محنة الجنوب المحتل !
ما تعيشه المحافظات الجنوبية بالتزامن مع الذكرى 54 لثورة اكتوبر ضد الاحتلال البريطاني، يكشف بجلاء عن الهوة التي تزداد اتساعاً كل يوم بين المطالب والقضية التي ترفعها نخبة الحراك الجنوبي، وبين مواقف وسلوكيات الانتهازيين منهم، والذين لم يترددوا في الاحتفال بهذه المناسبة وهم مصطفون إلى جوار الغزاة والمحتلين الجدد..
وقد كشفت يوميات العدوان السعودي الأمريكي، وما آلت إليه الأوضاع في محافظات الجنوب أن الشرعية لم تكن إلا عنواناً تضليلياً، يجري استخدامه كغطاء لاحتلال أهم المواقع الاستراتيجية في الجنوب ونهب نفطه وثرواته، وتقطيع أوصاله بما يساعد على تمديد الاحتلال السعودي الإماراتي، وتأمين مصالح تحالف العدوان وإن كانت على الضد من مصلحة الشعب اليمني في الشمال أو الجنوب.
وبالإضافة، فإن انقسام ما يسمى بأطراف الشرعية والصراع المليشاوي المتفاقم فيما بينها، قد ارتد سلباً على الأمن والاستقرار في هذه المحافظات، برغم انها تخضع للحصار والعدوان الذي تتعرض له بقية مناطق اليمن، وهو ما يؤكد مجدداً أن هادي وحلفاؤه قد رهنوا قرارهم للخارج من قبل وبعد 21 سبتمبر 2014م.
المؤسف أن حساسية الانتهازيين تجاه الغزاة والمحتلين الجدد الذين تقاطروا من أصقاع العالم ليحتلوا عدن ومحافظات الجنوب، تكاد تكون منعدمة مقابل تلك الحساسية المفرطة تجاه ما يسمىونهم بـ ” الدحابشة” و”الحوافيش” الأمر الذي يستوجب الإمعان في مستقبل الجنوب واليمن عموماً قبل أن تصبح اليمن يمنات متناحرة ومتصارعة يقتتل أبناؤها فيما بينها خدمة لأجندة الغزاة والمتآمرين.
وإذا لم يتحرك الشرفاء والعقلاء من أبناء الجنوب بجدية ومسئولية لإيقاف مسلسل الإنهيار والتردي الامني في محافظاتهم، فلن نفاجأ إذا جاء اليوم الذي تصبح فيه الهويات المحلية الصغرى هي الطاغية والمعبرة عن أبناء المحافظات الجنوبية ، بل أن تحريك النزعات المناطقية قد أصبح واقعاً يكتوي بناره المواطن في هذه المحافظات، فيما النخبة الجنوبية المنتفعة منشغلة بحسابات الربح والخسارة في صفقات مشبوهة نتنة الرائحة والمذاق.
بيد أن المسئولية لا تزال مشتركة بين مختلف القوى الوطنية في الشمال والجنوب، فلا يمكن تصور أي حل للوضع المأساوي في الجنوب إن لم يكن شاملاً ومنسقاً مع ما يحدث للشمال من حصار وعدوان وأزمة اقتصادية، ولا يحق للقوى الوطنية في الشمال أن تدير ظهرها للجنوب وأبنائه حتى وإن كان الانتهازيون منهم يتصرفون بطريقة عدائية واستفزازية، فالكل في مركب واحد، ولا يمكن تصور يمن مستقل ومستقر في ظل انفصال أو تفكيك الجنوب!
ABDULLAH.SABRY@GMAIL.COM