حالة الأمة في التيه
إنّ الأمة العربية والإسلامية تعيش في تيّهٍ حقيقياً منذ حرب صفين وحتى يومنا هذا لأن الأمة أصبحت في صراع بين الحق الباطل ومع الأمل والحياة ولا يعلمون أنّ التيه هو في أساسه تيهاً من أجل الصراع الذي يخدم المستكبرين في الأرض الذين أبّوا إلاّ أن يفسدوا فيها ليس من أجل الأرض والإنسان أو بناء العقول التي تخدم الشعوب وبناء حضارتها ومجدها، ذلك المجد الذي ينتظره الشباب الحاضر والناشئ والأجيال القادمة، ولكن ذلك التيه الذي يعيشه أبناء الأمة من أجل مصالح أشخاص عديمّي الضمير الذي لا همّ لهم إلاّ مصالحهم الدنيوية، أو الذين يعيشون في جنون العظمة من أجل السلطة والجاه والمال، ولعلّهم يفهموا ماذا أقول وما أهدف إليه من كشف حقيقتهم التي يجرّعوا أبناء الأمة السمّ ليلاً ونهاراً، ذلك السمّ الذي يذهب من خلاله عدد من شباب الأمة قتلاً في جبهات القتال، انه الصراع بين الحق والباطل وليس كما يروج له من تخندق في نفق مظلم وتعامل مع اليهود وأمريكا لأجل تدمير الأمة ونهب ثرواتها وتدنيس بيوت الله ونهب الأراضي الإسلامية والسيطرة على الممرات البحرية حتى تبقى الأمة في سجون مغلقة في الأراضي اليابسة فقط وتسيطر على حرية الأمة بأيدي أبناء الأمة الذين باعوا أنفسهم لخدمة أعداء الإسلام ولكن لا تربطهم أي مشاعر نحو الأمة الإسلامية وكل ارتباط لهم بالذي نزعوهم من لا شيء إلى التحكم في الشعوب الإسلامية وهم يوهمون الأمة بأنهم يقاتلون من أجل الأمة الإسلامية وهم على العكس من ذلك.
إنهم أسواء من أعداء الأمة الإسلامية لأنهم يلبسون ثوب الإسلام وهم بعيدين عن الإسلام نفسه، فهل من يوالي اليهود والنصارى يُريد أن ينقذ الأمة مما هي عليه اليوم؟ إنهم يكذبون على الأمة الإسلامية في العصر الحديث ونتساءل عمن نزعهم من البداوة إلى الحكم وحماهم في عروشهم، إنهم أعداء الإسلام من أجل أن يخدموهم ويحموا مصالحهم التي تبنى فوق الأراضي الإسلامية من أموال الأمة بينما أفراد الأمة يموتون جوعاً من أجل إرضاء الأعداء الذين يعملوا ليلاً ونهاراً لنهب ثروات الأمة لتبقى شعوبهم في رغد وعيش كريم وصحة ممتازة ولا يشعرون بشيء لأنهم في راحة ممتازة، بينما أبناء الأمة الإسلامية في فقر ومجاعة ومصابين بكل الأمراض لعدم توفر الكوادر الصحية، كما يعملون بكل جهدهم حتى تكون الأمة مستهلكة فقط لمنتجاتهم التي لا تكون مثل المنتجات التي يستهلكونها في داخل بلدانهم، والله قد حذرنا من اليهود والنصارى بقوله تعالى (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)) فهل لهم نصير أولئك الذين ارتموا في أحضان الأعداء بعد التوضيح من الله في هذ الآية السالف ذكرها. إن مخالفة الله سبحانه وتعالى جرم كبير وفسوق وخروج عن الإسلام والله قال في محكم كتابه في من يتولاهم ومن يتولى من يتولاهم فهو منهم بقوله تعالى (۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)).
على الذين يتولون اليهود أن يتراجعوا عن كفرهم وعن مساندة الذين يمشون معهم وعليهم أن يرجعوا إلى كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وعلى أله وسلم، عليهم أن يرجعوا إلى الدين الحق والعدل والإسلام ولا يمكن أن يدخلوا الجنة لاهم ولا الذين يضللّوهم بالجنّة فليست صكوك الغفران بأيديّ من يتولى اليهود والنصارى أو الذين يتبعوهم، فالجنة لها شروطها المحددة وفق الشريعة الإسلامية ولكن الحقيقة مُرّه عندما يكتشف الشباب أنّ الذي جرّهم إلى هذا المستنقع أناس عديمّي الضمير ولا يوجد في نفوسهم ذرة من الايمان، لأنّ مصالحهم تأبى إلاّ أن يستمر الصراع بين أبناء الأمة الإسلامية ليس من أجل أحد وإنمّا من أجل إرضاء شهواتهم الدنيوية فقط قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)).
وكلمة أخير في هذا المقال إذا لم يتحرر الإنسان فكراً وعملاً من قيود الظلم والاستبداد والتجهيل المُمنهج فلا مجال لتحرير الأرض، وما لم نُحسن فهم ديننا ومعنى الاستخلاف في الأرض واعمارها فـسيبقى الدين عندنا قوة مانعة أكثر منها قوة دافعة، لن تتحرر أرضنا شبراً شبراً حتى نتحرر نحن فرداً فرداً.
بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد