أحزان الروح
متى أيها العظيم ستصحو من كوابيس هذا الليل الطويل المرعب؟ متى ستنفض غبار تاريخك الحضاري المجيد؛ لتجترح من أضوائه الغابرة إكسير الحياة القادر على التعجيل بإطلالة الفجر الذي طال انتظاره، فتشرق شموس الحرية معانقة أحلام اليمانين التائقين إلى مصافحة البن والسلام ، العدل والمساواة ، الحرية والديمقراطية ، في وطن لا مكان فيه لأدوات الهدم ومعاول الخيانة ودعاة الفرقة وأبواق الارتزاق.
لماذا أيها العظيم تركت بعض أبنائك في لحظة من غياب الوعي فريسة لجوارح الطيور وبغاثها، تحيط بها الأنياب، وتتجمهر حولها المخالب؟ ولماذا تصمت وأنت ترى بعض أبنائك رؤوسهم تقتادها زبانية النخاسين إلى محارق الموت تدافع عن حدود الغزاة وبنادقهم عمياء لا تطلق النيران إلا حين تستدير للوراء فتقتل الأهل ، وتغتال الوطن، وأجسادهم تمتد جسورا تعبر عليها مقاتلات الغزاة تنهب حياة الآمنين وتقصف قبور الموتى، في مشاهد تراجيدية ستظل شاهدة على إجرام قوى العدوان وأدواتها .
أجل أيها العظيم ، لقد طال انتظاري ، وما زالت تباشير الفجر سادرة في سبات عميق، وما زالت الأسئلة تحاصرني عن حال صنعاء ، وأنا ما زلت أغني مع البردوني ،عزاف الأسى :
ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي
مليحة عاشقاها السل والجرب
ماتت بصندوق وضاح بلا ثمن
ولم يمت في حشاها العشق والطرب
لكنها رغم بخل الغيث ما برحت
حبلى وفي بطنها قحطان أو كرب
وفي أسى مقلتيها يغتلي يمن
ثان كطفل الصبا ينأى ويقترب
لقد اشتد القحط ـ أيها العظيم ـ فجف الضرع ومات الزرع ، وسالت دماء الأضاحي على سفوح التراتيل الحالمة بغيث مغدق يغسل الأرض من أحقاد الغزاة ويطهرها من أدران الجهل الطارئة على البلدة الطيبة فيستحيل السلام قدرا لا مفر منه في وطن لائق بكل اليمنيين.
ظلال شعرية:
صنعاء تقول يا توأمة روحي عدن
يا غالية يا ساكنة روح البدن
ماذا جرى من ذا الذي أسقى الفتن
ماذا حصل من ذا الذي عادى الشجن
هل ما حصل بالأمس يتكرر غدا
أم أنها مأساة جددها الزمن
يا غالية يا ساكنة روح البدن
ما أنساك يا روحي ولو جار الزمن
من كلمات ابنتي الشاعرة الواعدة أمل محمد ناشر.