مرصد أوروبي يكشف كيف تسخّر الإمارات جماعات الضغط ببروكسل لخدمة أجندتها
كشف مرصد الشركات الأوروبية عن تنامي جماعات الضغط الإماراتية في العاصمة البلجيكية بروكسل، لافتا إلى عدم اتخاذ الاتحاد الأوروبي التدابير الكافية لمواجهة اللوبي الإماراتي الذي يعمل على تلميع صورة أبو ظبي، ويغطي في الوقت نفسه على أهداف سياستها الخارجية في حروب دموية في اليمن وليبيا.
وتحدث المرصد (هيئة بحثية غير ربحية)، في موقعه الإلكتروني أمس الخميس، في تقرير مفصل عن تنامي جماعات الضغط التي تعمل لصالح أبو ظبي، والتي قال إنها تدعم طموحات أبو ظبي لتكون قوة كبيرة ناعمة في عاصمة الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن الإمارات هي إحدى أكثر الدول إنفاقا على جماعات الضغط في العالم، وأنها في الوقت التي تُظهر فيه صورة “دولة الاعتدال والاستقرار”، فإنها تواصل تنفيذ أهداف سياستها الخارجية في حروب دامية من اليمن إلى ليبيا.
طبيعة اللوبي
ويقول مرصد الشركات الأوروبية إن للإمارات خبراء يتخذون من بروكسل مقرا لهم، ويضم رؤساء وزراء أوروبيين سابقين، ومجموعات ضغط استشارية في “الدبلوماسية المخصخصة” (privatised diplomacy)، وتستخدم شركات للتضليل الإعلامي وتشويه السمعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال المرصد إن حكومة الإمارات أنشأت مواطئ أقدام جديدة ضاغطة لها في بروكسل، مضيفا أن طموحاتها المعلنة لتكون “قوة عالمية ناعمة” تعني أن العديد من جماعات الضغط تلك لا تساعد فقط في تلميع صورة البلاد، بل تقديمها بصفتها حليفا معتدلا وودودا للاتحاد الأوروبي.
ووفق المرصد الأوروبي، فإن مشاريع حكام الإمارات الذين يقدمون دولتهم بوصفها قوة استقرار في منطقة الخليج، ترمي إلى تقديم أي محاولات لإنشاء التعددية، أو تطوير المجتمع المدني أو أي نشاط لقوى معارضة منافسة بوصفها “مدخلا للفوضى الإسلامية والإرهاب”.
ذريعة الإرهاب
وبحسب المرصد، فقد مكنت سردية الاستقرار -التي تروج لها أبو ظبي- حكام الإمارات من استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وتشويه سمعة المعارضين، وهي أيضا أداة ملائمة يمكن من خلالها تشويه سمعة المنافسين الإقليميين، مثل قطر وتركيا وإيران بدعوى أنهم رعاة للإرهاب.
وأوضح تقرير المرصد أن عمل جماعات الضغط التي تقوم بتلميع صورة أبو ظبي وتقديمها بوصفها شريكا مستقرا في المنطقة يقدم المساعدات الإنسانية، وحليفا ضد الإرهاب والتغير المناخي، يساهم في “تغطية الجانب المظلم للدولة الاستبدادية الغنية بالنفط”.
ويستعرض التقرير نماذج من هذا الجانب المظلم لدولة الإمارات، من قبيل دورها في ارتكاب جرائم حرب في اليمن، وسحقها المعارضة المصرية ودعمها لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والقيام بدور حاسم كمورد رئيسي للأسلحة في الأزمة الليبية، ناهيك عن إساءة معاملة العمال المهاجرين، أو قمع المعارضة داخل دولة الإمارات.
وأوضح مرصد الشركات الأوروبية أن الإمارات بذلت منذ عام 2017 جهودا جديدة لتشكيل قوتها الناعمة في قلب أوروبا، وذلك ليكون لها وزنها وثقلها على المسرح العالمي، وأضاف المرصد أن هذه السعي الإماراتي كان مرتبطا جزئيا على الأقل بتنافسها الإقليمي مع قطر وقوى أخرى.
أرقام الإنفاق
وينبه المرصد إلى أن وجود فشل في الاتحاد الأوروبي في مجال الكشف عن أرقام إنفاق الإمارات على جماعات الضغط في دول الاتحاد، بخلاف ما هو موجود في الولايات المتحدة، مضيفا أن نقص الشفافية في أوروبا تتعلق بالصفقات المبرمة وحجم التمويل المتصلة بإنفاق أبوظبي على جماعات الضغط، وأن سجل الشفافية التابع للاتحاد الأوروبي لا يقدم معلومات واضحة عن الدور التي تقوم بها جماعات الضغط لفائدة من يدفعها لها.
ويستعرض التقرير عددا من المراكز البحثية والشركات الاستشارية الأوروبية التي تسهم في حملة تلميع صورة الإمارات وضرب خصومها الإقليميين، ومن أبرزها معهد بوسولا (Bussola Institute) ومقره في بروكسل، وشركة علاقات عامة في لندن اسمها “بروجيكت أسوسيت” (Project Associates)، إضافة إلى شركة استشارات في بروكسل متخصصة في “الدبلوماسية المخصخصة” اسمها “وستفاليا غلوبال أدفايزري” (Westphalia Global Advisory).
وأخيرا، يدعو مرصد الشركات الأوروبية في توصيات موجهة للاتحاد الأوروبي إلى سد الثغرات وجوانب النقص في التشريعات التي تنظم عمل جماعات الضغط، لضمان إلزامية تقديم شركات الضغط التي تعمل لصالح الدول الأجنبية بيانات مفصلة بشكل دوري لطبيعة العلاقات التي تربطها بعملائها، وأيضا تعزيز مدونة السلوك الأخلاقي لهذه الشركات لمنعها من تمثيل الأنظمة التي يصنفها الاتحاد الأوروبي ضمن الدول التي تنتهك حقوق الإنسان.