مجلس كارنيجي لأخلاقيات الشؤون الدولية يحذر من صراع لا يمكن التنبؤ به في اليمن..
قال مجلس كارنيجي لأخلاقيات الشؤون الدولية، إن هجوم التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن على ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة مليشيات الحوثي، سيأخذ الصراع في البلاد منعطفاً جديداً لا يمكن التنبؤ به في حرب خلقت بالفعل أكبر أزمة إنسانية في العالم.
واضاف المجلس في تقرير له ترجمه “الموقع بوست” أن الخسائر البشرية لهذه الحرب ستكون مذهلة، مشيرا إلى أن أكثر من 22 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بما في ذلك ما يقرب من 18 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وأشار التقرير إلى أن الحرب في اليمن معقدة، وقال “هناك خمسة حروب، الحوثيون هم حركة سياسية دينية إسلامية من الطائفة الزيدية، بقيادة الشيعة، وهم في حرب أهلية مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، برئاسة الرئيس هادي. في هذه الأثناء، يشارك التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يتكون بالدرجة الأولى من القوات السعودية والإماراتية بدعم رمزي من الدول السنية الأخرى، في حرب بالوكالة مع إيران التي تزود الحوثيين بالسلاح والنقود والذكاء الاستراتيجي.
وفي الجنوب، – حسب التقرير – تسعى قوات الانفصال اليمنية – تدعمها الإمارات – إلى إعادة تأسيس دولة مستقلة، ما يسمى بدولة الجنوب العربي وتقاتل كل من حكومة هادي وفي بعض الأحيان أي فاعلين قبليين أو سياسيين آخرين يقفون في طريقهم، وتشارك دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا في معركة ضد الجماعات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في محاولة لتهدئة جنوب اليمن.
وقال التقرير “ليس من المستغرب أن حرب اليمن لا تقتصر على اليمن” مشيرا إلى أن ميليشيات الحوثي قد اتخذت والسيطرة على بعض المناطق الحدودية والتلال على الجانب السعودي من الحدود الشمالية لليمن.
واضاف “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الحوثيين أطلقوا صواريخ بالستية وقذائف هاون ومدفعية على الأراضي السعودية، بما في ذلك ما يقرب من 150 صاروخًا إيرانيًا مكوّنًا ضربت مدنًا سعودية كبيرة بما في ذلك الرياض ومؤخرا جيزان”.
وتطرق التقرير إلى المساعي الدولية لحل الأزمة في اليمن وقال “الشعار الذي استمع إليه من دوائر الأمم المتحدة والدبلوماسيين الغربيين ومراكز البحث في السياسة الخارجية هو أنه لا يوجد حل عسكري، إن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو عملية السلام التي تنتج التسوية السياسية بين الفصائل المتحاربة”.
وتابع “يبدو الحل السياسي وكأنه فكرة معقولة”. وقال “لا يبدو أيضًا أن هناك حلًا سياسيًا في الأفق، كما يتضح من الهجوم على الحُديدة”.
يوضح البحث أن الحروب الأهلية مع الداعمين الخارجيين تسحب الكثير، أطول بكثير من الحروب الأهلية دون تدخل خارجي. اليمن في السنة الرابعة. لقد حان الوقت لأن نكون واقعيين بشأن مستقبل اليمن – حسب تقرير المجلس.
وقال إن “أفضل أمل هو التوصل إلى تسوية تفاوضية لتحويل السيطرة على ميناء الحديدة إلى شراكة طرف ثالث محايد مثل التكنوقراطيين في الأمم المتحدة واليمن، أي. غير حزبية، مدراء محترفين”.
وأردف “مع عدم وجود حل عسكري، آفاق بعيدة لعملية سلام فعالة، معركة مستمرة من أجل ميناء رئيسي، واستجابة إنسانية باهظة لا تظهر أي إشارات على حل الوضع، من الناحية الواقعية”.
وخلص تقرير المجلس بالنصح للحكومة الشرعية بعدة خطوات ستخفف من معاناة الشعب اليمني والخروج من الأزمة.
وقال يجب أن تكون الخطوات المقبلة الواقعية قصيرة الأجل وهي – حسب التقرير – زيادة القدرة الشرائية على مستوى الأسرة من خلال زيادة العرض وخفض تكاليف السلع الأساسية والوقود والأدوية، واستقرار العملة وزيادة دخل الأسرة.
وتابع التقرير إن زيادة العرض وانخفاض تكاليف السلع الأساسية عن طريق فتح الموانئ والمعابر يتطلب الشق الأول من الاستراتيجية الاقتصادية التي تقلل من المخاطر الإنسانية، وأن يقوم التحالف الذي تقوده السعودية بالتنسيق مع حكومة هادي بفتح جميع المعابر البرية والجوية وكذلك جميع الموانئ بشكل كبير وفعال قدر الإمكان.
وقال “يجب على الأمم المتحدة والتحالف الذي تقوده السعودية العمل على إبقاء ميناءي الحديدة والصليف مفتوحين”.
واضاف التقرير “ينبغي على الأمم المتحدة أن تبذل قصارى جهدها للتفاوض على استمرار القدرة على التنبؤ والوصول، خاصة للحديدة، من خلال إدارة طرف ثالث، وآلية أكثر قوة للتحقق والتحقق من الأمم المتحدة، والتنسيق في الوقت الفعلي مع خلية الإخلاء والإنسانية السعودية (EHOC) باستخدام تكنولوجيا أفضل وآليات التواصل.
ولفت إلى أن مسؤولية تجنب كارثة إنسانية في نهاية الأمر تقع على عاتق سلطات مليشيا الحوثي التي تسيطر على الميناء والمراكز الحضرية المجاورة.
وأشار إلى مليشيات الحوثي يمكنهم التفاوض على عودة الميناء إلى مراقبين طرف ثالث، إذا اختاروا الحفاظ على تدفق مستمر ويمكن التنبؤ به من الطعام والدواء والوقود إلى مناطق سيطرتهم.
وقال التقرير “يمكن لحكومة هادي تسهيل سهولة الحركة والواردات عن طريق كسر المصالح القلة والاحتكارية في ميناء عدن، بما في ذلك فتح أسواق الاستيراد التنافسية، والحد من متطلبات الترخيص، والسماح والتسهيل للتصدير والتفريغ والعبور من الميناء.
بالإضافة إلى ذلك، قال التقرير “ينبغي على حكومة هادي التي تشارك مع التحالف الذي تقوده السعودية وربما مستثمرو القطاع الخاص توسيع ميناء المخا لتوفير الوصول إلى تعز والشمال وتوسيع ميناء المكلا.
فيما يتعلق بالمعابر الحدودية البرية، اوضح التقرير أنه يمكن للسعوديين فتح المعابر الحدودية في التوالد والخضراء للتجار التجاريين للوصول إلى ميناء جيزان في جنوب المملكة. علاوة على ذلك، هناك مجال لزيادة ساعات العمل، والمزيد من المسارات، وكفاءة أفضل من خلال معبر وادية. في حين أن المعابر البرية عن طريق عمان يجب أن تكون متاحة ويمكن أن تساعد على توسيع السوق التنافسي – حسب التقرير.
فيما يتعلق بتسهيل تجارة القطاع الخاص، قال التقرير “يمكن لحكومة هادي من خلال وزارة المالية والقطاع المصرفي التجاري إنشاء خطابات اعتماد تسهيل التجارة لمجموعة واسعة وشاملة من التجار لاستيراد السلع الأساسية والأدوية عن طريق السحب على 2 مليار دولار أودعت في الرياض في وقت سابق هذا العام”، مشيرا إلى إن الوصول إلى الخدمات المصرفية الدولية سيسمح للموردين العالميين بتقدير مخاطر أقل على التجارة اليمنية ، وبالتالي خفض التكاليف بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون نهاية الخدمة.
وحسب التقرير “يمكن إنشاء أنظمة بسيطة نسبياً في عدن (وفي النهاية الموانئ الأخرى) لبدء أنظمة جمركية آلية وشفافة، ومدفوعات إلكترونية، وحسابات مدققة في ميناء عدن للتخفيف من مخاطر الفساد، وخلق كفاءات الاستيراد، وتخفيض تكاليف وسائل النقل، لافتا إلى أن الطريقة المباشرة لخفض التكاليف وزيادة التجارة هي أن تقوم حكومة هادي ببساطة بإزالة جميع الجمارك والرسوم المفروضة على جميع السلع الأساسية، نظراً للطابع الطارئ للأزمات الإنسانية. على الأرجح، لن يتم تمرير هذه المدخرات إلى الناس في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
وذكر التقرير أنه – إذا تم اتخاذ تلك الخطوات معاً – من شأنها زيادة حجم السلع الأساسية المستوردة إلى اليمن وخفض أسعار السوق. إلا أن هذه ليست سوى نصف الحل الوحيد لتحسين القدرة الشرائية للأسر المعيشية لملايين اليمنيين.
فيما يتعلق باستقرار العملة وزيادة دخل الأسرة فإن الشق الثاني لهذا النهج – حسب التقرير- هو قيام حكومة هادي بتثبيت العملة وتخفيض الحواجز غير التجارية الأخرى التي تؤثر على قدرة الأسر على شراء السلع الأساسية.
وقال “يجب على البنك المركزي اليمني أن يتخذ خطوات جريئة لتحقيق استقرار العملة” وقال “يجب أولا على البنك المركزي اليمني أن يتعاون بشكل وثيق مع صندوق النقد الدولي لإكمال تقييمه التشخيصي وإعادة البنك المركزي إلى النظام المصرفي الدولي، ثانيا ، يجب على البنك المركزي اليمني إضفاء الطابع المؤسسي على استخدام المدفوعات الإلكترونية أو الشيكات التي تتدفق من خلال النظام المصرفي لتقليل مخاطر الفساد والسماح بالتدفقات المالية من خلال العلاقات المصرفية المراسلة. ثالثًا، بالإضافة إلى نظام ائتمان تسهيل التجارة، يمكن للبنك المركزي إعادة جدوى تقديم خطابات الاعتماد في القطاع الخاص بشكل أوسع، بحيث يتمكن حتى التجار الصغار من الشراء والبيع لتحفيز الاقتصادات المحلية.
وعن حكومة هادي قال “يجب أن يكون لدى الحكومة نظام ميزانية ومحاسبة بحيث يكون هناك وضوح فيما يتعلق باستخدام عائدات النفط ولوقف تدفق التسربات غير المعلنة التي تغذي اقتصاد الحرب”.
وتابع “إن الوضوح وتحسين استخدام الإيرادات الحكومية – خاصة للمساعدة في دفع مرتبات العاملين في مجال الرعاية الصحية والمدرسين – سيقطع شوطا طويلا لتخفيف الأزمة الإنسانية.
وأردف “إن الميزانيات الشفافة والموثوقة وأنظمة المحاسبة ستعزز من ثقة الأمم المتحدة والجهات المانحة للمساعدة في دعم مدفوعات الرواتب من خلال وزارة المالية والبنك المركزي”.
وقال المجلس “قد يؤدي الفشل في تنفيذ الموازنة الأساسية والمحاسبة إلى قيام الأمم المتحدة بإنشاء نظام تمويل موازٍ – لن يؤدي إلا إلى تقويض الثقة في المؤسسات الوطنية اليمنية”.