تصاعد التوترات بين أنقرة وبرلين والأخيرة تبحث عن مكان آخر لقاعدة إنجيرليك العسكرية
تصاعد التوتر من جديد بين أنقرة وبرلين إثر منع السلطات التركية برلمانيين ألماناً من زيارة جنود بلادهم في قاعدة إنجيرليك العسكرية بأضنة جنوبي تركيا.
وانتقدت برلين الإجراء التركي الأخير حيث أكد المتحدث باسم الخارجية الألمانية “مارتن شيفر” خلال مؤتمر صحفي إن زيارة برلمانيين ألمان لجنود بلادهم العاملين خارجها في إطار التحالف الدولي، هو أمر طبيعي بالنسبة إلى الحكومة الألمانية. وأشار إلى أن لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني أبلغت وزارة الخارجية التركية رغبة وفدها في زيارة الجنود الألمان منذ أشهر ولفت شيفر إلى أن حكومة بلاده بذلت جهودها لتحقيق الزيارة التي كانت مقررة الثلاثاء، لكن الجانب التركي لم يسمح بذلك .
وذكر المسؤول الألماني أنهم لم يحصلوا على تصريح خطي بهذا الخصوص إلاّ أن وزارة الخارجية التركية ألمحت للسفير الألماني لدى أنقرة “مارتين أردمان” أن “هذه الزيارة غير مناسبة بسبب التوتر في العلاقات التركية الألمانية”.
وأضاف أن الحكومة الألمانية تفكر في حلول أخرى في حال استمرار الموقف الحالي، وأن وزير الخارجية الألماني “زيغمار جابريل” سيطرح هذا الموضوع خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد “داعش” سيعقد في واشنطن بعد يومين.
بدوره قال المتحدث باسم وزرة الدفاع الألمانية “ينس فلوسدورف” إن بلاده تبحث عن أماكن بديلة لقاعدة إنجيرليك في الأردن وجنوب قبرص والكويت، فيما أعلن “شتيفن سايبرت” المتحدث باسم المستشارة الألمانية “إنجيلا ميركل” أن بلاده ستدرس مواقع بديلة لاستقبال 270 جندياً ألمانياً ينتشرون في تركيا في الوقت الراهن، وذلك في رد مباشر على منع النواب الألمان من زيارة إنجيرليك التي تستخدمها القوات الأمريكية بمشاركة قوات أجنبية أخرى منذ سنوات عدة في إطار ما يسمى “التحالف الدولي” بزعم مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق.
ويوم أمس قالت ميركل بعد اجتماعات اللجان بحزبها المسيحي الديمقراطي بالعاصمة برلين عن قرار الحكومة التركية: “إن ذلك أمر مزعج”، لافتة إلى أنها أوضحت ذلك لأنقرة عبر قنوات مختلفة.
تجدر الإشارة إلى أن الجيش الألماني يشارك في المهمة الدولية لمكافحة “داعش” بست طائرات استطلاع من طراز “تورنادو” وطائرة تزود بالوقود انطلاقاً من قاعدة “إنجيرليك”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحظر فيها أنقرة زيارة نواب ألمان إلى قاعدة إنجيرليك حيث أرجأت العام الماضي زيارة مماثلة لبضعة أشهر، وذلك في أعقاب تصويت البرلمان الألماني لصالح قرار يصنف “مجازر الأرمن” في ظل الحكم العثماني بأنها إبادة.
ألمانيا منحت حق اللجوء لأتراك متهمين بالضلوع في انقلاب 15 يوليو
وكانت أنقرة قد عبرت في وقت سابق عن أسفها لقبول السلطات الألمانية طلبات لجوء عدد من الأتراك الذين هربوا عقب المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد منتصف يوليو/تموز 2016. وذكرت وزارة الخارجية التركية في بيان “أن قرار السلطات الألمانية يتسامح مع أصحاب العقلية الانقلابية ويحتضنهم ويهدد بتقويض العلاقات بين البلدين”.
من جانبها ذكرت وزارة الداخلية الألمانية أن الاتراك الذين تم منحهم اللجوء في ألمانيا يحملون جوازات سفر دبلوماسية ويعملون في القاعدة التابعة لحلف شمال الأطلسي “الناتو”. وأضافت الداخلية الألمانية أن 414 عسكرياً وقاضياً ودبلوماسياً وأصحاب وظائف مهمة في الدولة التركية تقدموا بطلبات لجوء إلى ألمانيا منذ المحاولة الانقلابية وحتى مايو/ أيار 2017.
وقالت إن العسكريين الأتراك الحاصلين على حق اللجوء كانوا يعملون ممثلين لبلادهم في هياكل الحلف الأطلسي بألمانيا قبل أن يستبعدوا من الجيش التركي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. ويسمم هذا الملف العلاقات التركية الألمانية حيث تتهم أنقرة برلين بإيواء إرهابيين خاصة وأن ألمانيا انتقدت عمليات الطرد والتوقيف الواسعة التي قامت بها الحكومة التركية بعد المحاولة الانقلابية.
وتصاعدت حدة التصريحات بين تركيا وألمانيا أيضاً بعدما رفضت الأخيرة ودول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي السماح لوزراء أتراك بالمشاركة في تجمعات، في إطار حملة تشجيع التصويت لصالح الاستفتاء الدستوري الذي أجري في 16 أبريل/نيسان الماضي في تركيا، ما أدى إلى رد عنيف من جانب الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” حيث اعتبر أن عقلية النازية تسود أوروبا.
ومنذ ذلك الوقت صعّدت معظم الصحف الألمانية انتقاداتها للرئيس التركي، ووصفت ملاحقة حكومته وعزلها لأعداد كبيرة من المتهمين بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة من وظائفهم بأنها “مهزلة”، وصنفت أردوغان في مصاف “أسوأ الحكام المستبدين”.
وذكرت صحيفة “سود دويتشه تسايتونج” الألمانية أن برلين رفضت في الشهور الأخيرة عدداً كبيراً من طلبات تصدير السلاح إلى تركيا، بسبب ما أسمته تزايد المخاوف بشأن تدهور حقوق الإنسان في البلد العضو في حلف شمال الأطلسي.