الكلكتابات فكرية

رحلت مبكراً أيها الصديق

*محمد صالح النعيمي

 

جمعتني الأقدار بالراحل الدكتور أحمد صالح النهمي منذ ما يزيد عن عشرين عاماً، وتوطدت العلاقة الحزبية والنضالية معه  بأرقى معاني الاخوة والزمالة، وتشكلت خصوصيتها بوعي متميز وثقافة المناضل الجسور الذي لا ترهبه صعوبة المعركة أوحجم الأثمان التي سيدفعها كضريبة لموقفه  ، ما دام الامر في سبيل الانتصار لقضايا وطنه وشعبه.

جمعني وإياه منهج فكري يرتكز على العدل والعدالة الاجتماعية والحرية التي منحها الله للإنسان والمسؤولية التي حملها باستخلافه في الأرض.

لقد صاغ الفقيد  الراحل مفردات هذا المنهج في ثقافته الأدبية ونضال اشعاره وجمال لغته.. بل في خطابه السياسي وثبات حجته وموضوعيته وانصافه لمن يختلف معه سواء” من موقع الخصومة السياسية او غير ذلك ، عادلاً في تفكيره و منطقة ، صابراً في مسرح النضال الوطني، حكيماً ، صادحا بالحق ، ثابت الموقف والقرار ، قوي العزم و الإرادة لم يستسلم لاي عائق في طريق نضاله،  ولم يكن مغرماً بالدنيا وزخرفها وفتاتها الفاني.. في حين سقط من أجلها من كانوا ذات يوم رفقاء درب لنا ، ففشلوا في امتحان انتصار المناضلين وباعوا نضالهم بأثمان بخسة.

 لقد اعتقل وسجن  من أجل قضية يتطلب  لمواجهتها والانتصار لها نضال  المناظلين  ، فخاضها ولم يبالي   وان  كان ثمن  ذلك هو الحياة.. فلم  يبخل بها يوما” ما ، بل انه قد بذلها في أكثر من مكان و موقف و ساحة نضالية.

لقد اعتلى كل منبر وشارك في كل محفل فخاض ملاحم من الصراع في مواجهة الظلم والطغيان والاستبداد وضد الفساد والمفسدين ، فبقلمة اشعل المعارك، وباشعاره وقصائدة صدر الملاحم  وبعزمه النضالي استنهض في المناضلين هممهم وقواهم  وازال عن المحبطين احباطهم.

فرحمة الله تغشاك أيه الأخ والرفيق والصديق الوفي.. لقد تميزت  بوفاءك ونضوج  فكرك ورقي مفردات لغتك وخطابك السياسي، وعزمك و صدق موقفك .

رحلت عنا مبكراً و ما زال الوطن و معارك تحرره واستقلاله بحاجة إلى الرجال من أمثالك، وما تزال ثقافة الأجيال ايضا”  بحاجة إلى وجدان ثقافتك، وسمو خطابك و  بلاغة آدابك واشعارك و  لحن قصائدك .

رحلت عنا فجأةً فكان رحيلك  عاصفة حطمت اشرعة الامل فينا ، حزنا” وكمدا”  فما كنا نتصور بأن مسافة الرحلة ستنتهي في منتصف الطريق  وأنت في مقتبل العمر و  في قمة  عطائك الفكري والسياسي والجهادي تذود به عن وطنك وقضايا امتك  .. فقدرنا أنك قد فارقتنا في هذه المرحلة التاريخية و الاستثنائية التي يمر بها الشعب والوطن ، وقدرك فينا انك حيا”  خالدا في  وجداننا و قلوبنا بل انك اهم جزء  في ذرات الهواء التي  نحيا  بها ..

فلقد رسمت لنا وللاجيال  الحاضرة والقادمة مسارات  النضال والانتصار  بملاحم قصائدك التي صدرتها شهبا” حارقة وشررا” لاهبة   في مواجهة قوى  العدوان  وادوات الارتزاق  دفاعا” عن سيادة الشعب والوطن  بل  عنوانا” لتحرر  الشعوب والأوطان جميعها من  دنس الغزاة والاحتلال  .و اصبحت قصائدك  معلقاة ثورية يستمد منها الاحرار عزائم الجهاد والانتصار في معارك وجبهات العزة والكرامة ومصدر الهام يعزز  مسارات  الثبات والصمود على كل المستويات .

قدرنا أيه الراحل أن نواصل رحلة النضال حتى ننتهي ونلتحق  بركبكم الخالد والأبدي، فإلى جنة الخلد تسكن، وإلى رفقة الشهداء تخلد ويروى عنك أشرف تاريخ صدرته مع أبطال اليمن ومع أعظم شعب ينتسب إلى أرض اليمن، صمد وانتصر على عدوان شبه عالمي في  معركة  الخلاص   ..

فسلام عليك ايها الخالد وعلى روحك الطاهرة الزكية … ولقاءنا معك  بكرم الله وجودة في جنات الخلد  ورحاب الله الكريم

 

___

*عضو المجلس السياسي الأعلى

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى