنية خلقت ظروفاً مكنت تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من التوسع. وقد استولت حركة الحوثيين المدعومة من إيران والموالون للرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح (شيعي المذهب) على الكثير من البلد في أواخر العام 2014 وأوائل العام 2015، مبعدين حكومة الرئيس عبد ربه هادي المعترف بها دولياً. وتدخل ائتلاف تقوده السعودية في أواخر شهر آذار (مارس) من العام 2015 لإعادة حكومة هادي إلى سدة السلطة. وفي الغضون، تباطأت عمليات محاربة الإرهاب وبدأت الحكومة بالانهيار في جنوب اليمن عندما أعطى الائتلاف الذي تقوده السعودية وحكومة هادي الأولوية للحرب الأهلية. وقد انتهز تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة التركيز على القتال ضد تكتل الحوثي- صالح ليسيطر على ثالث أكبر مدينة ميناء في اليمن لأكثر من عام. لكن عملية بقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة أجبرت متشددي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة على الانسحاب من المدينة الميناء والأراضي التي كان يسيطر عليها. وتصب الحرب الأهلية الطويلة وغياب أي حل سياسي وطني للصراع النار على وقود الظروف التي سمحت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة بالصعود مجدداً.
يقاتل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مع المليشيات المحلية التي تقاتل فصيل الحوثي-صالح ويدعمها من أجل دس نفسه داخل المواطنين المحليين. وترفض القبائل المحلية وقوات المليشيات تكتل الحوثي-صالح وتسعى إلى منع الحكومة الشمالية من السيطرة على أراضيها. وينشط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مع هذه المجموعات على خطوط المواجهة في محافظتي تعز والبيضاء. ويشارك تنظيم القاعدة هناك في هجوم مضاد بدأته حكومة هادي في أيار (مايو) 2017 للاستيلاء على شرقي مدينة تعز وانتزاعها من تكتل الحوثي-صالح. ويركز تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة موارده على محافظة البيضاء، الشريط الحساس بالنسبة للتنظيم منذ العام 2012 على الأقل. وهناك، يساعد التنظيم يساعد المليشيات القبلية في الاستيلاء على الأراضي من يد قوات الحوثي-صالح. وكانت وزارة الخزينة الأميركية قد أدرجت محافظ البيضاء، نايف سالم القيسي، كإرهابي عالمي مصنف بشكل خاص في العام 2016، بسبب تسهيله تمدد واستقرار تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في البيضاء. ويصنع تقديم الدعم للمليشيات المحلية علاقة سمحت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بالعمل في مناطق جديدة، مثل تعز، وتعميق تواجده في مناطق أخرى مثل وسط اليمن.
تسوق الطبيعة التي تزداد طائفية للحرب الدعم في اتجاه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتقوي سرد هذه المجموعة بأنها المدافع عن السنة في اليمن، ويتركز الصراع في جزئه الضخم على نضال القوى المحلية، ولا يقاتل معظم اليمنيين استجابة لنوازع طائفية. لكن الحوثيين الشيعة الزيديين والقوات المصطفة مع الرئيس هادي وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وضعوا الصراع في قالب الدوافع والمسببات طائفية، مع ذلك. وتساعد التوترات الطائفية الإقليمية سرد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن الصراع اليمني. وكانت سياسات الحوثيين التي استهدفت القادة المسلمين السنة بشكل خاص قد دفعت بعض الأصوات الأكثر اعتدالاً في اليمن وساعدت في تعبئة مواطنين سلفيين. كما أن دعم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لبعض الفصائل المعادية لفصائل الحوثي-صالح، مثل تلك التي في البيضاء وتعز، يبني على الطبيعة الطائفية المتنامية للحرب.
تقدم المجموعة حكومة ظل وخدمات أساسية للمواطنين خلف خطوط المواجهة، وتبني بذلك دعمها الشعبي. ومن المرجح أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يدير بعض المؤسسات العامة في مدينة تعز في مناطق ساعد في الاستيلاء عليها من قوات الحوثي-صالح. وكان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد حاول تقديم خدمات عامة -بما في ذلك الأمن والماء والكهرباء وحل النزاعات- والتي تفوق ما تقدمه حكومة هادي المعترف بها دولياً عندما سيطر التنظيم على أراضٍ في العامين 2011 و2015. ويدعي بعض مواطني مدينة المكلا التي حكمها تنظيم القاعدة عبر وكلاء من نيسان (أبريل) 2015 وحتى نيسان (أبريل) 2016 بأنهم يفضلون المعيشة تحت حكم تنظيم القاعدة على العيش في ظل الفساد المستشري لحكومة الرئيس هادي. وتزيد عدم قدرة حكومة هادي على تقديم الخدمات أو دفع الرواتب من منظومة تجنيد التنظيم ودعمه الشعبي.
يشن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حالياً حملة لمنع القوات الأمنية من تأسيس سيطرة تستطيع الحد من حرية الحركة. وينفذ التنظيم بشكل رئيسي نوعين من الهجمات في اليمن الجنوبي: هجمات صريحة على القوات الأمنية المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة؛ وعمليات اغتيال سرية لمسؤولين عامين. وقد تمكن معدل مرتفع من هجمات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من طرد القوات الأمنية المدعومة من دولة الامارات إلى خارج شمالي محافظة أبين في اليمن الجنوبي في وقت مبكر من العام 2017، مما أتاح مزيداً من حرية الحركة أمام التنظيم بين مناطق دعمه في البيضاء وأبين. وينفذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حالياً حملة مشابهة في منطقة دوعن في محافظة حضرموت الشرقية. ومن المرجح أن يكون تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤولاً عن سلسلة من الاغتيالات بحق مسؤولين عامين وقادة قبائل مقاومة في اليمن الجنوبي، مشابهة لحملة نفذها في العامين 2012-2013 ضد قادة قبليين كانوا قد ساعدوا في طرد التنظيم من الأراضي التي سيطر عليها. وينفذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هذه الاغتيالات بشكل سري من أجل المحافظة على علاقاته القبلية، ومن أجل التخفيف من حدة ضربة ارتدادية شعبية.
يصور تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أعماله على أنها تصب في بوتقة خدمة المواطنين المحليين، وهو يعمل من خلال الممارسات التقليدية والعادات المحلية للحد من تنفير القبائل. ويختار التنظيم الأهداف والهجمات بعناية للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين، بحيث تكون عملياته محتملة لدى المواطنين المحليين، ولا يغيب عن البال أن الاختيار الحذر لأهداف المجموعة يصنع الفرق بينه وبين “داعش” في اليمن، وهي حقيقة يؤكدها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة في انتقاده الموجه ضد “داعش”. ويستفيد هذا التنظيم من هذا الاختلاف من حيث ظهوره كمجموعة سلفية-جهادية معتدلة تنطوي على المزيد من الأمل وأقل خطورة بالنسبة للمواطنين المحليين. ويحاول تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أيضاً التخفيف من جدية التهديد الذي تشكله عمليات مكافحة الإرهاب التي تنفذها الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة للحفاظ على دعمه القبلي. وكان التنظيم قد ادعى بأنه انسحب من المكلا في نيسان (أبريل) من العام 2016 لغاية حماية المواطنين المحليين من قتال دموي ومكلف. كما فاوض التنظيم على شروط وبنود حماية القبائل من عمليات مكافحة الإرهاب من خلال التخلي عن هجماته الخارجية من أجل الحفاظ على حريته في الحركة.
قد تتسبب تكتيكات مكافحة الإرهاب التي تستخدمها الولايات المتحدة والإمارات في ضربة ارتدادية من صفوف بعض المواطنين اليمنيين. وثمة قبائل تنظر إلى عمليات محاربة الإرهاب على أنها مكلفة كثيراً على مجتمعاتها، وغالباً ما تعرب عن حنقها بسبب الافتقار للدعم الذي يتلقونه لقتال تنظيم القاعدة. وقد فقد الائتلاف الذي تقوده السعودية الفرصة لدعم موجة من التعبئة القبلية المعادية لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في شرقي اليمن في آذار (مارس) من العام 2017. ورسخت العمليات الأميركية المشاعر المعادية لأميركا في مناطق يقتل فيها أفراد من القبائل في هذه العمليات. كما أفضت عمليات محاربة الإرهاب الأميركية إلى تحريك الزخم لصالح قوات الحوثي-صالح في أماكن مثل محافظة البيضاء، حيث يعتبر تنظيم القاعدة القوة الرئيسية التي تدعم القتال ضد الحوثيين. ويحتج المدنيون بين الفينة والأخرى ضد القوات الأمنية المدعومة من دولة الإمارت، والتي يقولون إنها تعتقل تعسفياً وتعذب وتخفي الشباب المتهمين بالإرهاب. ولذلك، يؤطر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هجماته على القوات المدعومة من الإمارات كنوع من الانتقام من انتهاكاتها لحقوق الإنسان ولغاية استقطاب الدعم لقضيته.
لن تؤدي حملة عسكرية ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى إلحاق الهزيمة به. ولا يكمن مصدر قوة تنظيم القاعدة هناك في سيطرته على شريط أو في قدرته على شن هجمات، وهي أهداف عمليات مكافحة الإرهاب المتواصلة. وإنما يستمد التنظيم القوة من علاقته المستدامة مع المواطنين المحليين، وهو يظل مركزاً على حماية هذه العلاقة. وقد مُني التنظيم بهزائم عسكرية من أجل الحفاظ على الدعم الشعبي في حالات متعددة، مثل الانسحاب من أبين في العام 2012 والمكلا في العام 2016. وربما يكون رفع وتيرة العمل العسكري الأميركي ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في العام 2017 قد أضعف قدرة التنظيم على العمل في المدى القريب، لكن إطالة أمد الحرب الأهلية تحفظ له الظروف التي تمكنه من إعادة تأسيس نفسه.
على الولايات المتحدة العمل على تكييف نفسها مع الظروف المتغيرة التي شكلتها الحرب الأهلية، والتي أتاحت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية استغلالها، من أجل وضع المجموعة على مسار الهزيمة الأبدية. وسوف يوسع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مناطق دعمه طالما بقيت الحرب الأهلية اليمنية مستعرة. ويجب على الولايات المتحدة أن تبادر إلى تأطير سياسة الائتلاف بقيادة السعودية لغاية التوصل إلى تسوية سياسية للحرب الأهلية وتركيز جهد الائتلاف على التصدي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وسوف تمكِّن تسوية سياسية دائمة اللاعبين اليمنيين من التركيز على توفير الحكم الرشيد ومقاتلة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. كما سوف يفضي الحل السياسي للحرب الأهلية إلى الحد أيضاً من اعتماد كل من حكومة هادي والائتلاف الذي تقوده السعودية على المليشيات التابعة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والتي يغضان الطرف عنها حالياً. ومن شأن حل سياسي شامل أن يدفع قدُماً بتحقيق الأهداف الأمنية القومية الأميركية في المنطقة من خلال إزالة بعض الظروف التي يستغلها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لتوسيع مناطق دعمه وملاذاته الآمنة.