تقرير : مرض خطير يستفحل في جسد الجيش الإسرائيلي
في السنوات الأخيرة، يواجه الجيش الإسرائيلي خطراً كبيراً وجديداً عليه، ويتمثل بازدياد عمليات الانتحار عند عناصره وضباطه جراء الأمراض النفسية التي يعانون منها والتي ازدادت خصوصاً منذ توسع عمليات المقاومة الفلسطينية الفردية لعمليات الطعن والدهس، وفي هذا السياق ذكرت مديرية العلاقات العامة التابعة لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي في 31 يناير 2017، إن معدلات الانتحار بين القوات الصهيونية وخاصة الجنود منذ عام 2011، قد زادت بشكل كبير.
وبحسب التقرير فان عام 2017 كان الأسوأ على صعيد الانتحار في الجيش الإسرائيلي، حيث كشفت المعطيات وذلك نقلاً عن قسم القوى البشرية في الجيش، أن 16 جندياً أقدموا على الانتحار في عام 2017 المنصرم، ومع أن العدد بقي في حدود مستويات السنوات السابقة، إلا أنه يعتبر الأعلى منذ عام 2011، ووفقاً لقائد مديرية القوى البشرية التابعة للجيش الإسرائيلي، الجنرال ميراف كيرشنر، فقد وقعت الأغلبية العظمى من حالات الانتحار في فترة الخدمة الإلزامية، وعلى وجه التحديد في السنة الأولى، وبلغ العدد الإجمالي للجنود القتلى في جيش الاحتلال العام الماضي 55 جندياً، من ضمنهم حالات الانتحار الـ 16.
وفي هذا الشأن كشف رئيس دائرة الطب النفسي في الوحدة الإسرائيلية الجوية، لأي شالف، في تقرير نشر في وقت سابق من العام الماضي أن عدد مرضى القسم النفسي في الجيش الإسرائيلي ارتفع إلى 47 ألف جندي بين عامي 2016 و2017، وتوقع أن هذا المعدل سوف يزداد بشكل كبير في المستقبل، ما يدل على زيادة الأمراض العقلية وتصاعد الظروف الاجتماعية غير الجيدة في الجيش وبين جميع سكان المجتمع الإسرائيلي.
والى جانب ارتفاع معدلات الانتحار بين صفوف الجيش الإسرائيلي، انتشرت مؤخراً ظاهرة “العنف” بشكل كبير في المجتمع الصهيوني أيضاً، وذلك بسبب سهولة وصول الصهاينة
إلى مختلف أنواع الأسلحة (أبرز أسباب ظاهرة العنف) ما جعلها أزمة خطيرة تشكل تحدياً جدياً للمجتمع الإسرائيلي الصغير، وهنا يتعجب محللون اجتماعيون صهاينة من عدم تحرك القيادة الإسرائيلية من أجل وضع حد لهذه الأزمة التي يصفونها بالخطيرة، بل على العكس يتهمونها بالمساعدة على تفاقمها وانتشارها في المجتمع الإسرائيلي خاصة بعد قيام جلعاد أوردار، وزير الأمن الداخلي بالسماح لأكثر من نصف مليون إسرائيلي بحمل السلاح تحت عنوان حماية النفس من العمليات الفردية التي يقوم بها الفلسطينيون في الداخل، ووفقاً للقانون الجديد والذي طبق على الفور بعد إعلانه فقد سمح لأكثر من نصف مليون من قدامى الجيش الإسرائيلي بحمل السلاح وذلك بعد خضوعهم لدورات تأهيلية على حمله.
تبريرات الوزير الإسرائيلي بتسليح مئات الآلاف من المستوطنين الصهاينة لاقت انتقاد العديد من المنظمات المدنية والقانونية الإسرائيلية، إضافة إلى انتقاد واحتجاج مختلف أطياف المجتمع الإسرائيلي المقسم، ويقول ديفيد ديفيد بن ياسهاي، وهو ضابط سابق في إدارة التحقيق في الشرطة الإسرائيلية: “سيتعرض هذا القانون بسرعة لانتقاد الناس، خاصة أنه سيساهم بشكل كبير بارتفاع أعداد الوفيات وخاصة عند النساء”.
من جانبها، حذرت رالا مازلي، وهي رئيسة المعهد الإسرائيلي لنزع السلاح، من الإجراء الذي قام به وزير الأمن الإسرائيلي، معتبرة أن حمل السلاح لن يحل أزمة الكيان الإسرائيلي، إضافة إلى أن المجتمع الإسرائيلي لا يشبه الأمريكي، ولا يمكن للمجتمع الإسرائيلي أن يصبح أمريكياً آخر.
ومن المثير للاهتمام، أن المجلس العام لمنع الانتحار في “إسرائيل” نشر في عام 2016، تقريراً أجرته وزارة الصحة الإسرائيلية حذرت فيه أن السماح للمدنيين والمحاربين القدامى بحمل مختلف أنواع الأسلحة سيزيد من حالات الانتحار والقتل بين صفوف المدنيين والجنود، وعلى الرغم من أن سياسة تسليح المستوطنين الصهاينة من قبل جلعاد أردان، قد عارضتها مؤسسات الحكومة، وخاصة وزارة الصحة، إلا أنه مستمر في ذلك ما أوجد انشقاقاً داخل حكومة نتنياهو، وذلك وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الصهيونية.
وفي السياق، ووفق دراسة علمية أجرتها جمعية “طريق للحياة ” الإسرائيلية والمتخصصة في معالجة ظاهرة الانتحار في الكيان الغاصب، فقد ازدادت أعدد ضحاياها في العقد الأخير من نحو خمسمئة إلى سبعمئة شخص ينتحرون كل عام، وذكرت الدراسة أن ستة آلاف إسرائيلي يحاولون الانتحار سنوياً ويصلون المستشفى، بينما هناك آلاف آخرون يحاولون ولا يصلون العيادات العامة، واستدلت الدراسة إلى أن الظاهرة منتشرة بين الأحداث والشباب حيث يتراوح عدد المنتحرين من هذه الفئة العمرية 12-6 سنوياً، يضاف لهم ستمئة إلى سبعمئة محاولة انتحار فاشلة. وبحسب الدراسة فإن تفاقم ظاهرة الانتحار تعود إلى الإحباط جراء الحروب، وتفشي الخمور والسموم والتنكيل الجسدي والنفسي والاستغلال الجنسي والعزلة إلى جانب أسباب أخرى كالفقر والبطالة وفقدان شخص عزيز، وأخرى غير معروفة تعرف على أنها عوامل خطر تؤثر على الأشخاص الحسّاسين المعرّضين للقيام بإيذاء النفس.
ختاماً، إذن وبالرغم من بدء الكيان الإسرائيلي مشروع تسليح أكثر من نصف مليون إسرائيلي من المدنيين تحت عنوان الدفاع عن النفس مقابل الهجمات الإسرائيلية، تبدو عواقبه المستقبلية كبيرة خاصة بسبب الأمراض النفسية التي تعرض لها الصهاينة خلال حروبهم المتتالية مع المقاومة الفلسطينية وحزب الله، فقد كشفت تقارير إعلامية عن قيام عدد كبير من الجنود من لواء “جفعاتي” -أحد ألوية النخبة بالجيش الإسرائيلي – بالانتحار على خلفية أزمات نفسية وصدمات تعرضوا لها أثناء الحروب الأخيرة مع المقاومة، وقالت وسائل الإعلام العبرية إن الجنود انتحروا وبفارق أيام، مشيرة إلى أنه عثر على أسلحتهم الشخصية إلى جانبهم، وأن أغلبيتهم كانوا في مواقع على حدود غزة ولبنان، وبالتالي، وبحسب المعطيات المذكورة أعلاه فقد يشكل هذا القانون وبحسب بعض المحللين الاجتماعيين بداية النهاية للكيان الإسرائيلي وهذه المرة على يدي جيش من جنوده المرضى.