صحيفة فرنسية: السعودية والإمارات لم تحققا إلا الكوارث في اليمن
إستراتيجية هجوم الحديدة ليست جديدة وهي حكم على المدنيين بـ”الحصار والجوع”
مستقبل اليمن أصبح أكثر ضبابية بعد 3 سنوات من الحرب
نشرت صحيفة “ليزيودموند” الفرنسية، تقريرا صحفيا بعنوان، “اليمن: معركة الحديدة، ركود حرب صامتة”، أن الهجوم العسكري الإماراتي السعودي على مدينة الحديدة الذي بدأ بتاريخ 13 يونيو 2018 والذي تعتبره “السعودية والإمارات” نصرا ذهبيا في حالة الاستيلاء على المدينة والميناء الذي يعتبر الشريان الحيوي للبلاد، هذا الهجوم الجديد في الواقع هو أسوأ سيناريو تم وضعه في هذه الحرب، ويعتبره المجتمع الدولي “طريقا للاقتتال الدموي المؤدي حتما إلى كارثة حقيقية دون تحقيق أي نتائج”.
الحل العسكري بأي ثمن:
وأضافت الصحيفة، في يناير 2015، قام تحالف شكلته السعودية والإمارات رسميًا بإطلاق عملية “عاصفة الحزم” لاستعادة السيطرة على اليمن بالقوة، ومع ذلك، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على بدء هذا التدخل، لم يكن تحقق إلا الكوارث والوضع يزداد سوءا.
في الوقت نفسه، تقوم “قوات الإمارات” بتنسيق عملية عسكرية جديدة تحت اسم “عملية النصر الذهبي”، بهدف رئيسي لاستئناف السيطرة على مدينة الحديدة، والميناء الأخير الذي يعد نقطة وصول إستراتيجية على البحر الأحمر. ويتهم السعوديون خصومهم الحوثيين باستخدام الميناء لتهريب الأسلحة المرسلة من إيران، بالإضافة إلى ذلك، تعتبر ضرائب الموانئ المفروضة على الواردات أيضا أحد مصادر دخل جماعة الحوثي الرئيسية- حسب زعم الصحيفة- ومع احتلال هذا الموقع الاستراتيجي، يأمل التحالف في وقت لاحق أن يعوق الطريق الرئيسي المؤدي إلى صنعاء ويشن هجومًا جديدًا لاحتلال العاصمة صنعاء. هذه الإستراتيجية ليست جديدة، حيث تم التخطيط لها من قبل مجلس التعاون الخليجي منذ بداية عام 2017، ومع ذلك، تمكن المجتمع الدولي حتى الآن من إقناع السعودية بعدم اللجوء إليها، كونها تمثل خطرا على السكان المدنيين الذين سيحكم عليهم “بالحصار والجوع” مقابل احتمال ضعيف للنجاح العسكري، إلا أن السعودية والإمارات قررتا تجاهل التحذيرات المتعددة التي الحلفاء والمجتمع الدولي، وشنت هذا الهجوم – يوم 13 يونيو الماضي- وحدهما بعد أن رفضت الولايات المتحدة “رسمياً” تقديم الدعم اللوجستي والتقني على الأرض.
كارثة إنسانية
وذكرت الصحيفة، أنه منذ بداية الحرب في مارس 2015، كانت الحديدة قضية رئيسية بالنسبة للبلاد، حيث يوفر الميناء النقل لنحو 80٪ من السكان، المساعدات الإنسانية، والآن بات أكثر من 600 ألف شخص في المدينة والمناطق المحيطة مهددون بشكل مباشر. وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 250 ألف شخص يمكن أن يموتوا في القتال، فيما سيضطر مئات الآلاف من الأشخاص إلى النزوح، وهو ما يضيف أعدادهم إلى 3 ملايين من النازحين الذين تم تهجيرهم بالفعل في بقية أنحاء البلاد. وعلى الصعيد الإنساني، تشعر المنظمة الدولية بالقلق بشكل خاص من أن تؤدي المصادمات إلى منع أي إمدادات من الأغذية للسكان، بينما يعتبر 20 مليون شخص بالفعل في حالة طوارئ خطيرة، و8.4 مليون منهم معرضون لخطر المجاعة، ووفقا للأمم المتحدة، شهد هذا العام 2018، زيادة 25 ٪ في حالات سوء التغذية الحاد مقارنة بالسنة السابقة.
في يونيو الماضي، ذهب مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الجديد المسؤول عن الصراع، إلى صنعاء لمحاولة إعادة التفاوض على اتفاق وتجنب تصعيد عسكري آخر، وقد اعترف غريفيث أيضا بأن إطلاق مثل هذا الهجوم سيهدد حتما أي إمكانية للمناقشة للتوقيع على اتفاق سياسي، واستمر غريفيث في مضاعفة الاجتماعات والتواصل مع زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي منذ ذلك الحين.
وفي مقابلة حديثة مع الصحفي الفرنسي جورج مالبرونوت، أعلن عبد الملك الحوثي أنه مستعد للتفاوض مع السعوديين، وإن كان ذلك في ظل ظروف تقييدية إلى حد ما، على وجه الخصوص، وأيد مبدأ اتفاق نقل السيطرة على ميناء الحديدة إلى الأمم المتحدة، ومن جهته فإن التحالف، على العكس، لا يميل على الإطلاق للمناقشة ويطالب بالاستسلام التام للمقاتلين الحوثيين وإجلائهم من المدينة.
وبعد قرابة شهرين من الغارات الجوية المكثفة والغارات، ازدادت التوترات الإقليمية سوءًا، مما يؤكد مخاوف السلطات الدولية، ولم يتم بعد تحديد عدد الضحايا رسميًا حتى وإن كنا نتحدث بالفعل عن عدة مئات من الوفيات. كما توقف التقدم على الأرض بعد أن تمكنت قوات التحالف من استعادة السيطرة على المطار على مشارف الحديدة. وفي هذا السياق يمكن التكهن، بأن أي من الطرفين ليس على استعداد حقا لتقديم تنازلات، سياسيا وعسكريا، وهو ما يجعل مستقبل اليمن الآن أكثر ضبابية ويستعصي على الحل.