خاشقجي والأربعين قضية
أحدثت عملية تصفية الصحفي السعودي خاشقجي مفاعيل متعددة في العالم بعضها مرتب ومعد له مسبقا وبعضها لاحق للحادثة إما في جهة الباحث عن نصيب من حليب البقرة المتهرئة أو من جانب الباحث عن تلميع وجه القبح الدولي بالإدانات الفارغة لقضية أثارتها الاستخبارات المنفذة للتصفية حتى لا تظهر قباحة تلك الأنظمة أمام شعوبها في قضية رأي عام أريد له أن يكون عالميا ..
المهم في هذه القضية أنها أظهرت مجددا حجم النفاق الدولي وأن اللازم على الأمم الحرة أن تعيد بوصلة تفكيرها إلى ناحية التأثير لا التأثر ..
لقد انساق العالم في هذه الحادثة إلى المربع الذي أرادته وهدفت إليه الجهة المنفذة للجريمة والتي دائما تسعى من خلال افتعال قضايا هامشية وتضخيمها إلى نيل مكاسب وتحقيق أهداف كبيرة وذات أبعاد إستراتيجية تخدم مصالح تلك الدول ..
اليوم لن نتحدث عن ما حصل وكيف قتل ومن هو ومتى وأين فكلها قد تم تناولها من جميع الزوايا ولكن من خلال بوصلة المخطط والمستفيد من تبعات هذه الجريمة البشعة وكذلك لن نتحدث عنها من زاوية التشفي كون أطراف الفعل من قاتل ومقتول ينتمون لطرف استعداء في محيطه المحلي والإقليمي والدولي، دول برمتها كأداة طيعة بيد الصهيونية العالمية لا زالت ماثلة أمامنا بشكل جلي في عدوان آثم وجبان على اليمن بدعاوى لا تمت للعقل والمنطق والإنسانية بصلة مطلقا ،لذلك فهم ليس ذا بال عندنا بتاتا ،بمعنى آخر لا القاتل يستحق اللعن كونه ملعون ذاتا ولا المقتول يستحق الترحم كونه شريك القاتل في جرائمه وما حرب الخليج الثانية عنا ببعيدة ..
وعودا لما نريد توضيحه من موضوعنا هذا نقول وببساطة جدا أننا لو تساءلنا لماذا تم تصفية خاشقجي لوجدنا جوابا واحدا ولكن متعدد الزوايا فبالنظر إلى تفاعلات الجريمة فإنها هدفت كما في جرائم مماثلة أولا إلى توريط النظام السعودي وابتزازه واعتبار الجريمة مقدمة لتغيير وجوه الحكم لديهم حسب معطيات ونتائج تولي محمد بن سلمان للإدارة التي فشل فيها في تحقيق ما رسمته له الصهيونية العالمية وأن القادم يجب أن يواصل مشروعها في المنطقة لترتيب أمن إسرائيل عبر عده مشاريع أهمها دمجها في المحيط عبر التطبيع وما إلى ذلك هذا في البعد الداخلي للمملكة وهناك أبعاد أخرى وأهداف مصاحبة للهدف الأم وهو الحد من تمدد النفوذ الصيني الروسي على حساب أمريكا والدول الغربية وهذا واضح من خلال مجريات الأحداث في المنطقة وأجزم كذلك أن إخفاقات بن سلمان في حربه على اليمن واحدة من الأهداف للتصفية وإن أردنا التوسع فهذه الجريمة كون مفاعيلها قد أحدثت هذه الصحة فلا بد أن تكون ملفات الإخوان وتركيا وتداعيات الربيع العربي وتطورات الأحداث في سوريا ستدخل ضمن الأهداف الثانوية لتحريك ملف هنا أو قضية هناك ..
ومن الواجب علينا قبل كل ذلك أن نعيد التأكيد بعد أن تم صرف تفكيرنا في الاتجاه الذي أرادته الدول المنفذة للجريمة أن تعيد بوصلة تفكيرنا إلى الاتجاه الغائب عن الواقع والذي يتمثل في أننا لازلنا نتعاطى مع الأحداث من زاوية ما يراد لنا لا من زاوية ما يجب أن يكون عليه الحال فمثلا ومن خلال متابعة ردات الفعل الداخلية وجدناها لا تخرج عن اتجاهين الأول استهجان حالة النفاق العالمي الذي قامت حميته لجريمة قتل شخص ولم يتحرك ضميره لجريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب اليمني منذ أكثر من ثلاث سنوات والثانية التعاطي مع أن ما حدث ما هو إلا مرحلة جديدة من مراحل انهيار المملكة نتيجة حربها الظالمة على اليمن وهنا يجب أن تعيد تلك الاتجاهات فالعالم منافق ومغمور بالنفاق تبعا لمصالحه وما قضية فلسطين عنا ببعيدة لذا لا يجدر بنا الاستهجان أو البحث عن صحوة للضمير العالمي فذلك لن يجدي نفعا والثاني أن الاستبشار بزوال المملكة وإن كان فيه مصلحة للعالم برمته إلا أن زوالها لا يعني زوال محركها فالسعودية مثل إسرائيل ماهي إلا ذراع من أذرع الصهيونية العالمية للإفساد والبطش بالعالم خدمة لمصالحها الشيطانية لذلك كله فإن المعول عليه والمجدي نفعا هو التفكير بالعمق الإستراتيجي والذي مفاده وغايته أن نحدث نهضة إستراتيجية لنا في العالم العربي تؤثر في صنع القرار العالمي لا أن نكون بيدقا من بيادق اللعبة التي تحركها دول الثمان في حلبة صراع المصالح التي يراد بها العالم ونكون فيها مستهلكين وضحايا تلك المخططات …
وحتى يكون ذلك يجب أن تكون رسالتنا الإنسانية للعالم ذات مدلول واقعي ومدعوم بالحضور المادي القوي لتصل الرسالة وتتغير الحالة النفاقية بتغير إدارة المصالح والثانية أن نواصل مشروع التحرر من التبعية عبر استهداف مصالح الدول الاستعمارية في العالم بدلا من الاستبشار بزوال ذيل هنا أو تابع هناك هذا في الخط الأعمق للمواجهة مع عدو حرك العالم وأقام الدنيا ولم يقعدها على شخص كان ذيلا لذيل وجرنا في متاهة قضيه خاشقجي والأربعين قضية وجميعها لا تخدم وجودنا وانتصاراتنا…