تعد الإمارات العربية المتحدة من الوجهات المفضلة للجزائريين في منطقة الخليج، حيث يعيش بها قرابة 10 آلاف جزائري، أغلبيتهم من ذوي الشهادات العليا، نجحوا في الاندماج مع ديناميكية التطور التي يعرفها هذا البلد، وفرضوا أنفسهم كإطارات لها كفاءة ومكانة خاصة وسط المجتمع الإماراتي.
خلال زيارتنا إلى دبي، بحثنا عن أماكن إقامة الجزائريين، فوجدنا صعوبة في العثور عليهم لأن أغلبيتهم يفضلون السكن في الشارقة لأن تكلفة الكراء مرتفعة جدا، وفق ما أكده لنا عبد القادر من وهران، وهو مهندس في الميكانيك، يعيش في دبي منذ6 سنوات. فهو يعمل بشركة بدبي، لكنه مقيم بالشارقة، أين تصل تكلفة الكراء إلى نصف القيمة المعمول بها بدبي. وحسب ما علمناه من محدثنا فإن الجزائري الذي يريد العيش في دبي ينبغي أن يكون من ذوي الشهادات العليا حتى يتسنى له الاستفادة من أجر محترم، وتغطية مختلف التكاليف المنزلية التي تبقى مرتفعة بهذه الإمارة. فالذي يريد أن يعمل في ميدان النظافة أو الإطعام أو النقل ويمتهن مهنا بسيطة في المطاعم أو الفنادق لا يمكنه أن يضمن سوى قوت يومه، ولن ينجح في توفير مبالغ مالية لأن العاملين في هذه القطاعات يتراوح دخلهم الشهري بين 4000 و 5000 درهم، أي ما يعادل 1000 أورو، التي يقابلها بالعملة الجزائرية حوالي 14 مليون سنتيم، وفق بورصة السوق السوداء. لكن هذا الدخل لا يسمح للجزائري الذي يعمل بدبي بتحقيق العيش الرغد لأن ثمن كراء شقة عادية يتطلب دفع نصف الدخل الشهري، وباحتساب باقي المستلزمات والمصاريف. العملية لا تعدو أن تكون سوى مغامرة مجهولة العواقب، وقد جربها البعض ولم يكتب لهم النجاح واضطروا إلى العودة إلى أرض الوطن. كما أن مثل هذه المهن توجه خاصة للآسيويين من الهند والصين والبنغلاديش وغيرها من الجنسيات التي تصنف من اليد العاملة الرخيصة. مع العلم أن التأمين بالإمارات اختياري وليس إجباريا، وبالتالي فإن العامل قد يفقد كل جزء هام من حقوقه الاجتماعية. لكن بالنسبة للإطارات والمتحصلين على الشهادات العليا والذين يعملون عادة كأساتذة في الجامعات الإماراتية وإطارات في شركات متنوعة وسلك الطب، فالوضع مغاير وبإمكانهم أن يحظوا بمكانة اجتماعية راقية لأن دخلهم الشهري قد يصل إلى 50 ألف درهم، والتي تعادل 10 ألاف أورو، أي ما يفوق 100 مليون سنتيم كمدخول في الشهر الواحد، مما يسمح لهم ببلوغ مستوى معيشي محترم. مع العلم أن الشركات التي تشغلهم هي التي توفر لهم السكن وتقدم لهم العديد من الامتيازات.
وما لمسناه في عين المكان أن الجزائريين يحظون باحترام كبير في دبي، وذلك راجع إلى كفاءتهم وتفانيهم في العمل. كما أن هناك جزئية ساهمت في رفع شأن الجزائريين في نظر الإماراتيين، وتتعلق بالمساعدة التي قدمها الجزائريون للإمارات في الأشغال البترولية خلال فترة السبعينات، حيث تنقل العديد من كوادر من شركة سوناطراك وكان لهم فضل كبير في نقل الخبرة الجزائرية في إنتاج النفط. ولذلك يقول الجزائريون الذين التقيناهم بدبي إنه يكفي أن تقول بأنك جزائري حتى تلقى كل الترحاب بالإمارات. وهي الحقيقة التي أكدها لنا محمد، من سيق ولاية معسكر، وهو مهندس في الإلكتروميكانيك، ويعيش في الإمارات منذ ثلاث سنوات، وقد نجح في توفير مبالغ مالية معتبرة بعدما كان في السابق يعمل في إطار عقد ما قبل التشغيل بمعسكر. وحسب مصالح القنصلية الجزائرية التي زرناها بدبي، فإن عدد الجزائريين بلغ 10 آلاف جزائري، وهي أكبر جالية جزائرية في الخليج العربي مقارنة بالجزائريين المتواجدين في الدول المجاورة، لكن لمن أراد أن يدخل الإمارات من أجل العمل والإقامة، فالأفضل أن يدخلها بالشهادة والكفاءة، وله بعد ذلك أن يضمن العديد من الامتيازات.