عن كتاب : غيوم حول الثورة الدستورية “حوار مع أساتذتي” للمفكر الكبير زيد بن علي الوزير
*د. أمين محمد الجبر
نحن لانكتب التاريخ تفصيلا أو نصوغه ونمنطقه بشكله الكامل/ المتناه ، فالتاريخ هو من يصيغ نفسه وان كانت احداثه من صنعنا نحن البشر، إنما نحن معشر المؤرخين ندون احداثه وحسب وفق قدراتنا وامكاناتنا المتاحة والممكنة والتي لا تخلو بالضروره من هوى وطبع وممكنات توجه وتحكم بالتالي تظل الحقيقة التاريخية نسبية ما بقي التمازج بين الذات والموضوع . الذات التي تتحكم فيها الأهواء وتشكلها النزعات. والموضوع المجرد القابل للتوظيف والتأويل والتزييف والتكييف و….الخ.
ناهيك عن التاريخ الرسمي الذي يصوغه دوما المنتصر والذي يشيطن. فيه المنهزم . فالتاريخ الإسلامي/ العربي في اغلب مراحله قد صاغه المنتصر على الأرجح بالتالي فإنه يتسم في طابعه العام بالرسمية المنزهة والمناسباتية ذات الدلالية المفعمة إدعاءا بالقداسة .وذلك بحسبانه- أي التاريخ- معطى جهادي ومغالبة قيمية من صنيعة قدسية النص الديني ومحايثة الالتزام به وله. بحيث أصبح كل منتصر بطلا ملائكيا منزها لم ينفذ سوى مشيئة الله والانتصار لدينه وقدره ليس غير، وفي المقابل شيطنة المهزوم ووصفه بأبشع العبارات والتهم كونه يمثل الشر المطلق لا بل الباطل ضد الحق. من هنا تبقى جدلية التوظيف والتوظيف المضاد في صياغة التاريخ هي السائدة بحيث تبقى في المقابل الصياغة الأرقى والأقرب للموضوعية التاريخية ضرب من ضروب المغامرة في بلداننا العربية ليس إلا .
وأنا أطالع الكتاب القيم الذي أهداني إياه الدكتور أحمد النهمي والمعنون ب(غيوم حول الثورة الدستورية) للمفكر الكبير زيد بن علي الوزير هالني موضوعه بل واشبع رغبتي فيما ابحث عنه أو بمعنى أدق ما انا بصدده وهو محاولة التأريخ لهذا الحدث المفصلي من زاوية مغايرة للمعتاد الرسمي أو المألوف المعارض، أعني التأريخ بتجريد الأيديولوجيا بكل تعبيراتها سواءً الرسمية أو المعارضة . كما آثار في فكري عدة تساؤلات ، وأجاب عن بعض ابهامات كانت تشكل نوع من المسلمات اعتقدنا حينا انها غير قابلة للنقاش أو مجرد التشكيك.
وبرغم مناصفتي للقراءة ومواصلتي لها بشغف يخالجني ثمة سؤال منطقي مفاده : هل نحن من ندعي انتسابا لمعشر المؤرخين بحاجة لإعادة قراءة التاريخ..
*رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب ،جامعة ذمار..