عنصرية بمرتبة رئيس!!
“عبد ربه” اسم جميعاً نعرفه، هو من أصحاب الزمرة الفارين من عدن مع أحداث يناير 1986م احتضنه أبناء الجنوب مثله مثل الكثيرين من زملائه، وعلى رأسهم الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، بدأ عبد ربه بالظهور ماثلاً للعيان في حرب 1994م، حيث تسلم وزارة الدفاع حينها، وما استخدمه علي عبد الله صالح في تلك المرحلة الحرجة إلا كونه جنوبياً ووجد فيه نزعة الانتقام – ربما – ليس من أبناء الجنوب عامة، أقصد شعب الجنوب، وإنما من قيادات ورموز بعينها، فهم الذين جعلوه يفر هارباً في أحداث يناير 1986م..
أظهر حينها ، أنه حريص على الوحدة، وأن علي سالم البيض وهيثم قاسم وغيرهم من الرموز من أبناء الجنوب ومن قيادات الحزب الاشتراكي خاصة هم الانفصاليون.. وانتهت حرب الإخوة بخروج علي سالم البيض ومن معه ودخول الشرعية كما كانوا يسمونها إلى عدن والمحافظات الجنوبية بعد حرب لم تدم طويلاً، لكنها تركت في النفس أثراً كبيراً (عند أبناء الجنوب خاصة).
بعدها استمر علي عبد الله صالح في الحكم رئيساً لليمن وعين عبد ربه نائباً له مكافأة لقيادته لمعارك حرب 1994م بصفته وزيراً للدفاع.
شارك حزب الإصلاح علي عبد الله صالح في الحكم وأقصي حينها الحزب الاشتراكي وأحزاب المعارضة الأخرى، ذاع صيت عبد ربه بين أبناء الشمال أكثر منه بين أبناء الجنوب، فأبناء الجنوب يعرفون قدراته وأيضاً هو من قبل بقيادة وزارة الدفاع في 1994م، الكثير من أبناء الشمال كانوا يحترمون عبد ربه خاصة المؤتمريين منهم، فكانوا يرددون محاسنه ويثنون عليه في أماكن ومواقف ومناسبات كبيرة، إلى أن جاءت ثورة 2011م ونتج عنها تنازل علي عبد الله صالح عن الحكم كرئيس لليمن (بعد 33 عاماً) قضاها على كرسي الرئاسة.. وهنا يجب أن نتوقف ونلاحظ أنه كان يجب أن تكون هناك انتخابات تنافسية على مقعد الرئيس، لا أن تقوم المبادرة الخليجية (التي كان يتغنى بها عبد ربه في كل خطاباته) بنقل السلطة إليه، إثر إقامة انتخابات شكلية، وهي ليست انتخابات حقيقية وإنما يمكن أن نسميها تزكية بالموافقة من قبل الشعب على توليه منصب الرئاسة بدلاً عن علي عبد الله صالح..فالانتخابات يحكمها الصندوق وتكون بين مرشحين أو أكثر، كما يعرف الجميع، وبالطبع ما دامت شعبية عبد ربه في المحافظات الشمالية أكثر منها في المحافظات الجنوبية، إذاً فهو الحاصل على العدد الأكبر في المحافظات الشمالية وبين أبناء المحافظات الشمالية ليس للتعداد السكاني الأكبر وإنما كون شعبيته فيها أكبر وأكثر..
وتخلصاً من حكم علي عبد الله صالح الذي طالبت فترة اعتلائه على كرسي أو عرش الرئاسة، وعودة إلى ما نود قوله لعبد ربه الفار مرتين، الأولى من الجنوب إلى الشمال والثانية من الشمال إلى الجنوب على اعتباره رئيساً يحكم اليمن بدعم من السعودية وحزب الإصلاح الذين كانوا هم المسير الفعلي لأمور البلاد وليس عبد ربه، وعندما فكر في التخلص من ضغوطات قيادات حزب الإصلاح أرخى الزمام للحوثيين بعد تفتيت الجيش ما مكنهم من السيطرة على العاصمة بمساعدة من علي عبد الله صالح الذي تحالف معهم فيما بعد.
وأرى أن الحديث قد طال ويجب أن ننهي موضوعنا بالقول ليس أبناء الجنوب وحدهم من ركزوا عبد ربه على كرسي الرئاسة وإنما أبناء الشمال أيضاً، وكذا أبناء مشرق اليمن وغربها.. ولم يكن رئيسا لليمن كما يقول إلا بموافقة أبناء اليمن جميعاً، ونقول لعبد ربه لا يوجد رئيس على مر التاريخ يزرع الفتن ويفرق بين أبناء الشعب الواحد، وقد قمت باستدعاء تحالف العدوان لقصف اليمن أرضاً وإنسانا وتسمي نفسك رئيس.. وتنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتصرف رواتب مضاعفة لمن هم في المحافظات الجنوبية موظفين وغيرهم بينما باقي أبناء اليمن لا أمل منك في قيامهم بثورات ضد الحوثيين، وأنت تعلم أن الإبداع لا يأتي دون طعام “أعطني خبزاً أعطيك فكراً”.